6/6 : الشادي الأستاذ

نشر في 17-03-2017
آخر تحديث 17-03-2017 | 00:25
 يوسف الجاسم طوفان المحبة ومشاعر الفرح، الذي أحاط به الناس فنانهم الأول عبدالعزيز المفرج (شادي الخليج)، بعد عودته من رحلة العلاج، عبّر عن مكانة ذلك الرجل الرائع في قلوب أهل الكويت صغيرهم وكبيرهم، واتضح لي ذلك باستعراض وجوه من كان في المطار باستقبال العائد المنشد "هانحن عدنا ياكويت إلى شواطيك الأمينة"، فمنهم ابن الستين عاماً ممن شارك طفلاً مع الأستاذ بإحدى ملاحم إنشاده الوطني خلال ما يزيد على نصف قرن، ومنهم الشباب من شاطر "الأستاذ" لوحة من أواخر أعماله الاحتفالية في قصر بيان، ومنهم من استقرت في ذاكرته مشاعر الحب والجمال التي نثرتها أغنيات "الأستاذ" العاطفية في الستينيات والسبعينيات، حين انطلق الشادي بجميل أغنياته وأدهش بها الذائقة الفنية عندنا، ونقلنا إلى عصر جديد من الشدو العاطفي الموزون لحناً وكلمة كأمثال:

حبيبي طال غيابك، وتكون ظالم، وياحلم السمار في الليل الهادي، وروائعه الخالدة "لي خليل حسين" و"سدرة العشاق" و"حالي حال" وسواها من أغنيات ستبقى مدى الدهر مستقرة في ذاكرة الكويتيين.

الغناء الوطني والتراثي البحري والصحراوي أصبح مملكة تربع "بوعلي" على عرشها سنين طويلة ولا يزال، وأصبح ممثلاً للضمير الإنشادي الوطني الكويتي دون منازع، وهو العلامة الأبرز في هذه المنظومة التي شاركه فيها كوكبة من عمالقة عصره من الكتاب والملحنين، وفي صدارتهم الشاعر الراحل د. عبدالله العتيبي والموسيقار المبدع ومصمم الألحان الخالدة الأستاذ غنام الديكان، وهم جميعاً أضلاع مثلث الدستور الغنائي الوطني والتراثي في الكويت والخليج والذي لم يجاريهم فيه أحد.

الأستاذ "عبدالعزيز المفرج" علامة بارزة في التاريخ الفني الكويتي، وأيقونة الأغنية الحديثة وموسوعة في الثقافة الفنية التراثية، وهو المربي الفاضل والأخ والأب الحنون والصديق الذي لا يمل الرفقاء صحبته وعذوبة حديثه وظرفه الأخاذ، والإنسان المرهف الإحساس الذي لم تك مستغربة عليه جداول الدموع التي انهمرت من عينيه، والناس يحيطونه بحبهم محتفين بعودته من رحلة العلاج إلى أحضان الوطن، فهو المعجون بالعاطفة وحب الناس وامتزاجه بمشاعرهم، ولفتني وغيري في المطار ذلك اللقاء الدامع بين القامتين الوطنيتين الكبيرتين (شادي الخليج ومحمد السنعوسي) وعناقهما الحار، لاسيما وهما رفقاء درب طويل من العطاء للكويت وشعبها كل في ميدانه.

أما وقوف بوعلي باكياً بين يدي والد الجميع صاحب السمو الأمير، ممتناً لمواساته ودعمه، فكان قمة للوفاء المتبادل بين القائد وأبناء شعبه، ودليلاً جديداً على سمت الكويت في التراحم، وهو تكريم سام للقطاع الفني الكويتي متمثلاً بلقاء "العود" بشادي الخليج، فأمير البلاد أفاء على العائد الكبير بفيض من المشاعر الأبوية المعهودة منه، والتي اختزلت مشاعر حب كل أهل الكويت لشاديهم الرائع.

عوداً حميداً للأستاذ عبدالعزيز المفرج، وقرّت عين الكويت به، ونسأل الله له موفور الصحة والعافية.

***

بقدر فرحتنا بعودة الشادي للوطن، كان حزننا في الأيام القليلة الماضية على وداع نماذج وطنية متفردة كل في ميدانه، وهم المرحومون بإذن الله تعالى، محمد البدر وخالد الشمالي وجميل السلطان، فقد كانت خسارة الكويت كبيرة برحيلهم، ولكنها إرادة الله سبحانه وإليه المعاد، تغمدهم الباري برحمته ورضوانه، ولذويهم حسن العزاء.

back to top