عقب المواجهة غير المسبوقة بين إسرائيل وسورية فجر الجمعة، حيث تصدت الدفاعات الجوية السورية للمرة الأولى لمقاتلات إسرائيلية استهدفت حسبما علمت "الجريدة" مسؤولين إيرانيين وآخرين في حزب الله ومعامل تركيب صواريخ "سكود دي"، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن تل أبيب ستواصل غاراتها في سورية، وقال مساء أمس الأول، إنه "عندما يتم رصد محاولات لنقل أسلحة متقدمة إلى حزب الله تعمل إسرائيل على منع ذلك، وهذا ما فعلته إسرائيل أول أمس، وستواصل عمله مستقبلاً".

وكان الجيش الاسرائيلي أعلن أن طائراته الحربية قصفت أهدافاً عدة في سورية، وأنه اعترض صاروخاً أطلق من سورية رداً على الغارة.

Ad

وقال كبير الباحثين في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي أساف أوريون، إن "الرد السوري يعتبر تحولاً كبيراً، فحتى الآن كانت سورية عندما تقصف إسرائيل قوافل حزب الله في أراضيها، تمر الضربة عادة بدون رد أو برد غير مهم من قبل الجانب السوري". وأضاف أوريون: "أما في هذا الهجوم، فإن النظام السوري يحاول أن يقول لإسرائيل إنه لا يمكن أن يتحمل أي هجوم بعد اليوم، وأن مثل هذا الهجوم لن يمر مرور الكرام".

أما يعقوب اميدرور وهو مسؤول سابق لمجلس الأمن القومي، فقال "إن قوافل شحنات الأسلحة، التي تنقل لحزب الله تبقى خطاً أحمر بالنسبة لإسرائيل، وهم سيستمرون بالهجوم عليها طالما يعتقدون أن ذلك ضرورياً". وأضاف "وربما يقودنا ذلك لأن نكون أكثر عدوانية".

وسلطت الصحف الإسرائيلية الضوء على تداعيات المواجهة الجوية. صحيفة "هآرتس" عنونت صفحتها الأولى بـ "الصدام الإسرائيلي السوري: الأسد عبر إطلاق الصواريخ يحاول تغيير قواعد اللعبة"، مضيفة أن النظام السوري أعاد خلط أوراق حرب حكومة نتيناهو على حزب الله. "يديعوت أحرونوت"، الصحيفة الإسرائيلية اليمينية، كان لها موقف قاسٍ ضد روسيا، فعنونت "الدعم الروسي يشعر الأسد بالثقة". وكان نتنياهو التقى قبل أيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. ونفى الكرملين في يوم اللقاء أن تكون موسكو سمحت لتل أبيب القيام بغارات في سورية، لكن مصادر أكدت لـ"الجريدة" أن التفاهم السابق بين البلدين لا يزال سارياً، وأن موسكو لن تتصدى لأي غارة إسرائيلية في سورية.

معركة الرقة

إلى ذلك، وصلت أمس، آليات عسكرية أميركية إلى قاعدة خراب عشك شمال مدينة الرقة السورية، في مؤشر جديد إلى جدية الانخراط الأميركي في معركة الرقة العاصمة المفترضة لدولة "داعش".

جاء ذلك، غداة إعلان قائد "وحدات حماية الشعب الكردية"، إن الهجوم الذي تدعمه الولايات المتحدة لطرد "داعش" من الرقة سينطلق في بداية أبريل، وأن قواته ستشارك فيه رغم المعارضة الشديدة لتركيا.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن هجوم الرقة.

وكان التحالف بقيادة الولايات المتحدة أعلن الأسبوع الماضي أنه تم نشر وحدة مدفعية من قوات مشاة البحرية في سورية للمساعدة في تسريع حملة هزيمة "داعش" في الرقة لينضموا إلى نحو 500 عسكري أميركي منتشرين فعلاً في سورية.

كما أشارت تقارير أميركية إلى أن ترامب سيضاعف عدد الجنود الأميركيين في سورية ليصبح 2000.

الوعر

بدأت أمس عملية إخراج المئات من مقاتلي المعارضة والمدنيين من حي الوعر، آخر معقل للفصائل المقاتلة في مدينة حمص في وسط سورية، تنفيذاً لاتفاق برعاية روسية من شأنه أن يسمح للقوات الحكومية بالسيطرة الكاملة على المدينة.

وذكر التلفزيون السوري الرسمي أنه "تم خروج أكثر من 150 مسلحاً مع سلاحهم الفردي". وقال محافظ حمص طلال البرازي "من المتوقع خروج 400 إلى 500 مسلح مع عائلاتهم والتوجه نحو ريف حلب" في شمال سورية، مؤكداً أنه "لن يبقى سلاح أو مسلحون في حي الوعر".

ويأتي بدء خروج الدفعة الأولى من المقاتلين وعائلاتهم بموجب اتفاق أعلنت الحكومة السورية والفصائل المعارضة التوصل إليه برعاية روسية الثلاثاء الماضي، ويقضي بخروج الآلاف من الحي على دفعات عدة خلال فترة أقصاها شهرين. ويقدر المرصد السوري لحقوق الانسان عدد الاشخاص الذين سيخرجون من الحي بنحو 12 ألف شخص، بينهم 2500 مقاتل.

ومن شأن استكمال تنفيذ اتفاق حي الوعر أن يسمح للجيش السوري بالسيطرة الكاملة على مدينة حمص، ثالث أكبر مدن سورية، والتي كانت تعرف بـ"عاصمة الثورة السورية" عند بداية النزاع قبل ست سنوات، بسبب خروج مظاهرات سلمية كثيفة فيها آنذاك.

وبحسب بنود الاتفاق، من المقرر أن يتوجه المقاتلون وعائلاتهم إلى مدينة جرابلس الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا في ريف حلب أو إلى محافظة إدلب (شمال غرب)، التي يسيطر عليها ائتلاف فصائل إسلامية وجهادية.

وتسيطر القوات الحكومية على معظم محافظة حمص باستثناء مناطق في ريف حمص الشمالي تحت سيطرة الفصائل المعارضة، وأخرى في ريف حمص الشرقي حيث يسيطر تنظيم "داعش" على مساحات واسعة بينها حقول نفط وغاز. وتسعى دمشق بأي ثمن الى السيطرة على آخر معاقل المعارضة في كل من الرستن وتلبيسة والحولة في ريف حمص الشمالي، وفي الغوطة الشرقية لدمشق.