لأنني من الذين يعرفون الدكتورة ريما خلف عن قرب، عندما كانت طالبة في الجامعة الأميركية ببيروت، أو عندما كنت أنا وزيراً في الحكومة الأردنية، التي كان يرأسها الدكتور عبدالرؤوف الروابدة (أبوعصام)، وكانت هي نائبة فعالة لرئيس الوزراء، وخاصة في المجالات الاقتصادية، التي بقيت في طليعة اهتمامات الأردن ولحقب طويلة، فإنني أستطيع القول إن دافعها إلى الاستقالة من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، التابعة للأمم المتحدة، هو الموقف الوطني، وهو الدفاع عن فلسطين والشعب الفلسطيني بإصدار بيان باسم "الـيونسكو" أو "الإسكوا"، يدين سياسات الفصل العنصري "الأبارتهايد"، التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

والغريب والمستغرب أن يبادر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى رفض ما قامت به الدكتورة ريما خلف، فالمعروف عنه أنه من مؤيدي القضايا العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين، عندما كان رئيساً لوزراء البرتغال، وعندما كان أميناً للحزب الاشتراكي البرتغالي، ورئيساً للأممية الاشتراكية، وأيضاً عندما أصبح الأمين العام للأمم المتحدة خلفاً للأمين العام السابق بان كي مون، وهذا يعني أن خللاً "ما" قد حصل، وأن سوء فهم وتضارباً في الصلاحيات قد حصل.

Ad

ومع كل التقدير لهذا الموقف الوطني (المطلوب) الذي اتخذته الدكتورة ريما خلف، فإنه إذا كان لابد من مواجهة مع الأمين العام للأمم المتحدة، وأنا أعتقد أن هذا غير ضروري، ولن تستفيد منه إلا دولة الفصل العنصري الـ "أبارتهايد" التي هي إسرائيل، فإنه على الثماني عشرة دولة عربية الأعضاء في هذه اللجنة الإقليمية..."الإسكوا" أو "اليونيسكو" أن تقدم استقالاتها، وتغادر هذه اللجنة وتوجه صفعة موجعة للسيد أنطونيو غوتيرش!

لقد سجلت الدكتورة ريما خلف موقفاً وطنياً إنسانياً هو غير غريب عليها منذ أن كانت طالبة نشيطة سياسياً في الجامعة الأميركية ببيروت، لكن ما يجب أخذه بالاعتبار أن الثماني عشرة دولة عربية التي هي في حقيقة الأمر من يشكل اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ستبادر إلى التسابق لملء الفراغ، وستمضي الأمور بعد ذلك وكأن شيئاً لم يكن!

وبالطبع فإنني، أنا المسكين والعبد الفقير إلى الله جل شأنه، لست مع أي "هيزعة" كهذه، فاستقالة 18 دولة عربية من هذه اللجنة لن تحصل على الإطلاق، ثم وإن هي حصلت فإن المستفيد الوحيد منها لن يكون إلا إسرائيل التي من مصلحتها أن يعلن العرب الحرب على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وكل هذا ومع العلم أن فلسطين قد أصبحت عضواً في "الإسكوا" و"اليونيسكو".