كان آخر ظهور للمفكر الكبير السيد ياسين قبل رحيله بثلاثة أشهر، في «صالون الأهرام الثقافي»، تحديداً في 27 ديسمبر 2016 في احتفال تدشين الدورة الأولى للصالون في المبنى الرئيس لمؤسسة الأهرام.

ركَّز السيد ياسين خلال كلمته في الاحتفال على نقاط عدة، أولها ضرورة تبسيط العلوم في ظل ما يحدث في عصر العولمة، أو ما بعد العولمة، موضحاً أهمية أن نسأل أنفسنا بشأن المشكلات الدائرة على مستوى العالم، وعلى المستوى الإقليمي، وما هو معيار المشكلات التي نختارها في «صالون الأهرام الثقافي» لتناولها لاحقاً.

Ad

اقترح السيد ياسين خلال كلمته أن نحاول الإجابة عن سؤال: في أي زمن نعيش؟ ليجيب بنفسه قائلاً: «لو طرح عليّ هذا السؤال لأجبت بأننا نعيش في عصر الاضطراب العالمي، ومقبلون على عصر صراع الحضارات»، كاشفاً أنه يقضي يومياً ست ساعات في القراءة والاطلاع، لأنها مسألة حيوية لأي باحث كي يكون مطلعاً على ما يحدث حوله وفي العالم من أفكار وتقدم.

رأى الروائي والأديب إبراهيم عبد المجيد أننا فقدنا إحدى القامات الثقافية في مصر، فقد كان ياسين قارئاً كبيراً  للآداب والفنون، وكان على تواصل دائم مع الأدب الجديد والآراء الشبابية والحديثة، مؤكداً أنه كان من أوائل الذين قرأوا أعماله في بدايات حياته الأدبية.

استكمل عبد المجيد كلامه قائلاً: "كان فكره حراً ومستنيراً وكان من الطبيعي أن يصطدم بالأيديولوجيات الثابتة، خصوصاً الإسلام السياسي، لأنه كان يرى في جماعاته محاولة للارتداد إلى الماضي، وكان رغم كبر سنه متابعاً للأجيال والتطورات التكنولوجية كافة”، مشيراً إلى أنه كان يعلم الكثير عن الشخصية المصرية والمجتمع المصري، والعربي عموماً.

الأديب والشاعر الدكتور علاء عبدالهادي، رئيس اتحاد كتاب مصر، نعى إلى جمهور المثقفين والمبدعين في العالم العربي رحيل السيد ياسين مؤكداً أن الأخير أحد أهم المفكرين والكتاب في مصر والعالم العربي، وأثرى بأفكاره وكتاباته وبحوثه دراسات سياسية واجتماعية عدة.

قال عبدالهادي: «للراحل العظيم مؤلفات كثيرة، لا سيما أنه اهتم بتوضيح فكرة العولمة وله دراسات خاصة في الاقتصاد الحر، من بينها «أسس البحث الاجتماعي، و«دراسات في السلوك الإجرامي»، و«الشخصية العربية بين تصور الذات ومفهوم الآخر»، و«مصر بين الأزمة والنهضة”، و«تحليل مفهوم الفكر القومي»، و«السياسة الجنائية المعاصرة... دراسة نقدية للدفاع الاجتماعي»، و«الوعي التاريخي والثورة الكويتية».

وأوضح عبدالهادي أن مسيرة ياسين الثقافية والأدبية امتدت أكثر من 50 عاماً، قدَّم فيها للمكتبة العربية تراثاً كبيراً وحصل على لقبي «الكاتب والمفكر»، وأطلق عليه الباحثون والمقربون «سيد التحليل السياسي الاجتماعي»، لكتاباته وإسهاماته وبحوثه الفكرية التي أثرت في كثيرين، وستظل مرجعاً حياً للباحثين والكتاب رغم وفاته.

مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أصدر بياناً نعى فيه الكاتب والمفكر السياسي والاجتماعي الراحل، مشدداً على أن مسيرته العلمية والمهنية حفلت بعدد من المساهمات الكبرى، كان أبرزها مساهمته التاريخية في تأسيس «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وصناعة الأجندة البحثية والفكرية للمركز خلال مراحل عمله المختلفة، كذلك كان له الإسهام البارز في تطوير أدوات مناهج البحث في مجال علم الاجتماع، وتقديم قراءات نقدية للكتابات والنظريات الغربية التي تناولت الظواهر العربية.