خلل تشريعي في قانون محكمة الأسرة يفقد المتقاضين الطعن بـ«التمييز» في دعاوى الفرقة بين الزوجين

• قصر حق التمييز للنيابة على الحالات الواردة بالمادة 338 من قانون الأحوال دون باقي الخصوم يخالف الدستور
• لا طعن أمام «التمييز» في قضايا النفقات بأنواعها والحضانة والرؤية... و«النيابة» تباشر دعاوى النسب

نشر في 21-03-2017
آخر تحديث 21-03-2017 | 00:04
No Image Caption
يسمح قانون الأسرة للمواطنين والمقيمين بالطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في مسائل الاحوال الشخصية أمام محكمة التمييز في قضايا الفرقة بين الزوجين، كالطلاق والتفريق، دون باقي قضايا الاحوال الشخصية الأخرى.
رغم دخول قانون الأسرة حيز التنفيذ فإن هناك خطأ شائعاً تسبب في عدم قيام العديد من المواطنين والمقيمين باللجوء للطعن على الأحكام الصادرة من دوائر الاحوال الشخصية في محكمة الاستئناف أمام محكمة التمييز، وهو الخطأ الذي وقع فيه المشرع في صياغة المادة 13 من قانون إنشاء محكمة الاسرة، وهي التي قادت الى القول بحرمان المتقاضين من الطعن على الاحكام الصادرة في قضايا الاحوال الشخصية أمام محكمة التمييز دون استثناء.

بينما الحقيقة التي ترد في ثنايا أحكام المادة 13 من قانون إنشاء محكمة الاسرة هي حظر القانون لكل انواع قضايا الاحوال الشخصية أمام محكمة التمييز، إلا نوعين من القضايا، قد أجاز بهما الطعن أمام محكمة التمييز، الأول القضايا التي تتصل بالمسائل الواردة في المادة 338 من قانون الأحوال الشخصية والتي قصر المشرع حق الطعن بالتمييز فيها على النيابة العامة وحدها فقط دون أطراف الدعوى، وهي الحالة التي نرى عدم دستوريتها لإخلالها بالمادتين 29 و166 من الدستور.

شبهة

أما الحالة الثانية التي أجاز القانون الطعن فيها لكل الخصوم امام محكمة التمييز، فهي قضايا التفريق بين الزوجين، وتشمل القضايا التي تقيمها النساء ضد الرجال بطلب الطلاق للضرر أو القضايا التي يقيمها الرجال ضد النساء بطلب الطلاق للتفريق، وقضايا اعتبار المفقود ميتا، ومن ثم فإن القانون هنا ايضا تشوبه شبهة عدم الدستورية بقصره حق اللجوء للطعن أمام التمييز في قضايا دون أخرى من القانون ذاته.

والقضايا التي أجازت الفقرة الاولى من المادة 13 من قانون انشاء محكمة الاسرة للنيابة العامة وحدها حق الطعن أمام التمييز هي ما تتصل بالمسائل الواردة في المادة 338 من قانون الأحوال الشخصية، حيث نصت الفقرة الاولى من المادة 13 على أن «تكون الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية من الدوائر الاستئنافية بمحكمة الأسرة غير قابلة للطعن فيها بطريق التمييز، واستثناء من ذلك يجوز للنائب العام الطعن بطريق التمييز في تلك الأحكام إذا كانت تتضمن مساساً بأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالنظام العام والمبينة بالمادة (338) من قانون الأحوال الشخصية».

الشريعة

وبالرجوع الى حكم المادة 338 من قانون الاحوال فهي تؤكد على اعتبار النيابة خصما في جملة من القضايا تتصل باعتبارات النظام العام، حيث تنص المادة على أن «المراد بالنظام العام في المادة السابقة أحكام الشريعة الإسلامية في الأحوال الآتية: أ- الزواج بالمحرمات حرمة مؤبدة أو مؤقتة. ب- إثبات الطلاق البائن. ج- فسخ الزواج. د- الأوقاف والوصايا الخيرية. هــ- دعاوى النسب، وتصحيح الأسماء. و- الدعاوى الخاصة بفاقدي الأهلية وناقصيها، والغائبين، والمفقودين. ويكون للنيابة في هذه الأحوال ما للخصوم من حقوق».

حقوق

ومن ثم فإن النيابة العامة لها وحدها حق الطعن أمام محكمة التمييز على الاحكام الصادرة من محكمة الاستنئاف في المواضيع التي أوردتها المادة 338 دون باقي الخصوم، وهو الأمر الذي يثير شبهة عدم دستورية الفقرة الاولى من المادة 13 لمخالفتها أحكام المادتين 29 و166 من الدستور، وذلك لإخلالها بفكرة التساوي في ممارسة حق التقاضي، وهو من الحقوق التي لايجوز التمييز فيها وسبق للمحكمة الدستورية في الطعن رقم 43 /2008 أن قضت بعدم دستورية المادة 5 من قانون الاجراءات في ما تضمنته من حق الاستئناف على الاحكام الجزائية التي لا تزيد قيمتها على 40 دينار من المحكوم عليه، وأجازت استئنافها من الادعاء العام فقط لمخالفتها احكام الدستور، وتكرر مسلك المحكمة الدستورية ذاته في الطعن رقم 12 /2015 عندما قضت بعدم دستورية المادة 200 مكرر من قانون الاجراءات من قصر حق الطعن امام محكمة الاستئناف بهيئة تمييز في الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة على الاحكام الصادرة بعقوبة الحبس.

