قام المستثمر الخاص الذي رست عليه مناقصة إدارة سوق المباركية برفع إيجارات محال السوق بنسبة تفوق 500%، وترتب على ذلك احتجاج أصحاب المحال ثم إغلاق محالهم أي الإضراب عن العمل، وهو الأمر الذي حظي بتأييد شعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فأُجبرت الحكومة على التدخل بسرعة لوقف الإضراب مقابل تجميد رفع الأسعار مؤقتاً لا إلغائها، إذ جاء في خطاب وزارة المالية المُوجّه للشركة الخاصة ونشرته وسائل التواصل الاجتماعي ما نصه «في حالة صحة مطالبتكم زيادة القيمة الإيجارية على المستأجرين يرجى موافاتنا بنسبة هذه الزيادة والسند القانوني للمطالبة بها، مع مراعاة وقف كافة الإجراءات التي قامت بها الشركة بخصوص هذه الزيادة». (انتهى).

وفي ما يلي بعض الملاحظات والتساؤلات السريعة:

Ad

1 - ما حصل في سوق المباركية ليس شراكة بين القطاعين العام والخاص كما تزعم الحكومة، بل هو شكل من أشكال الخصخصة (إدارة نشاط اقتصادي مقابل مبلغ مالي)، فالشراكة تعني المشاركة في الملكية والأرباح والإدارة، وتوفير فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية، أي أنها ليست مجرد ترسية مناقصة يتم بموجبها منح إدارة أراضي الدولة وأملاكها للشركات الخاصة، مثلما حصل في سوق المباركية بحسب ما أكّده المدير العام لهيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص مطلق الصانع لصحيفة الجريدة «15 مارس 2017» عندما قال «إن دور هيئة الشراكة انتهى منذ أن تمت ترسية مناقصة سوق المباركية على إحدى الشركات العقارية المحلية، إذ إن المطلوب من الهيئة هو فقط عمل مزاد والحصول على أعلى سعر لأملاك الدولة تطبيقاً للقانون رقم 105 لسنة 1980 بشأن نظام أملاك الدولة». (انتهى التصريح). والسؤال هنا هو: أين الشراكة إذاً؟ ولماذا يُسمى الجهاز «هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص» إذا كان دوره يقتصر على عمل مزاد وترسية المناقصة فقط؟!

2 - تدخل الحكومة بعد إضراب أصحاب محال سوق المباركية لا قبله، ثم استفسار وزارة المالية من الشركة الخاصة المستثمرة حول مدى صحة مطالبتها بزيادة القيمة الإيجارية، يبين بشكل واضح عدم وجود جهاز رقابي مستقل يتولى الرقابة على القطاعات التي تتم خصخصتها وذلك لمعرفة مدى الالتزام بالعقد القانوني، والتأكد من جودة الخدمات والسلع وعدم زيادة الأسعار بشكل غير طبيعي.

بمعنى آخر فإنه لولا احتجاج أصحاب المحال وإضرابهم والضغط الشعبي المؤيد للإضراب لما تحركت الحكومة بسرعة، وربما لن تعرف أن المستثمر الخاص قد خالف العقد المُبرم بينهما، والسؤال هنا هو: ماذا عن القطاعات الأخرى التي تمت أو ستتم خصخصتها سواء أراضي الدولة وأملاكها في الشويخ والري والمناطق المُسماة صناعية والواجهة البحرية، أو النفط والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية؟! ومن الجهة المستقلة التي تُراقبها، لا سيما أنه من طبيعة القطاع الخاص، في أي مكان وزمان، البحث عن الربح السريع وتعظيمه؟

3 - لماذا منحت الحكومة إدارة سوق المباركية لشركة خاصة على الرغم من وجود شركة إدارة المرافق العمومية، وهي شركة مملوكة بالكامل للحكومة بنسبة (100%) وتابعة للهيئة العامة للاستثمار؟ إذا كانت الشركة العامة غير قادرة، لأي سبب من الأسباب، فلماذا لا تتولى شركة المشروعات السياحية إدارة السوق باعتباره مكاناً تاريخياً وأثرياً وسياحياً أيضاً؟

4 - سوق المباركية عبارة عن مشروعات صغيرة تُردّد الحكومة على الدوام أنها تعمل على دعمها وتشجيعها، فهل تسليم إدارته لشركة خاصة تستهدف الربح بالدرجة الأولى سيشجع على دعم المشروعات الصغيرة وتنميتها، أم أن العكس هو الصحيح؟