غداة إعلان وزارة البترول المصرية أن شركة النفط السعودية "أرامكو" ستستأنف توريد المشتقات البترولية إلى مصر بعد توقف دام لنحو ستة أشهر، بدا أن العلاقات المصرية السعودية طوت صفحة التوتر التي سيطرت على الأجواء بين أكبر دولتين عربيتين، في ظل مستجدات تعصف بالمنطقة، كما رحبت القاهرة باللهجة السعودية المتصاعدة ضد جماعة "الإخوان"، المصنفة إرهابية في مصر، ما يكشف عن رغبة متبادلة لتجاوز مرحلة التوتر.

وقال وزير البترول المصري، طارق الملا، لـ"الجريدة": "أرامكو قررت استئناف توريد شاحنات البترول لمصر مرة أخرى دون أية شروط، وإن الاتفاقية بين مصر والسعودية التي تم توقيعها في أبريل الماضي، كما هي دون تغيير، في شروط التعاقد وتسهيلات الدفع"، مشددا على أن أول شحنة من المشتقات ستصل إلى مصر نهاية الشهر الحالي، أو بداية شهر أبريل المقبل كأقصى تقدير.

Ad

وأوضح الملا أن الشركة السعودية بينت للمسؤولين المصريين أن تذبذب أسعار النفط عالميا، وراء التوقف المؤقت لعملية ضخ البترول لمصر، كاشفا عن جاهزية ميناءي الإسكندرية والسويس لاستقبال شحنات النفط.

ووقعت الحكومة المصرية مع نظيرتها السعودية، خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان للقاهرة أبريل الماضي، على اتفاقية إمداد مصر بمشتقات بترولية بـ 700 ألف طن شهريا، لمدة خمس سنوات، بإجمالي 23 مليار دولار، مع تيسيرات في إجراءات السداد، على 15 عاما بفائدة 2 في المئة، لكن "أرامكو" توقفت عن تنفيذ الاتفاقية منذ أكتوبر الماضي، على وقع خلافات مصرية - سعودية وتوتر في العلاقات بسبب تباين المواقف حول القضية السورية.

وأكد مصدر مصري رفيع المستوى لـ "الجريدة" حدوث انفراجة في العلاقات المصرية - السعودية، وأن دولا خليجية لعبت دورا في تصفية الأجواء بين القاهرة والرياض، وبذلت جهودا لتقريب وجهات النظر، وأشار المصدر إلى أن مفاوضات عودة شحنات النفط أجريت خلال الأسبوعين الماضيين، وأن وفدا من شركة "أرامكو" قد يزور مصر خلال الأيام القليلة المقبلة، لتأكيد الاستمرار في ضخ المشتقات البترولية، وأن الانفراجة تشمل ضخ استثمارات سعودية في الفترة المقبلة، متوقعا أن تشهد القمة العربية في الأردن نهاية الشهر الجاري، لقاءات بين الجانبين المصري والسعودي لمناقشة الملفات المشتركة وتقريب وجهات النظر فيها.

ترحيب مصري

وبعد ساعات من إدانة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لجماعة "الإخوان المسلمين"، رحبت القاهرة، التي تصنف الجماعة إرهابية، بالخطوة الأميركية - السعودية المشتركة، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، في تصريحات خاصة لـ "الجريدة": "تطابق وجهات النظر السعودية والأميركية حول تنظيم الإخوان هو تأكيد لوجهة النظر المصرية، التي طالما أكدت أن هذه الجماعة تعمل ضد القانون". وأضاف أبو زيد: "الجماعة تدعم الإرهاب، والموقف الأميركي السعودي هو نجاح للدبلوماسية المصرية التي كشفت هذه الجماعة"، مؤكدا أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أميركا ستعمل على مناقشة ضرورة مكافحة الإرهاب، من خلال تتبع المنظمات التابعة للإخوان، والعمل على فرض قيود على حركة أموال الجماعة.

ووصلت جماعة "الإخوان" إلى سدة الحكم في مصر، قبل أن تطيح ثورة "30 يونيو"، بالرئيس محمد مرسي 3 يوليو 2013، لتندلع مواجهات بين النظام المصري الجديد والجماعة، التي سقط قاداتها تباعا في قبضة الأمن، على خلفية تنظيم عمليات عنف، ليتم تصنيف الجماعة تنظيما إرهابيا من قبل القاهرة نهاية العام 2013.

إلى ذلك، اعترف وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، مصطفى مدبولي، أمس الخميس، بأن مصر دخلت مرحلة الفقر المائي بالفعل، مع تناقص نصيب الفرد إلى نحو 700 متر مكعب سنويا، فيما تصل المعدلات العالمية إلى ألف متر مكعب سنويا، متوقعا أن يستمر تناقص نصيب الفرد مع التزايد المطرد في عدد السكان، وثبات موارد مصر التقليدية من مياه الشرب، وأشار، في كلمته بمؤتمر "تحلية المياه في الدول العربية"، إلى أنه لم يعد أمام مصر غير المضي قدما وبسرعة شديدة في مجال تحلية مياه البحر.

في المقابل، قال أستاذ المياه والتربة بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، لـ"الجريدة": "إن مصر دخلت حالة الفقر المائي منذ سنوات، فهي تعاني من نقص في الماء، يبلغ 28 مليار متر مكعب سنوياً، يضاف إليها 12 مليار متر مكعب آخرين عجزاً بعد تشغيل سد النهضة الإثيوبي، الذي سيؤثر سلبا على حقوق مصر التاريخية من مياه النيل".

وشدد نور الدين، على أن تحلية مياه البحر غير مجدية اقتصاديا في مصر، لأن تكلفة تحلية متر مكعب واحد من مياه البحر تتراوح بين 40-50 سنتاً أميركياً (نحو 8-10 جنيهات)، ما يجعل التكلفة ضخمة جداً، مقارنة بـ 3.5 جنيه هي تكلفة إيصال مياه الشرب للمنازل حاليا.

قضائيا، حددت محكمة استئناف القاهرة، أمس، جلسة ٥ أبريل المقبل، لبدء أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية "الرشوة الكبرى"، التي تضم مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، جمال الدين محمد إبراهيم اللبان، واثنين آخرين، إذ كشفت التحقيقات أن اللبان تقاضى عطايا تمثلت في مبالغ مالية وفوائد غير مادية على سبيل الرشوة، ومن المقرر أن تجري محاكمة المتهمين أمام الدائرة التاسعة بمحكمة جنايات شمال القاهرة.

في غضون ذلك، اختتمت أمس، فعاليات التدريب البحري الجوي المشترك "حمد 2"، والذي نفذته عناصر من القوات المسلحة المصرية والبحرينية، والذي استمر على مدار عدة أيام، واشتمل على العديد من الأنشطة والفعاليات، تضمنت أعمال الاستطلاع البحري للأهداف المعادية، بينما استمرت فعاليات التدريب المصري الإماراتي المشترك "زايد 2"، الذي تشارك فيه عناصر من القوات البحرية والجوية والبرية من الجانبين، والذي يأتي ضمن الخطة السنوية للتدريبات المشتركة للقوات المسلحة.