توافد المتظاهرون، أمس، بكثافة الى ساحة رياض الصلح رفضا لسياسات فرض ضرائب غير عادلة، على وقع أغان وطنية، وفي ظل انتشار كثيف للقوى الأمنية. وحمل المتظاهرون شعارات منددة بالحكومة اللبنانية، والمجلس النيابي، رافضين أي «زيادة ضريبية على الفقراء»، في وقت بدا أن هناك خلافات عديدة بين الأحزاب المشاركة والناشطين في بعض الحملات. وفي حين اعتبر هذا التحرك هو الأول من نوعه منذ انتخاب رئيس الحمهورية ميشال عون وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري، دعا المنظمون إلى تحرك جديد نهار الأربعاء المقبل، لمواكبة جلسة مجلس النواب. وفي خطوة جريئة ومفاجئة، طمأن الحريري المتظاهرين قائلاً إنّ «الحكومة وعهد رئاسة الجمهورية مع الناس وأوجاعهم، وهي تقف إلى جانبهم».
الحريري الذي وجّه كلمة سريعة، خاطب المتظاهرين المحتشدين في الساحة بالقول: «نحن هنا وعدناكم أن نكون واضحين معكم، وإن شاء الله سترون أن هذه الحكومة مع فخامة الرئيس سوف تكون دائما إلى جانبكم وإلى جانب الناس ووجع الناس».وأضاف: «صحيح أن هناك هدرا في البلد، وصحيح هناك فساد، ولكننا سوف نحارب هذا الفساد، وأنا أحببت أن آتي إليكم من أجل أن أقول لكم إننا سوف ننهي إن شاء الله هذا النوع من الفساد وسنوقف الهدر، وإن شاء الله سنكمل المسيرة معكم».وختم: «نحن أتينا بثقة الناس، وسوف نكمل هذا المشوار، وهذا المشوار سوف يكون طويلاً، وسنتابع محاولة وقف الإهدار والفساد»، ثم غادر سيراً عائداً إلى السراي الحكومي.ولاحقاً، غرّد الحريري في حسابه عبر «تويتر» قائلاً: «أدعو منظمي التظاهرة إلى تشكيل لجنة ترفع مطالبهم لمناقشتها بروح إيجابية».وردت مجموعة «طلعت ريحتكم» على دعوة الحريري بالقول: «لن نشكل لحنة للحوار قبل إلغاء الضرائب الجديدة والتحرك امام السراي الحكومي متواصل». وقام بعض المتظاهرين في ساحة رياض الصلح برمي الزجاجات والعصي باتجاه الحريري أثناء توجيهه الكلمة، الذي غادر سيرا على الاقدام الى السراي. كما حاول المتظاهرون خرق الحاجز الحديدي والبشري، إضافة الى رمي المفرقعات والزجاجات الفارغة باتجاه القوى الأمنية.وأعلن كل من حزب «الكتائب اللبنانية» ومنظمة الشباب في الحزب «التقدمي الاشتراكي»، ومصلحة الطلاب في حزب «الوطنيين الأحرار»، انسحابهم من التظاهرة، بسبب أعمال الشغب التي قام بها عددٌ من المتظاهرين، ومواجهة القوى الأمنية.وتوافدت مجموعة من حملة «جنسيتي حق لي ولأولادي» للمطالبة بحق إعطاء المرأة الجنسية لأولادها، وقد ألقت نادرة نحاس كلمة باسم الامهات أكدت فيها أن «حق منح الام جنسيتها لأولادها هو حق دستوري، وان توقيت المظاهرة كان محددا مسبقا بمناسبة عيد الامهات، وصودف تظاهر اكثر من حراك معنا نتيجة التطورات الحاصلة، ولكل مطلبه الخاص».كما هنّأت أمانة سر قوى «14 آذار – مستمرون» كل الناشطين الذين واكبوا وشاركوا وساهموا في التظاهرة، شاجبة «تدخل السلطة التخريبي السافر للتحرك الديمقراطي الراقي للشعب اللبناني من خلال دس مخربي بعض احزابها في التظاهرة للتشويش على سلميتها ورقيها»، مؤكدة، في بيان، «المضي قدما في التحرك لاستعادة السيادة المالية للدولة اللبنانية كاملة على كل مرافقها وحدودها البرية والبحرية والجوية في موازاة نضالها لاستعادة السيادة الامنية والعسكرية والسياسية».
حسين يوسف
وكان لافتا وقوف الناطق الرسمي باسم عائلات العسكريين المخطوفين لدى «داعش» حسين يوسف، أمام المتظاهرين طالبا منهم أن يكونوا أكثر وعيا، وألا يتعرضوا للقوى الامنية.جنبلاط
الى ذلك، وفي الذكرى الأربعين لجريمة اغتيال كمال جنبلاط، قام زعيم دروز لبنان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي و»اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، أمس بتسليم الزعامة الجنبلاطية لنجله تيمور والبسه «كوفية الزعامة الجنبلاطية»، لا عباءة الزعامة، كما درجت العادة التاريخية.وفي احتفالية في قصر المختارة التاريخي، جمعت الرمزية السياسية والحزبية والزعاماتية، اختار وليد جنبلاط تسليم نجله البكر «تيمور» دفة القيادة التي «شاء القدر أن أحملها ملطخة بالدم»، وحدد له البوصلة وهي «العروبة، وفلسطين، والمصالحة والسلم والحوار، والكرم مهما كبرت التضحيات». وكان قصر المختارة شهد منذ صباح أمس تدفق حشود شعبية من مختلف المناطق، وحضر مشاركاً في الذكرى رئيس الحكومة سعد الحريري، وعضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووفود حزبية لبنانية وفلسطينية.وتحدث جنبلاط فقال: منذ 40 عاماً وفي السادس عشر من مارس وقفنا في ساحة الدار وحبسنا الدمعة وكتمنا الحزن ورفعنا التحدي وكان شعارنا ادفنوا موتاكم وانهضوا».وتوجه إلى نجله تيمور بالقول: «لذا يا تيمور سر رافع الرأس، واحمل تراث جدك الكبير كمال جنبلاط، واشهر عالياً كوفية فلسطين العربية المحتلة، كوفية لبنان التقدمية، كوفية الاحرار والثوار، كوفية المقاومين لاسرائيل ايا كانوا، كوفية المصالحة والحوار، كوفية التواضع والكرم، كوفية دار المختارة. واحضن اصلان بيمينك وعانق داليا بشمالك، وعند قدوم الساعة ادفنوا امواتكم وانهضوا، وسيروا قدماً فالحياة انتصار للاقواء في نفوسهم لا الضعفاء».