على وقع تسارع التحضيرات لمعركة فاصلة مع تنظيم «داعش» في معقله بسورية، نفذت القوات الأميركية ليل الثلاثاء- الأربعاء عملية إنزال جوي في عدة مناطق بمحيط مدينة الطبقة، تمكنت خلالها من قطع طريق حلب- الرقة.

ووفق قادة أكراد تدعمهم الولايات المتحدة وشهود عيان، فإن طائرات مروحية تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن قدمت من مناطق شمال نهر الفرات الواقعة تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) وقامت بإنزال نحو 100 مقاتل في مطار الطبقة وعلى منطقة المحمية وقريتي أبوهريرة والبوعاصي وقامت بقطع طريق حلب الرقة والسيطرة عليه.

Ad

وأضح شهود، أن الطائرات الأميركية ألقت منشورات حذرت فيها السكان من التجول في مدينة الطبقة والقرى المحيطة بها، مشيرين إلى أن «قسد» اجتازت نهر الفرات للمرة الأولى عبر الزوارق من منطقة قلعة جعبر باتجاه قرية الكرين على بعد 7 كم غرب مدينة الرقة.

وقبل ساعات من عملية الإنزال، شنت طائرات التحالف الدولي عدة غارات على الطبقة ومحيطها استهدفت الفرن الآلي ومدرسة البادية جنوب بلدة المنصورة، التي تستخدم مركزاً لإيواء النازحين وتضم نحو 50 عائلة.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، سقوط 33 قتيلاً على الأقل في هذه الغارات، مشيراً إلى أن «عمليات انتشال الجثث وإجلاء الضحايا من المباني جارية وحتى هذه اللحظة كان هناك شخصان فقط على قيد الحياة من تحت الأنقاض».

معركة دمشق

ومع احتدام المواجهات على بعد كيلومترات من قلب دمشق، أصدر المجلس الإسلامي السوري، أمس، بياناً شدَّ فيه من أزر فصائل المعارضة، ودعا الجميع خصوصاً المرابطين في الغوطة الشرقية إلى المشاركة في المعركة «المصيرية للجميع»، مشدداً على «ضرورة التحرك بقيادةٍ واحدةٍ وعلى قلب رجل واحد»، محذراً «كل فصيل أن تؤتى الغوطة من قبله أو أن يقع أحدٌ بالعجب وينسب الفضل لنفسه».

وطالب المجلس، الذي أسسته 40 رابطة وهيئة شرعية في 2014 بإسطنبول، بفتح الجبهات الأخرى «لمشاغلة العدو وإرهاقه وتشتيت إمكاناته وجهوده، وعدم إعطائه الفرصة ليستجمع قواه ويلتقط أنفاسه»، مشيراً بشكلٍ خاص إلى الجبهات القريبة كجبهات درعا والجولان وجنوبي دمشق.

وإذ طالب دول العالم الإسلامي بتقديم الدعم بكل أشكاله، أشار المجلس، الذي يضم 128 رجل دين وداعية، إلى أن النظام لا يفهم إلا منطق القوة ولغة الإرغام، و«أكدت الأحداث أنه لا عهد له ولا أمان، فقد نقض عهده مع برزة والقابون في أطراف الغوطة وبدأ هجومه الواسع عليهما وتكبد خسائر فادحة وحاق به مكره السيئ، ورأينا بالأمس ما حصل لمجاهدي الوعر ومن قبلهم وادي بردى وغيرهم».

جبهة جديدة

وفي موازاة الأحداث المتسارعة في دمشق وتمكن المعارضة من الاحتفاظ بمكاسبها لليوم الثاني على التوالي رغم القصف الجوي غير المسبوق، فتحت الفصائل بقيادة «هيئة تحرير الشام» جبهة كبيرة في محافظة حماة الواقعة في الجزء الأوسط من غرب سورية، وهاجمت مواقع النظام في بلدة صوران وقرية معردس وسيطرت على الأولى كاملة، وعلى أجزاء من الأخرى، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأعلنت «هيئة تحرير الشام»، التي تضم جماعات إسلامية متشددة في مقدمتها جبهة «فتح الشام»، أنها أطلقت معركة (وقل اعملوا) في ريف حماة الشمالي، أمس الأول، بهجومين انتحاريين بسيارتين ملغومتين قرب بلدة صوران.

