يبدو لي أننا جميعا وعلى رأسنا الحكومة نتعامل مع مستقبل الكويت بالكثير من الاستخفاف، فلا نريد أن نصدق أن النفط تراجع إلى نصف قيمته السابقة ولا نشعر بخطر ما يدور حولنا، ولا نهتم بما سيجدث لأبنائنا وللكويت عامة باستمرار سياسة وطبائع الهدر والفساد. كل شيء يسير على حاله حتى والحكومة تعلن سعادتها أن العالم مستعد لإقراضنا بعد أن كنا نقرض العالم، ولا أستبعد أن يتوقع المسؤولون الحصول على لقب جديد نفرح به للكارثة التي ستلم بنا.

لم يتقدم أحد من الأحد عشر مليونيريا كويتيا إلى حكومة الكويت ليقول لا داعي للاقتراض فهذه كويتنا ونحن أولى بالفزعة لها، وأننا مستعدون لتقديم الغالي والنفيس من أجلها؟ على العكس نرى البعض ينقل أمواله وأعماله إلى الخارج خوفا عليها ولا يخاف على الكويت.

Ad

لم أشاهد مواطنا يتقدم بإلغاء الفائض من العمالة عنده لتخفيض المصروفات ووقف هدر الكهرباء والماء وتقنين مصروفاته تحسبا للقادم ومساهمة في ترشيد إنفاق الدولة، ولم أر نقابة تتقدم باقتراح لتخفيض الرواتب وإعادة النظر في الحوافز لتذهب لمستحقيها بدل تشجيع المتملق والمنافق، لم أسمع مقاولا يقول إنه قادر على إنجاز مشروعات الدولة بنصف الأسعار السائدة محليا، وهي في الحقيقة ضعف أسعار العالم والجوار.

لم أر أحدا من علية القوم ممن يملكون ثروات تغطي الكويت وعشر دول في حجمها ليقدم نصف ثروته للبلاد، فقد اغتنى بخيرات هذا البلد وتقديم نصف ثروته لن يسبب له أي مشكلة وسيظل بعدها من أغنى الأغنياء.

لم أسمع بأي تحرك لأي موظف ليعيد النظر في دوره بالوظيفة ليضاعف الجهد والإنجاز والتطوير لكي يستلم الكويتيون مهام الوظائف العامة بجد ممن يسيطرون عليها الآن ويتحكمون بأوصال الدولة.

الحكومة وجدت الحل في الحصول على أموال من العالم وربط الكويت بديون ترهن في سبيلها نفطها وهو تحت الأرض حتى نصل إلى مرحلة خدمة الديون بكل ما ينتج، ويعود الناس لصيد الأسماك وشرب مياه البحر، هل فكرت الحكومة بتبعة هذا الاقتراض؟ ألم تسمع بما حدث للدول التي سارع النظام العالمي لنجدتها وإقراضها ماحدث لها بعد ذلك؟ وزير المالية فرح بإقبال العالم على الاكتتاب بسندات الحكومة. طبعا سيقبل علينا العالم فهو يعلم ما عندنا تحت الأرض وهو كل ما نملك، فهل يفرح لرهن مستقبلنا؟ وهل فرح وهو يعلم أي مستقبل مظلم وضعنا فيه؟

بعض الدول تقترض لأنها عندها مشروعات تنموية يراها ويقدرها العالم وهي تخدم نفسها دون أن تؤثر بالبشر، وبعض الدول تطرح مشروعاتها لمن يمولها ويقيمها ويستخدمها لفترة من الوقت تعود بعده للدولة، فماذا أعددنا للتمويل المطلوب، مزيدا من الهدر والتدليع للمواطن للتغطية على النهب أم ماذا؟

لو كان في الحكومة حكيم واحد، ولو كان في الأثرياء وطني مخلص واحد لاتخذنا مسارا غير هذا، ولوجدت الحكومة كل شعبها يؤازرها مهما كانت القرارات صعبة ومزعجة، أفيقوا واشبعوا نهماً وأيقظوا ضمائركم ولا تلعبوا بمستقبلنا.