حتى الآن، معظم اللقاءات التي أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع العرب كانت على مستوى القمة، وعلى المستويات العليا التي تعتبر بمستوى القمة أيضاً، وهذا يدل على أن الولايات المتحدة عادت لتضع الشرق الأوسط في مقدمة اهتماماتها كمنطقة مصالح حيوية رئيسية واستراتيجية، على خلاف ما تم خلال الأعوام الثمانية العجاف الماضية، إذ تعامل الرئيس السابق باراك أوباما وإدارته مع هذه المنطقة، خلال معظم هذه الأعوام، باعتبارها لم تعد أساسية ورئيسية بالنسبة إلى أميركا، التي عليها أن تتحول بمراهناتها إلى الصين وبعض دول الشرق الأوسط الأخرى.وأدت هذه النظرة الحولاء القصيرة إلى تحول دول المنطقة حتى تركيا، العضو المؤسس في حلف شمال الأطلسي، بل أهم الأعضاء، إذا استثنينا الولايات المتحدة، نحو الشرق أي نحو روسيا الاتحادية، إذ تخلى عنها أوباما في اللحظة الحرجة عندما كانت في أكبر المواجهات التناحرية بينها وبين موسكو بعد إسقاط الطائرة الحربية الروسية، إضافة إلى أن الروس لم يكونوا ليأخذوا كل هذه المكانة في الأزمة السورية، لو لم تفتح الإدارة الأميركية السابقة لهم الأبواب على مصاريعها.
والسؤال الذي يُفترَض أن يترتب على الإجابة عنه اهتمام أميركي "استراتيجي" هو: هل يُعقَل يا ترى أن يتخلى الأميركيون عن دولة بقيت في مواجهة مع روسيا، إن في عهد الاتحاد السوفياتي، وإن في عهد روسيا الاتحادية، وهي تركيا العضو المؤسس في حلف شمال الأطلسي، والتي كان جيشها الجيش الأكبر بعد جيش الولايات المتحدة، وأن يتخلوا عن العرب كلهم اللهم باستثناء بعض الترضيات التي كانت ترضيات "فردية"، والتي كان تأثيرها شبه معدوم بالنسبة إلى الصراعات وموازين القوى في هذه المنطقة الشرق أوسطية؟!والمستغرب أن الأوروبيين، الألمان والهولنديين تحديداً، يأخذون على الأتراك، الذين ساءت العلاقات معهم إلى حد هذا التردي المستغرب، أنهم قد تحولوا من الغرب إلى الشرق، وهم يعرفون أن تركيا بقيت تطرق الأبواب الغربية عملياً أكثر من ستين عاماً، لكن بدون أي نتيجة، وبقيت هذه الأبواب مغلقة في وجهها، إن في زمن السوق الأوروبية المشتركة، وإن في عهد ما بات يعرف بالاتحاد الأوروبي.والآن، وقد أظهرت الولايات المتحدة في عهد هذه الإدارة الجمهورية، التي يرأسها دونالد ترامب، بخيره وشره، كل هذا الاهتمام بالشرق الأوسط والمنطقة العربية، فإن على العرب، الذين سيذهبون بعد أيام قليلة إلى قمة عمان (البحر الميت) الواعدة حقاً، أن يتخلوا عن بعض المواقف "الاستهلاكية" التي تتخذها بعض دولهم، التي إن استمرت بهذه المواقف فسينطبق عليها الحديث الشريف: "إنما يأكل الذنب من الغنم القاصية" وعليهم، أي العرب، أن يدركوا أنهم، إن لم يدفعوا هذا التمدد الإيراني عن بلادهم فسيتخلى عنهم الجميع حتى الأميركيون في هذا العهد، كما تخلت عنهم إدارة أوباما الديمقراطية السابقة!
أخر كلام
مؤشرات على اهتمام ترامب بالعرب
22-03-2017