استقدم نظام الرئيس السوري بشار الأسد تعزيزات عسكرية كبيرة إلى قلب العاصمة دمشق ونشر معظمها في الخطوط الخلفية في ساحة العباسيين ومحيطها، تزامناً مع إدخاله سلاح الجو، الذي شن أكثر من 40 غارة جوية أغلبها استهدف حي جوبر، إضافة إلى قصف بصواريخ أرض-أرض ذات القدرة التدميرية الكبيرة.

وبعد أن تمكن النظام بفعل اتباع طيرانه سياسة الأرض المحروقة من وقف تقدم المعارضة مؤقتاً، أعلن "فيلق الرحمن"، أمس، بدء المرحلة الثانية من معركة شرق دمشق، بمشاركة فصائل الغوطة، في وقت أكد الجيش الحر أن فصائله باتت في حِلٍّ من اتفاق وقف إطلاق النار.

Ad

ووفق موقع قناة "أورينت" الإلكتروني، فإن الاشتباكات تركزت أمس، عند محيط المنطقة الصناعية ومحيط رحبة الدبابات، عقدة الوصل بين أتوستراد المتحلق الجنوبي وأتوستراد دمشق، موضحاً أن "الفصائل تمكنت من السيطرة على شركة الكهرباء ومحور "كراش" بالكامل، وأجزاء من المنطقة الصناعية وفتحت الطريق بين جوبر والقابون.

وأشار الموقع إلى أن "حصيلة خسائر الميليشيات الأجنبية جراء المعارك حتى الآن بلغت 100 قتيل، إضافة إلى أسر 50 عنصراً من قوات الأسد والميلشيات العراقية".

هجوم معاكس

وبعد عملية مباغتة أطلقتها فصائل المعارضة وعلى رأسها "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً) من حي جوبر وتمكنت خلالها من التقدم للمرة الأولى منذ عامين إلى حي العباسيين المحصن والسيطرة على أجزاء من كراجات الحافلات والسيارات، شنّت قوات النظام هجوماً معاكساً ليل الأحد- الاثنين تحت وابل من الغارات الروسية والسورية، استعادت فيه سبعين في المئة من النقاط التي خسرتها.

وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن،

لا تزال الفصائل المقاتلة تحتفظ بسيطرتها على مواقع رئيسية عدة، أبرزها في المنطقة الصناعية الواقعة بين حيي جوبر والقابون في شرق العاصمة.

دمار وخسائر

ودفعت المعارك وما رافقها من إطلاق الفصائل المقاتلة قذائف على أحياء عدة في وسط دمشق استهدفت إحداها مبنى السفارة الروسية في منطقة المزرعة، بقوات النظام إلى قطع كافة الطرق المؤدية الى ساحة العباسيين وإغلاق عدد من المدارس، قبل أن تعود الحركة إلى طبيعتها تدريجياً مع فتح الطرقات.

وفي كراجات العباسيين والمنطقة المحيطة بها، بدت آثار الاشتباكات واضحة أمس، مع وجود سيارات محترقة وبعض المنازل المتضررة واستمرار سقوط القذائف.

وتحدثت مصادر عن استمرار انقطاع التغطية للهواتف الخليوية والكهرباء عن مجمل الأحياء الشرقية للعاصمة دمشق.

هجوم «داعش»

وفي تطور مواز، شن تنظيم "داعش" هجوماً أمس، على مركز للقوات الحكومية على طريق دمشق- حلب الدولي قرب مركز أسريا في ريف حماة الشرقي، وسيطر على أجزاء منه ما أدى الى قطع الطريق وتوقف حركة المرور.

أعمال «جنيف 5»

لاحقاً، أكد رئيس وفد النظام بشار الجعفري عزمه الذهاب إلى الجولة الخامسة من مؤتمر جنيف المقرر انطلاقه الخميس والعمل حسب جدول الأعمال، مؤكداً جدية الجانب الروسي في إيجاد حل للأزمة من خلال "تقديم أوراق عمل لنزع الألغام من تدمر والمواقع الأثرية وإنشاء لجنة لتبادل المختطفين وتشكيل لجنة دستورية وورقة مختصة بالمصالحات الوطنية".

واعتبر الجعفري أن المسارات الثلاثة لمفاوضات أستانة كانت إيجابية سواء حضرت المعارضات أم لم تحضر، "لأنه متخصص بضبط نظام وقف الأعمال القتالية وفصل داعش والنصرة عن المجموعات المسلحة الموقعة على اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي لم ينفذ حتى الآن".

سفير إسرائيل

ووسط أنباء عن غارات شنتها الطائرات الإسرائيلية مساء أمس الأول على بطاريات للدفاع الصاروخي في القلمون الغربي بعد ساعات على اغتيالها مسؤولاً كبيراً في ميليشيات "الدفاع الوطني" في القنيطرة، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيمانويل نخشون أن موسكو استدعت سفير تل أبيب لديها غاري كورين مرة واحدة فقط يوم الجمعة الماضي لإبلاغه بأنها "ترغب في أن يكون خط الاتصال مع الجيش الإسرائيلي أكثر كفاءة بهدف تجنب حدوث سوء فهم".

من ناحيته، قال الجعفري إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر باستدعاء السفير الإسرائيلي لتوجيه رسالة قوية إلى إسرائيل على خلفية غاراتها الأخيرة، وصفها بأنها من "كعب الدست" ستجعل الإسرائيليين "يحسبون مليون حساب بعد الآن" وأنه لن تكون لهم حرية الحركة بعد الآن في سورية.

قاعدة روسية

في ضربة مزدوجة لحليفتها أنقرة وغريمتها واشنطن، توصلت موسكو إلى اتفاق مع وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، المرتبط بحزب العمال الكردستاني التركي، يقضي بإقامة قاعدة عسكرية روسية في منطقة عفرين، الواقعة ضمن منطقة الإدارة الذاتية التي أقامها الأكراد تحت اسم "روجافا" (غرب كردستان)، شمال غرب سورية.

وهذه القاعدة ستكون الثالثة لروسيا في سورية، إلى جانب قاعدتها الجوية في حميميم باللاذقية، والبحرية في طرطوس.

ووفق المتحدث باسم "الوحدات الكردية" ريدور خليل، فإن الاتفاق يشمل تدريب موسكو "الوحدات" التي تشكل عماد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من واشنطن.

وكشف خليل أن "وحدات الحماية" تستهدف زيادة قواتها بواقع الثلثين، إلى أكثر من 100 ألف مقاتل هذا العام، موضحاً أن عديد قواتها وصل في نهاية 2016 إلى 60 ألف مقاتل.

من جهتها، سارعت وزارة الدفاع الروسية إلى احتواء الغضب التركي المحتمل، ونفت اعتزامها إنشاء قاعدة عسكرية روسية جديدة في سورية، مبينة أن جزءاً من مركز المصالحة في قاعدة حميميم سينتقل إلى منطقة عفرين.

وعلى الفور، حذر نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش من أن أنقرة لن تقبل وجود "منطقة إرهاب" في شمال سورية، مشدداً على أن التركيبة العرقية بالمنطقة ينبغي أن تبقى كما هي.