أسباب عديدة دفعت الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد بشكل عام والدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي على وجه الخصوص ومن ورائها إيران إلى افتعال أزمة سياسية واقتصادية مع إقليم كردستان ورئيسه مسعود برزاني، والتي توجت بحصار شديد ما زال يعكس تأثيرا مدمرا على المجتمع الكردي منذ ثلاث سنوات، وذلك لإخضاع برزاني إلى هيمنتها الطائفية التي بدأت تتوسع وتمتد لتشمل العراق والمنطقة، وهي تفعل أي شيء للوصول إلى إهدافها ولن يردعها رادع، وبعد أن تخلصت من الخطر السني إلى حد كبير عبر سلسلة من الصراعات والمعارك الطائفية المريرة ذهب ضحيتها عشرات الآلاف، توجهت نحو الإقليم الكردي، واستطاعت أن تخترق وحدة الصف الكردي التي طالما تفاخر بها الأكراد واعتبروها قلعة منيعة لن يستطيع الأعداء عن اختراقها. وأخيرا وبعد جهد وصراع مرير نجح ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي في تشكيل تحالف سياسي مع الحزبين الكرديين: الاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير، اللذين لهما نفوذ شعبي واسع، وقد يدخل معهما بقائمة واحدة في الانتخابات العراقية القادمة التي تبدأ بعد شهور قليلة، ويحقق الهدف الذي سعى إليه جاهدا، وهو إقرار الأغلبية السياسية في الحكم، وبموجبها سيتولى الحكم لولاية ثالثة ويستمر في سياسته الفاشلة لأربع أو ثماني سنوات أخرى.
إضافة إلى ذلك فإنه سيوجه ضربة قاصمة إلى خصمه السياسي اللدود برزاني، ويدفعه إلى زاوية ضيقة مميتة يضطر فيها إلى عقد تحالف مماثل مع أقطاب الشيعة الآخرين "مقتدى الصدر وعمار الحكيم وحيدر العبادي" الذين ظهروا وكأنهم مختلفون عن المالكي وعلى خصومة سياسية معه (زوراً) وهم لا يختلفون عنه في شيء، هدفهم جميعا واحد هو إجهاض مشروع الاستقلال الكردي الذي يتبناه برزاني، والعودة إلى حضن الدكتاتورية العراقية.ولن ينسى المالكي ولا القوى التي تقف وراءه الموقف المتشدد الذي أبداه برزاني تجاه مدهم الطائفي والسماح لقواتهم بالوجود في كردستان ونقل المؤن والمساعدات العسكرية إلى نظام بشار الأسد الطائفي المجرم عن طريقها، فالمنطقة التي يسيطر عليها حزب برزاني، وهي تتكون من مدينتي أربيل ودهوك، تمثل لهم استراتيجية كبيرة من وجوه عدة؛ أولا لأنها تحاذي دولتين تمثلان لها أهمية بالغة في المنطقة، وهما الدولة التركية العدوة التاريخية التقليدية والقوة المنافسة لها في المنطقة، والدولة السورية الحليفة التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، وهي تحتاج إلى طريق سالك لإيصال الدعم اللوجستي لها في خضم صراعها الطائفي مع خصومهم، والطريق السالك والسهل لسورية يمر عبر المنطقة التي يسيطر عليها برزاني، وهو يرفض رفضا قاطعا توريط الإقليم في حرب طائفية عبثية لا ناقة له فيها ولا جمل، وكذلك رفض "إعطاء الإيرانيين ممرا برياً دائماً (كاريدور) عبر هذا الإقليم لربط إيران بسورية، وأيضا رفض طلبا لرئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بأن يزور برزاني دمشق ويلتقي بشار الأسد على حد قول الكاتب "صالح القلاب"، وبسبب كل ذلك فإن القوى الشيعية الدولية المتحالفة مع الأحزاب الحاكمة في بغداد مازالت تثير الأزمات وتفتعل المشاكل وتضع العراقيل أمام إقليم صغير آمن يؤوي أكثر من مليونين من النازحين العراقيين واللاجئين السوريين الهاربين من جحيم "بشار" و"داعش"، تمهيدا للإطاحة بـ"برزاني"، لأنه رفض الخضوع لأجندتهم الطائفية فقط.
مقالات - اضافات
مؤامرة للإطاحة بالرئيس برزاني
17-03-2017