يحقق الجيش الروسي تقدماً مستمراً في استعماله الأنظمة غير المأهولة في عملياته العسكرية: استخدامه الطائرات بدون طيار في الاشتباكات المحلية والدولية موثق بدقة، وفي مطلع هذه السنة طلب بوتين نفسه تطوير "أنظمة آلية مستقلة" للجيش.

صحيح أن معظم المركبات البرية الروسية غير المأهولة لا تزال في طور التصميم ومراحل الاختبار والتقييم، إلا أن استخدام القوات المسلحة الروسية آلات مماثلة واضح، على سبيل المثال يساعد آلي إزالة الألغام Uran-6، الذي تصنّعه JSC 766 UPTK، المهندسين العسكريين الروس في سورية، مساهماً في تنظيف المناطق المسترجعة من الألغام، والأجهزة المتفجرة المبتكرة، والذخائر غير المنفجرة، واستُعملت هذه المركبة البرية غير المأهولة، التي صُممت للعمل في بيئات بالغة الصعوبة، أول مرة بنجاح في ساحة القتال في سورية، وما زالت تُستخدم هناك منذ سنة تقريباً.

Ad

لكن التحقيقات الدولية تكشف أن هذا الاستعمال لأنظمة برية مقاتلة غير مأهولة لم يحدث على الأرجح، مع أن عدداً من تصاميم المركبات البرية غير المأهولة الروسية يشير إلى احتمال استخدامها في سيناريوهات قتالية عدة.

في عام 2013، أجرت وزارة الدفاع الروسية مراجعة للمركبة البرية غير المأهولة "أرغو"، التي صممها معهد التصميم المركزي لعلم الآليين والتحكم الآلي التقني، إذ صُمم هذا النظام، الذي يتنقل على دواليب، للقيام بالدوريات وجمع المعلومات، كذلك زُوِّد هذا التصميم ببندقية رشاشة بعيار 7.62 مليمترات وعدد من الصواريخ، ومن الممكن استعمال "أرغو" أيضاً لتنفيذ عمليات برمائية وتقديم الدعم اللوجستي.

تشمل المركبات البرية الروسية غير المأهولة الأخرى التي تُطوَّر نظام الهندسة وإزالة الألغام Prohod-1، الذي صنعه مكتب Signal للتصميم، كما أن هذه المركبة خضعت لتجارب حكومية نحو نهاية صيف عام 2016.

قبل بضع سنوات عقد مكتب Signal للتصميم شراكة مع مصنع Degtyarev هدفها إنتاج مركبة برية أخرى غير مأهولة: Nerehta. من المتوقّع أن تعمل هذه المركبة الصغيرة المزوَّدة بمجموعة من الأسلحة، منها بندقية رشاشة بعيار 7.62 مليمترات، في ثلاثة مجالات: القتال، وجمع المعلومات، والنقل أو الدعم اللوجستي. وفي وقت سابق اختارت منظمة الدراسات المتقدمة الروسية (نظير وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية الأميركية) Nerehta كمنصة بحث وتطوير لعدد من أشكال التكنولوجيا الجديدة والناشئة، بما فيها الذكاء الاصطناعي والتعاون مع المركبات الجوية غير المأهولة.

بالإضافة إلى ذلك لا بد من الإشارة إلى أن معظم تصاميم المركبات البرية غير المأهولة الروسية معدّ أيضاً للتحكم عن بعد، بما أن مؤسسة الدفاع الروسية لا تتقبل بالكامل فكرة استقلال المركبات التام في اتخاذ القرارات على أرض المعركة. لكن هذا السلوك قد يتبدّل قريباً مع مواجهة الجيش الروسي عدداً متزايداً من المركبات الحربية غير المأهولة في بيئات قتالية متنوعة.

على غرار تكنولوجيا المركبات الجوية غير المأهولة، التي اقتصرت بادئ الأمر على الجيوش المتطورة وصارت اليوم متوافرة للمواطنين عامة والقطاعات غير الحكومية، تتبع تكنولوجيا المركبات البرية غير المأهولة المسار التطوري ذاته. فتشير بعض التقارير إلى ابتكار مجموعات معادية في الشرق الأوسط مركبات برية غير مأهولة بدائية من دون استثمار كبير أو دعم صناعي من الحكومات أو وزارات الدفاع.

في منطقة الاتحاد السوفياتي السابق، لا تُعتبر روسيا الوحيدة التي تطور مركبات برية غير مأهولة لغايات قتالية، فعلى سبيل المثال شملت الابتكارات الأبرز في معرض الدفاع IDEX-2017، الذي عُقد أخيراً (علماً أنه أحد المعارض الأكبر في العالم)، مركبة "فانتوم" البرية غير المأهولة الأوكرانية المزوَّدة بعدد من الأسلحة والمخصصة لمجموعة متنوعة من المهام. عرضت، على نحو مماثل، جارة روسيا إستونيا نظام المشاة THeMIS القياسي التكتيكي، ومع تنامي استعمال أنظمة القتال غير المأهولة المتنوعة، لا شك أن المركبات البرية غير المأهولة الروسية ستشكل جزءاً لا يتجزأ من عمليات القوة النظامية، مبدلةً بالتالي طريقة تعاون الجنود مع الآلات بغية تحقيق فاعلية أكبر ونتائج أفضل.

*صامويل بندت