صوران ومعردس

وأوضح المرصد أن الهيئة سيطرت أمس، على العديد من المواقع في المنطقة حول صوران وفي قرية معردس إلى الجنوب منها مباشرة وعلى مناطق جديدة وحواجز عسكرية.

وأكد «جيش النصر»، أبرز الفصائل المشاركة في المعركة، أن المعارضة وسعت سيطرتها في ريف حماة بعد انتزاعها لبلدة خطاب ورحبتها العسكرية والمستودعات القريبة منها وعلى حواجز غزال والغربال والصفوح والنقطة 50 والنقطة 30، اللتين تعتبران أهم النقاط الدفاعية عن منطقة قمحانة، ومداجن السباهي والقشاش وقرية خربة الحجامة وسوبين.

خطوط الدفاع

وبين أن «فصائل المعارضة كسرت خطوط الدفاع الأولى عن بلدة قمحانة، أبرز مواقع قوات النظام، واستهدفت مطار حماة العسكري من الجهة الغربية ودمرت فيه طيارتين.

وأقرت مصادر إعلامية مقربة من النظام بسيطرة المعارضة على أغلب مدينة صوران باستثناء الجزء الشمالي منها، وعلى قرية خطاب ورحبتها العسكرية بعد انسحاب القوات الحكومية منها»، مشيرة إلى أنها بدأت هجوماً على بلدة معردس.

تركيا والأكراد

وعلى جبهة أخرى، أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية إصابة عشرة مدنيين في قصف مدفعي تركي لقرى سورية في منطقة عفرين، التي وصلتها قوات روسية قبل يومين.

وأكد الجيش التركي أن القصف جاء رداً على مقتل أحد جنوده بنيران قناص من منطقة ذات الأغلبية الكردية في الجانب السوري من الحدود أثناء مناوبته في محيط مخفر»ريحانلي بوكولماز» الحدودي بولاية هاتاي.

مفاوضات جنيف

ووسط الأجواء المشتعلة، تنطلق اليوم جولة خامسة من المفاوضات غير المباشرة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة في جنيف، لكن الأمال بتحقيق أي اختراق تبقى محدودة في ظل عدم إبداء طرفي النزاع أي مرونة.

وانتهت جولة المفاوضات الأخيرة في الثالث من الشهر الحالي بإعلان الأمم المتحدة الاتفاق على جدول أعمال «طموح» من أربعة عناوين رئيسية على أن يجري بحثها «في شكل متواز»، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب.

ووصل وفدا الحكومة برئاسة مندوبها في الأمم المتحدة بشار الجعفري والهيئة العليا للمفاوضات بقيادة نصر الحريري إلى جنيف أمس، وأيضاً ممثلون عن «منصة موسكو»، يتقدمهم نائب رئيس الوزراء الأسبق قدري جميل، و»منصة القاهرة» بزعامة المتحدث السابق باسم الخارجية جهاد المقدسي.

جولة ديميستورا

وحتى إنهاء مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا جولة خارجية شملت الرياض وموسكو ومنها إلى أنقرة، سيتولى مساعده رمزي عزالدين رمزي، استقبال الوفود اليوم وإطلاق جولة المفاوضات، التي ستكون عبارة عن «محادثات غير مباشرة».

وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقائه ديميستورا على تثبيت التقدم في الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف، مؤكداً ضرورة توحيد «جهود العمل على السلال الأربع المعلنة سابقاً، بما في ذلك المباحثات حول الدستور».