قال تقرير صادر عن "ساكسو بنك" إن سوق السلع شهد دفعة قويّة وتجدداً في عمليات الشراء لأول مرّة منذ 5 أسابيع؛ وجاءت المكاسب مدفوعةً في المقام الأول بالمعادن الصناعية والثمينة، وذلك خلال أسبوع تخلله رفع لأسعار الفائدة الأميركيّة.

ولجأ مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى رفع أسعار الفائدة الأربعاء الماضي للمرة الثالثة خلال هذه الدورة الاقتصادية. وكان السوق قد تهيأ جيداً لاحتمالات زيادة مسار التوقعات وتسجيل عدّة ارتفاعات أخرى مستقبلاً، لكن الاحتياطي الفدرالي حافظ على مسار توقعاته دون تغيير، محدداً وتيرة رفع الأسعار عند مرتين هذا العام ثم نحو 3 ارتفاعات أو أكثر في عام 2018.

Ad

وحسب التقرير، ساعد ذلك على انتعاش سوق السندات، في وقت لامس الدولار أدنى مستوياته خلال 5 أسابيع، وقد أدت هذه التطوّرات دوراً مهماً في تلاشي بعض التأثيرات السلبيّة التي مست الذهب والفضة، لاسيما قبيل إعلان تلك الخطوة من جانب الاحتياطي الفدرالي.

من جهة ثانية، تعافت المعادن الصناعيّة بعد شهر حفل بعمليات البيع وانخفض خلاله الزنك والنيكل والنحاس بنسبة تخطّت 10 في المئة. ولكن لم تظهر حتى الآن أي بوادر لحل مشكلة تعطّل الامدادات المتعددة التي تؤثر على النحاس، وهو ما سيوفر بعض الدعم الأساسي لهذا المعدن.

وانحسرت موجة التصحيح الشرسة التي واجهت سوق النفط الخام، وذلك على خلفيّة التصريحات المُهدّئة التي صدرت عن المملكة العربية السعودية، إضافة إلى الانخفاض الأول- وإن كان محدود النطاق- في مخزونات النفط الأميركيّة هذا العام. ولكن لاتزال المعنويات والتوجهات هشّة في سوق النفط خلال هذه المرحلة، وسط ترجيحات بأن تضطر منظمة "أوبك" إلى تمديد خطة تخفيض الإنتاج الحاليّة إلى ما بعد فترة الأشهر الستة المحددة بهدف إعادة التوازن والاستقرار إلى سوق النفط.

في سياق آخر، شهدت السلع الخفيفة صعوداً جاء مدفوعاً بالكاكاو الذي ارتفع بعد بلوغه أدنى مستوياته في 10 سنوات خلال الشهر الماضي. وقد انتعشت الأسعار بسبب جملة من العوامل التي شملت الإخفاق بتمديد التراجع إلى ما دون 1900 دولار/ للطن، إضافة إلى تسجيل عمليات مضاربة قياسيّة قصيرة الأجل، وبلوغ أنشطة البيع لمستويات الذروة.

وقد ارتفع الذهب والفضة في أعقاب اجتماع "مجلس الاحتياطي الفدرالي" في حادثة تتكرر للمرة الثالثة. وكان السوق متخوّفا من تبنّي رئيسة المجلس جانيت يلين لنبرة أكثر تشدداً خصوصاً بعد صدور بيانات اقتصادية قوية مؤخراً. وقد ساهم الارتفاع الإيجابي لأسعار الفائدة، كما اتضح لاحقاً، في تعزيز تغطية مراكز التداول المفتوحة قصيرة الأمد؛ كما عاد الذهب إلى مستويات السلامة النسبية فوق 1221 دولارا للأونصة.

بعد حصوله على دعم فوق مستوى 1193 دولارا للأونصة- في أعقاب موجة تصحيح بنسبة 50 في المئة أثرت على الارتفاع المسجل بين شهري ديسمبر وفبراير- واصل الذهب خلال الأسبوع الماضي حتى الأربعاء الماضي تماسكه حول المستوى النفسي عند 1200 دولار للأونصة. وقد انحسرت مشاركة المستثمرين خلال تلك الفترة خاصة فيما يتعلق بالتركيز على مراكز التداول المفتوحة لصناديق التحوّط.

وفي الأسبوع المنتهي 7 الجاري، قامت الصناديق بخفض صافي مراكز تداولها طويلة الأجل بنسبة 23 في المئة لتسجل بذلك مستوى قدره 94 ألف حصة، أي أدنى بقليل من المعدل المتوسط لأجل 5 سنوات والبالغ 104 آلاف حصة. وخلال الفترة التي سبقت رفع أسعار الفائدة الأميركية هذا الأسبوع، ساهمت المخاطر المتعلقة بالزيادة المتشددة للأسعار في التخفيف من ذلك التوجّه إلى حد ما. حيث كانت مراكز التداول المفتوحة للمستثمرين محط تركيز ومناقشة خلال إعلان الاحتياطي الفدرالي، ولكن دون تحديد اتجاه أو مسار واضح خلال هذه المرحلة.

من ناحية أخرى، تتواصل المخاطر الجيوسياسية في أوروبا رغم أن الأسواق تنفست الصّعداء بعد عزوف الناخبين الهولنديين عن التصويت لمصلحة المرشح اليميني الشعبي جيرت فيلدرز. ويتحول الاهتمام حالياً إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي من المقرر انطلاق أولى جولاتها في 23 أبريل. ويظهر أحدث استطلاع للرأي أن مرشّحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرّفة مارين لوبان لا تزال متقدّمة على منافسها مرشّح الوسط إيمانويل ماكرون في الجولة الأولى. ومن شأن هذه الأنباء أن توفر بعض الدعم للذهب، وخاصة عند تسعيره باليورو.

ومع ترقّبنا لتكشّف مزيد من التطورات، نرجّح أن يستقر سعر الذهب عند نطاق يتراوح بين 1220-1240 دولارا للأونصة. وبعد نجاح الذهب في استيعاب الرفع الجديد لأسعار الفائدة وتخطّي بعض التأثيرات السلبية المعاكسة خلال الأسابيع القليلة الماضية، نعتقد أن الطلب الأساسي على هذه السلعة سيواصل دعم الأسواق حتى وإن لم يكن قوياً بما يكفي في هذه المرحلة.

وكما تمت الإشارة إليه سابقا، ساعدت التعليقات المُهدئة من جانب المملكة العربية السعودية، والانخفاض الأول محدود النطاق لمخزونات النفط الأميركية هذا العام على كبح موجة التصحيح الشرسة التي اختبرتها أسعار النفط الخام. إذ لامس خام برنت تقريباً الحاجز النفسي عند 50 دولاراً للبرميل، في حين ارتد خام غرب تكساس الوسيط بعد تراجعه إلى مستوى 61.8 في المئة المسجل خلال موجة الارتفاع بين شهري نوفمبر ويناير.