أصبحت الخصوصية نوعاً نادراً من الرفاهية والحرية في زمن التواصل الاجتماعي، أينما تذهب، فإنك محاصر بكاميرات المراقبة! فالكل يرصد جميع الأحداث– التافه منها قبل المهم- وينشرها في حسابه الشخصي على مدار الساعة. وللأسف يملك البعض الكثير من وقت الفراغ الذي يقضونه في التطفل وتقصي الوجوه، وهنا تكمن خطورة انتهاك خصوصيتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

فلا تستغرب إن وجدت فيديو أو صورة لك وأنت تتجول في أحد الأسواق تم التقاطها دون استئذانك، فوجهك أصبح ملكية عامة لوسائل "المراقبة" الاجتماعية!! تلك الوسائل غير البريئة والتي ترصد "لايكاتك" واهتماماتك كي تصمم الإعلانات التجارية التي تتلقاها "على ذوقك"! وبذلك تضمن لك المزيد من التشتت والاستهلاك وإعادة تشكيل القناعات عن طريق التكرار والتأثير، ناهيك عن السرقات والانتهاكات الأمنية الناتجة عن مشاركة جميع المعلومات الخاصة، كمكان الوجود وتاريخ الميلاد وكلمات السر في التطبيقات الترفيهية.

Ad

قد يواجه طلبك بعدم التصوير بالكثير من التأفف والاتهامات بالتعقيد، والتبرير بأنه "لا يهم"، فجميعنا مرئيون عبر الأثير الإلكتروني! لكنها تبقى حرية شخصية يجب احترامها، فأنت من يقرر ما الذي يُنشر عنك وما لا يُنشر.

لكن المضحك في الأمر أن الأغلبية يودون أن يكونوا مشاهير! فنحن نعيش في مجتمع أصبح عدد مشاهيره أكثر من عامة شعبه!!

لا ضرر من الشهرة إذا كانت مستحقة عن طريق التميز بإنجاز أو موهبة، لكن الحاصل هو أن مشاهير التفاهة الاستهلاكية هم الأكثر انتشاراً، فماذا يقول ذلك عنا؟ ولو نظر هؤلاء إلى المستقبل القريب لراجعوا قراراتهم، فليس الربح المادي هو كل شيء.

الجميع يصارع من أجل الانتشار وحصد "اللايكات"، غير مدركين أنه لا خط رجعة بعد أن يتعرف الناس على وجوههم وسلوكياتهم، فيربطونها بدلالات وأفكار معينة قد يغير أولئك المشاهير رأيهم عنها، بل قد يندمون عليها لاحقاً، خصوصاً إذا جاءت الشهرة مبكراً قبل النضوج. فما أجمل أن تتنزه دون أن يأتيك مجهول ما ويتعرف على وجهك، فيقوم بسؤالك عن تفاصيل حياتك الخاصة والتي نشرتها أنت دون حسبان! وما أجمل الحصول على التقدير والاحترام في محله مقابل إنجاز العمل النافع والنبيل في وجه موجة التغييب والاستهلاك العارمة التي نواجهها!