الفرقة بين الزوجين

بينما القضايا التي أوردتها الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون محكمة الأسرة والتي تنص على «ولا يجوز تنفيذ الاحكام الصادرة بالفرقة بين الزوجين أو باعتبار المفقود ميتاً إلا بعد استنفاد طريق الطعن بالتمييز أو بفوات ميعاد الطعن دون حصوله، وتفصل محكمة التمييز على وجه السرعة في الطعون المرفوعة إليها عن تلك الأحكام، «فهي ترد على نوعين من القضايا فقط هما الفرقة بين الزوجين او اثبات المفقود ميتا».

والحكم في الفقرة الثانية من المادة 13 رغم انها لم تورد صراحة على حق الطعن بالتمييز في بداية صياغتها على الاحكام الصادرة من دوائر الاحوال الشخصية في محكمة الاستئناف فإنها ربطت عدم تنفيذ قضايا الفرقة بين الزوجين وهي القضايا التي ترفعها الزوجة ضد الزوج كالطلاق للضرر او الزوج ضد الزوجة بطلب التفريق أو ما يندرج تحت قضايا الفرقة بالزواج التي أوردتها احكام قانون الاحوال الشخصية في المواد من 97 الى 165، إلا بعد استنفاد طريق الطعن بالتمييز او بفوات ميعاد الطعن بالتمييز، وهو ما يعني أن المشرع في احكام القانون قد نص على حق التمييز في قضايا الفرق علاوة على قضايا اعتبار المفقود ميتا، دون سواها من باقي قضايا الاحوال الشخصية.

«التمييز» لم تستقبل أي طعن

كشفت مصادر مطلعة لـ«الجريدة» أنه، بعد صدور قانون إنشاء محكمة الأسرة، لم يُقدم أي طعن إلى محكمة التمييز في قضايا الفرقة بين الزوجين، أو حتى بإثبات المفقود ميتاً، بسبب سوء الصياغة الواردة في قانون إنشاء محكمة الأسرة.

سرد الصياغة

والملاحظ أن المشرع لم يحسن أمر صياغة احكام المادة 13 من قانون إنشاء محكمة الاسرة التي تقرر منع الطعن بالتمييز بداية على الاحكام الصادرة من محكمة الاستنئاف ثم تقرر ممارسة ذلك الحق استثناء للنيابة العامة في المواضيع الواردة في احكام المادة 338 دون غيرها من باقي الخصوم، ثم تأتي ذات المادة وبحكم الفقرة الثانية لتقرر عدم جواز تنفيذ احكام الفرقة بين الزوجين واعتبار المفقود ميتا، الا بعد استنفاد طريق الطعن بالتمييز وأن تفصل محكمة التمييز على وجه السرعة في هذه الطعون لتدخل بتلك الصياغة اللغط في نفوس المتقاضين وبعض رجال القانون.

الطعن أمام «التمييز»

وبعد استقراء الاحكام التي تقررها المادة 13 من قانون انشاء محكمة الاسرة فإن المشرع قد حظر على المتقاضين في قضايا الأحوال الشخصية الطعن على الاحكام الصادرة في جميع قضايا الاسرة (كالنفقات الزوجية بأنواعها أو ما يترتب على وقوع الطلاق كنفقات العدة والمتعة والمهر والصداق والرؤية وما يتصل بالحضانة) عدا قضايا الفرقة بين الزوجين كطلاق الضرر او التفريق واعتبار المفقود ميتا، فأجاز للخصوم الحق في الطعن على تلك الاحكام امام محكمة التمييز، فضلا عن منحه للنيابة العامة وحدها دون باقي الخصوم في الطعن امام محكمة التمييز على الاحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في القضايا التي تتصل بأحكام المادة 338 من قانون الاحوال الشخصية والتي تتصل باعتبارات النظام العام.

المادة رقم 13

تكون الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية من الدوائر الاستئنافية بمحكمة الأسرة غير قابلة للطعن فيها بطريق التمييز، واستثناء من ذلك يجوز للنائب العام الطعن بطريق التمييز في تلك الأحكام إذا كانت تتضمن مساساً بأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالنظام العام والمبينة بالمادة (338) من قانون الأحوال الشخصية، ولا يجوز تنفيذ الاحكام الصادرة بالفرقة بين الزوجين أو باعتبار المفقود ميتاً إلا بعد استنفاد طريق الطعن بالتمييز أو بفوات ميعاد الطعن دون حصوله. وتفصل محكمة التمييز على وجه السرعة في الطعون المرفوعة إليها عن تلك الأحكام.

المادة رقم 338

المراد بالنظام العام في المادة السابقة أحكام الشريعة الإسلامية في الأحوال الآتية: أ- الزواج بالمحرمات حرمة مؤبدة أو مؤقتة. ب- إثبات الطلاق البائن. ج- فسخ الزواج. د- الأوقاف والوصايا الخيرية. هـ- دعاوى النسب، وتصحيح الأسماء. و- الدعاوى الخاصة بفاقدي الأهلية وناقصيها، والغائبين، والمفقودين. ويكون للنيابة في هذه الأحوال ما للخصوم من حقوق.

سوء صياغة المادة 13 من القانون منعت كثيرين من ممارسة حقهم في الطعن بعد صدور القانون

الفقرة الأولى تمنع الطعن في كل القضايا وتقصره على النيابة بقضايا محددة و«الثانية» تمنع التنفيذ بقضايا فُرقة الزوجين إلا بعد استنفاد التمييز!
back to top