بعد هجوم جديد شنته الفصائل الجهادية والمقاتلة انطلاقاً من حي القابون على مواقع القوات الحكومية، دارت معارك طاحنة أمس على بعد نحو عشرة كيلومترات من وسط دمشق، التي كانت بمنأى نسبياً عن ويلات حرب أوقعت مئات آلاف القتلى وخلّفت ملايين النازحين واللاجئين في الداخل والخارج.

ومع انطلاق المرحلة الثانية من معركتها في دمشق، استعادت فصائل المعارضة بمشاركة «جبهة فتح الشام» فجر أمس جميع النقاط التي انسحبت منها على جبهتي العباسيين والقابون شرقي العاصمة، وسط اشتباكات عنيفة مع قوات الرئيس بشار الأسد والميليشيات الموالية على محور الكراش- الكهرباء.

Ad

ووفق المتحدث الرسمي باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان، فإن الفصائل انتزعت كراجات العباسيين بالكامل وشارع فارس خوري نارياً، وتعمل حالياً للسيطرة على شارع فارس خوري وحاجز السيرونكس، مشيراً إلى انهيارات في صفوف النظام.

ومع اتباع الطائرات الروسية والسورية سياسة الأرض المحروقة بتنفيذها عشرات الغارات الجوية، انسحبت الفصائل أمس الأول من كراجات العباسيين لأنها مناطق مكشوفة ومن الصعب الثبات فيها، لكنها تشبثت بمواقعها في معامل الغزل والنسيج والحلو والسادكوب وشركة الكهرباء والخماسية ومعمل كراش بالمنطقة الصناعية في حي القابون.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أن «المعارك العنيفة تجددت في محاور المعامل وكراش والكهرباء ومحيط السيرونكس بحي جوبر وأطرافه وترافقت مع تنفيذ طائرات حربية غارات على محاور القتال، بالإضافة إلى القصف الصاروخي المتبادل والعنيف بين الطرفين»، مشيراً إلى انفجارات هائلة ناجمة عن هجوم بسيارة مفخخة على موقع لقوات النظام بين حي جوبر والقابون.

محاولات تسلل

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري أن «وحدات الجيش تتصدى لمحاولات تسلل مجموعات إرهابية من جبهة النصرة على اتجاه منطقة المغازل شمال جوبر، وتتمكن من تطويق المجموعات المتسللة وتقوم بتطهير المنطقة».

وبعد هدوء استمر ساعات فتحت على إثره المتاجر واستؤنفت حركة السير، ارتفعت سحب من الدخان الأسود فوق المنطقة وسط انهمار الصواريخ المنطلقة من مناطق الفصائل المقاتلة على أحياء العباسيين والتجارة القريبة من حي جوبر ومن وسط العاصمة، ووثق المرصد، مقتل 72 الأحد والاثنين؛ 38 من القوات الحكومية وحلفائها، و34 من الفصائل المسلحة.

القلمون والقرداحة

وفي ريف دمشق، أعلن «الجيش الحر» استعادة القلمون الشرقي بشكل كامل من «داعش»، في تطور من شأنه أن يفتح المجال أمام المعارضة للتقدم في البادية السورية معقل التنظيم المتطرف، موضحاً أن هذا التقدم سبقته السيطرة على كل من سرية البحوث العلمية وحاجز السبع بيار وحاجز مكحول وسد ريشة.

وفي مسقط رأس الأسد بمحافظة اللاذقية، أفاد المرصد أمس بوقوع انفجارات في منطقة القرداحة ناجمة عن سقوط قذائف صاروخية، في حين قصفت قوات النظام بشكل مكثف مناطق في جبل الأكراد ومحور كبانة بريف اللاذقية الشمالي.

«جنيف 5»

ورغم تجدد القتال، أعلنت الناطقة باسم الأمم المتحدة أليساندرا فيلوتشي أمس، أن وفدي الحكومة والمعارضة أكدا حضورهما غداً إلى جنيف لإطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات، مشيرة إلى أن مساعد المبعوث الدولي رمزي عزالدين رمزي سيتولى مهمة استقبال الوفود ذاتها التي شاركت في الجولة السابقة في الفترة من 23 فبراير حتى 3 مارس.

وأوضحت فيلوتشي أن مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا يزور عدة عواصم، أولها كانت العاصمة السعودية أمس، واليوم في موسكو، وغداً في أنقرة الضامنة مع موسكو اتفاق وقف إطلاق النار وعملية السلام.

الأسد وإسرائيل

وبعيد المواجهة الجوية غير المسبوقة مع إسرائيل، اعتبر الأسد أن بإمكان روسيا «أن تلعب دوراً مهماً لمنع إسرائيل من مهاجمة سورية مرة أخرى في المستقبل».

وقال الأسد، في مقابلة مع صحافيين روس نقلتها «سانا»: «سياسة روسيا برمتها تستند إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وبالتالي يمكنهم مناقشة نفس القضايا مع الإسرائيليين طبقاً لهذه المعايير».

ورغم تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بتدمير أنظمة الدفاع الجوي السوري في حال أطلقت مرة جديدة صواريخ باتجاه طائراته، أكد الجيش الإسرائيلي أمس سقوط طائرة من دون طيار تابعة له من طراز «سكاي لارك»، الأحد الماضي في ظروف غامضة والحادث قيد التحقيق.

وبث الإعلام الحربي للنظام صوراً لطائرة الاستطلاع الإسرائيلية تظهر أنها بحالة جيدة مما دفع مصادر إلى التساؤل عن كيفية إسقاطها من سلاح الدفاع الجوي.

وإلى الشمال، وصل إلى خط التماس بين القوات الكردية وفصائل «الجيش الحر» في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي، رتل من السيارات المصفحة وناقلات الجنود الروسية.

وسبق لوزارة الدفاع الروسية أن أكدت فتح فرع للمركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة في محيط عفرين لمنع وقوع خروقات لنظام الهدنة، لكنها نفت إقامة قاعدة عسكرية في تلك المنطقة.

«القاعدة» و«البنتاغون»

ورداً على قصف استهدف مسجد قرية الجينة في محافظة حلب وأسفر عن مقتل 49 مدنياً في 16 مارس، دعا تنظيم القاعدة إلى قتل الأميركيين دون الرجوع إلى أحد، متهماً «أميركا ورئيسها الملعون دونالد ترامب» بالمسؤولية عن هذه المجزرة، بحسب شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

وجاء ذلك بعد أن أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جيف ديفيس عن فتح تحقيق في الغارة، التي قال إنها استهدفت اجتماعاً لتنظيم القاعدة قرب المسجد، أوقعت العديد من القتلى المدنيين.