الهولنديون يوقفون «الموجة الشعبوية»... وأوروبا ترتاح

• روتي يحتفظ بالأغلبية وفيلدرز يحل ثانياً و«الخضر» الرابح الأكبر
• أنقرة تحذر من «حروب دينية»

نشر في 16-03-2017
آخر تحديث 16-03-2017 | 19:55
أعضاء البرلمان الهولندي خلال اجتماع في مجلس النواب في البرلمان الهولندي بعد الانتخابات العامة
أعضاء البرلمان الهولندي خلال اجتماع في مجلس النواب في البرلمان الهولندي بعد الانتخابات العامة
بعد أن اعتُبرت الانتخابات الهولندية على نطاق واسع أنها مفتاح الموسم الانتخابي الأوروبي ومؤشر إلى مصير «الموجة الشعبوية»، التي بدأت مع الـ«بريكست» في بريطانيا وفوز دونالد ترامب في أميركا، جاءت خسارة حزب الحرية اليميني بزعامة غيرت فيلدرز المعادي للإسلام هذه الانتخابات لتعيد أقدام الشعبويين إلى «الأرض»، بعد أن باتت لديهم تطلعات حقيقية للوصول إلى السلطة في كل من هولندا وفرنسا وأيضاً إيطاليا.
أظهرت عملية فرز أغلبية أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية الهولندية فوز حزب رئيس الوزراء مارك روتي بأغلبية المقاعد يليه حزب "الحرية" المناهض للهجرة والإسلام بزعامة غيرت فيلدرز.

وأظهرت بيانات أوردتها وكالة الأنباء الهولندية (ايه إن بي) أنه بعد فرز نحو 95 في المئة من الأصوات حصل حزب روتي على 33 من جملة 150 مقعدا في البرلمان، في انخفاض عن 41 حصل عليها في الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2012، وفاز فيلدرز بالمركز الثاني بعد حصوله على 20 مقعدا، وحل حزب "النداء المسيحي الديمقراطي" وحزب "الديمقراطيين" في المركز الثالث بعد أن حصل كل منهما على 19 مقعدا.

ومني "حزب العمال" بخسارة قاسية، ومن المتوقع أن يحظى بمقعد واحد في البرلمان الجديد، واعتبر حزب "اليسار الأخضر" الرابح الأكبر في الانتخابات بعد فوزه بـ14 مقعداً مقابل أربعة مقاعد في الانتخابات الأخيرة، لتكون بذلك مجموع الأحزاب الفائزة بمقاعد البرلمان الهولندي 13 حزبا.

وبلغت نسبة المشاركة 78 في المئة، وهي الأعلى في الانتخابات الهولندية منذ عشرة أعوام. ومثلت الانتخابات اختبارا لما إذا كان الهولنديون يريدون إنهاء عقود من الليبرالية واختيار مسار قومي مناهض للمهاجرين، والذي يدعو إلى وقف هجرة المسلمين إلى هولندا، وإغلاق كل المساجد وحظر القرآن من خلال التصويت لفيلدرز.

وبدأ روتي زعيم الحزب الليبرالي أمس مشاورات تشكيل حكومته الجديدة بولايته الثالثة، ومن المتوقع أن تستمر المحادثات على مدى الأسابيع أو الأشهر المقبلة. ويحتاج روتي إلى تشكيل حكومة ائتلافية من 4 أحزاب.

رفض الشعبوية

وأظهرت النتائج أن الهولنديين صوتوا لمصلحة "الاتحاد الأوروبي" والأحزاب الليبرالية، في حين قال روتي في أول تعليق له: "اليوم نحن نحتفل بالديمقراطية"، معتبرا أن "هولندا رفضت الشعبوية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والانتخابات الأميركية التي فاز بها الشعبوي دونالد ترامب.

وتلقى روتي دفعة في اللحظة الأخيرة، بعدما كان متخلفا عن فيلدرز باستطلاعات الرأي، من خلاف دبلوماسي مع تركيا سمح له بتبني موقف صارم من دولة ذات أغلبية مسلمة خلال الحملة الانتخابية التي كانت من أبرز قضاياها الهجرة والاندماج.

لكن مابل برزين أستاذة علم الاجتماع بجامعة كورنيل في الولايات المتحدة قالت، إنه يجب عدم اعتبار هزيمة فيلدرز، وهو في البرلمان منذ نحو 20 عاما، علامة على أن النزعة الشعبوية في أوروبا تتراجع. وكان روتي وفيلدرز اختلفا بحدة خلال مناظرة تلفزيونية بشأن كيفية الحد من الهجرة مساء أمس الأول.

