عاد ملف الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل إلى الواجهة مجددا، أمس، رغم تصريحات رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل ديسمبر 2015 بوقف التفاوض بين شركات مصرية وأخرى في تل أبيب لشراء الغاز الإسرائيلي، بعدما ألزمت هيئة تحكيم دولية (غرفة التجارة الدولية) الهيئة العامة للبترول المصرية، وشركة "إيجاس" بدفع 1.76 مليار دولار لشركة الكهرباء الإسرائيلية تعويضا عن وقف إمدادها بالغاز المصري، عقب ثورة 25 يناير 2011.

ونشرت مواقع إخبارية عدة تقارير قالت إن شركة "دولفتيوس"، المملوكة لمجموعة من رجال الأعمال، وعلى رأسهم المصري علاء عرفة، تتفاوض مع وفد من مجموعة شركة "تمارا" الإسرائيلية، لاستيراد كميات من الغاز الطبيعي من حقول (إسرائيلية) للشركة المصرية، خلال الشهور المقبلة.

Ad

وتدور المفاوضات بين الطرفين على استيراد الشركة المصرية 60 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي "حقل تمارا"، بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 20 مليار دولار، على مدار 15 عاما، بينما يقع حقل تمارا، المكتشف عام 2009، على مسافة 90 كيلومترا قبالة الساحل الشمالي لإسرائيل، ويحتوي على ما يقدر بـ10 تريليونات قدم مكعبة من الغاز.

مصر، التي كانت تصدر الغاز الطبيعي لإسرائيل منذ منتصف التسعينيات، توقفت عن عمليات تصدير الغاز عام 2011، بسبب تزايد الاستهلاك المحلي، فيما أثارت تلك الأنباء جملة من التساؤلات حول مدى احتياج القاهرة لتلك الصفقة، في ظل وعود وزارة البترول بأن يبدأ حقل "ظُهر"، أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط، والواقع في منطقة النفوذ المصرية، إنتاجه منتصف 2017، وأن الدفعات الأولى من الإنتاج ستستخدم في سد احتياجات السوق المحلي وتصدير الفائض.

ردود فعل

وقال المتحدث باسم وزارة البترول حمدي عبدالعزيز، لـ"الجريدة"، إن "الحكومة المصرية ليست طرفا في هذا العقد"، مضيفا أن الشركة المصرية التي تتفاوض مع نظيرتها الإسرائيلية، هي شركة خاصة لا تتبع الحكومة، نافيا توقيع الحكومة أي عقود مبدئية أو نهائية مع الشركة الخاصة للاستفادة من الغاز الإسرائيلي في الاستهلاك المحلي.

وأشار مصدر حكومي إلى أن الشركة المصرية وقعت مذكرة تفاهم فقط مع نظيرتها الإسرائيلية، مضيفا: "العقود النهائية لن توقع إلا بعد موافقة الحكومة المصرية".

من جانبه، وبينما شكك الخبير البترولي إبراهيم زهران في صحة الخبر، على اعتبار أن مصر تمتلك احتياطيا من الغاز، وليس هناك ما يدفعها لشرائه من إسرائيل، وتابع لـ"الجريدة": "ليس هناك ما يثبت أن الحكومة المصرية تنسق لشراء هذه الصفقة"، زعم مساعد وزير الخارجية الأسبق إبراهيم يسري أن حقل "تمارا" الإسرائيلي يقع في المنطقة الاقتصادية المصرية.

وأضاف يسري: "اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين قبرص ومصر سمحت لإسرائيل بالحصول على الغاز المصري"، بينما قال الخبير الدستوري عصام الإسلامبولي: "لا مانع قانونا من استيراد شركات مصرية خاصة الغاز من إسرائيل، لكن القانون المصري يعطي أجهزة الدولة حق مراجعة عقود الاتفاق بين الطرفين".

السيسي وعباس

على صعيد آخر، جددت مصر موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ودعمها الكامل للسلطة الفلسطينية لتمكينها من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك خلال استقبال الرئيس المصري نظيره الفلسطيني محمود عباس في قصر الاتحادية الرئاسي، أمس.

زيارة عباس للقاهرة تأتي قبل أيام من انعقاد القمة العربية في الأردن، أواخر مارس الجاري، فضلا عن حديث الأوساط الإعلامية عن فتور في العلاقات بين مصر والسلطة، على خلفية شائعات فلسطينية بشأن دعم القاهرة معارضين لـ"فتح"، على رأسهم رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق محمد دحلان.

وقال الناطق الرئاسي، السفير علاء يوسف، في بيان رسمي أمس: "الرئيس السيسي أكد موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية باعتبارها القضية العربية المحورية". وأشار السيسي إلى أن القضية الفلسطينية ستأتي على رأس مباحثاته المرتقبة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

من جانبه، أشاد الرئيس الفلسطيني بالجهود التي تبذلها مصر للتوصل الى حل للقضية الفلسطينية، مؤكدا حرصه المستمر على التشاور والتنسيق مع الرئيس السيسي. وحرص عباس خلال اللقاء على اطلاع السيسي على مجمل الاتصالات الفلسطينية الأخيرة مع الإدارة الأميركية الجديدة.

وذكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي: "لقاء السيسي وعباس ينفي وجود أزمة بين القاهرة ورام الله، على عكس ما تم ترويجه أخيرا"، مشيرا في تصريحات لـ"الجريدة" إلى أن الزيارة محاولة لتقريب وجهات النظر والاستقرار على رؤية عربية إزاء القضية الفلسطينية قبل لقاء السيسي بترامب، وتابع: "ما يُثار بشأن رغبة مصر تغيير عباس غير صحيح".

الكتلة الصلبة

ميدانيا، وبينما لقي ثلاثة مدنيين مصرعهم وأصيب 2 نتيجة انفجار لغم أرضي في سيارة ربع نقل وسط سيناء أمس، وصف القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول صدقي صبحي القوات المسلحة بـ"الكتلة الصلبة"، التي حافظت على كيان الدولة.

وقال صبحي، خلال تفقده منظومة عمل المعاهد التعليمية العسكرية في القوات المسلحة، للوقوف على مراحل الإعداد العلمي للدارسين، أمس الأول، "أبطال الجيش ضحوا من أجل الدفاع عن أمن مصر، وساهموا في خطط التنمية الشاملة للدولة".