ورفض روتي، المنتمي إلى يمين الوسط، خطة فيلدرز التي تدعم فكرة إغلاق الحدود والمساجد وحظر القرآن، ووصفها بأنها "حلول كاذبة".

في حين اتهم فيلدرز منافسه روتي بتحسين خدمات الرعاية الصحية للمهاجرين بدلا من الهولنديين أنفسهم.

«ربيع» فيلدرز

في المقابل، قال فيلدرز، إنه لم يحقق الفوز الذي كان يطمح إليه في الانتخابات، لكنه مستعد لمعارضة قوية.

وأضاف للصحافيين: "كنت أفضل أن أكون صاحب الحزب الأكبر... لكننا لسنا حزبا خسر. فزنا بمقاعد. هذه نتيجة نفخر بها".

ونشر فيلدرز "تغريدة" على "توتير" مفادها أن "روتي لم ير بعد كل ما يمكنه تحقيقه". وكتب "لقد كنا الحزب الثالث في هولندا، والآن نحن الحزب الثاني، والمرة المقبلة سنكون رقم واحد".

وأضاف النائب المتطرف "نحن فخورون بأكثر من مليون هولندي، أصبحوا يدعمون الحزب بعد 20 عاما من تأسيسه"، مبشرا بما وصفه بـ"بداية الربيع الهولندي".

ولم يحقق حزب فيلدرز النتائج التي توقعتها استطلاعات الرأي.

تهنئة وارتياح

في غضون ذلك، شكلت النتائج مبعث ارتياح لأحزاب التيار الرئيسي في أوروبا خاصة فرنسا وألمانيا حيث يأمل اليمينيون القوميون تحقيق مكاسب كبيرة في الانتخابات هذا العام وهو ما يحتمل أن يمثل تهديدا لوجود الاتحاد.

وتلقى روتي رسائل تهنئة من بعض الزعماء الأوروبيين وتحدث إلى بعضهم هاتفيا. ودفعت النتائج اليورو إلى الصعود إلى أعلى مستوى له في مقابل الدولار منذ السابع من فبراير الماضي.

ورحب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بفوز روتي. وقال في بيان إن "الرئيس يقدم خالص التهاني لمارك روتي على انتصاره الكبير على التطرف".

وكتب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو في تغريدة: "أهنئ الهولنديين على وقف صعود اليمين المتطرف".

ومن المتوقع أن تصل مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن للجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية في مايو المقبل، بينما يرجح أن يحصل حزب "البديل" من أجل ألمانيا المناهض للمهاجرين و"الاتحاد الأوروبي" على مقاعد في البرلمان الألماني للمرة الأولى خلال الانتخابات التي تجرى في سبتمبر المقبل.

وكتب بيتر ألتماير رئيس مكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على "تويتر": "هولندا. يا هولندا أنت بطلة! أهنئك على النتيجة العظيمة".

حروب دينية

إلى ذلك، حذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من حدوث "حروب دينية" في أوروبا بعد الانتخابات التشريعية في هولندا.

وقال الوزير متوجها إلى القادة الأوروبيين: "إلى أين تذهبون؟ إلى أين تقودون أوروبا؟ بدأتم تفكيك أوروبا والسير بها نحو الهاوية". وأضاف أن "حروبا بين الأديان ستندلع قريبا في أوروبا".

ورأى جاويش أنه "ليس هناك فارق بين حزب روتي والفاشي فيلدرز، إنها العقلية نفسها".

وأعلن الوزير التركي عن اتخاذ خطوات ضد هولندا، وقال: "لا يمكننا التعامل مع الهولنديين وكأننا متطفلين. إن المواطن التركي ليس متطفلا في أي مكان".

وأشار وزير الخارجية التركي إلى ان "أوروبا ستتعلم كيف يتعين عليها التعامل مع تركيا، وإلا فسوف تعلمها تركيا ذلك"، غير أنه أكد أن بلاده لا ترغب في تصعيد التوتر مع ألمانيا وهولندا، مشددا على أن أنقرة لم تفتعل أي أزمة معهما.

في موازاة ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في خطاب متوجها إلى رئيس الوزراء الهولندي، "روتي، ربما حل حزبك في المرتبة الأولى في الانتخابات، ولكن عليك أن تعرف أنك خسرت صداقة تركيا".

back to top