استأنف البرلمان البريطاني جلساته الخميس في لندن غداة الهجوم الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص حسب حصيلة مخفضة للشرطة التي أوقفت سبعة أشخاص في اطار التحقيق في الاعتداء الذي يرجح المحققون فرضية «الإرهاب الإسلامي» فيه.واستانف البرلمان البريطاني عمله الخميس وبدأ جلسته بدقيقة صمت في الساعة 09,33 ت غ في قصر ويستمنستر قلب العاصمة السياسي والسياحي، الذي نكس أعلامه، كما جرت مراسم مشابهة متزامنة أمام مبنى سكوتلانديارد على بعد مئات الأمتار تكريماً لذكرى الشرطي القتيل.
وأعلن قائد وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية مارك راولي صباح الخميس «توقيف سبعة أشخاص في ستة مواقع مختلفة في لندن وبرمنغهام (وسط) وغيرهما في البلاد».وخفضت الشرطة حصيلة قتلى الاعتداء الأكثر دموية في المملكة المتحدة منذ 12 عاماً، إلى ثلاثة أشخاص لا أربعة، وقال راولي في إعلانه أمام مقر الشرطة سكوتلانديارد «تم تخفيض الحصيلة»، موضحاً أن القتلى سيدة أربعينية ورجل خمسيني وشرطي يبلغ من العمر 48 عاماً هوجم أمام مدخل البرلمان، إلى جانب المنفذ.وأفاد مصدر دبلوماسي في اسبانيا أن السيدة القتيلة ربة عائلة بريطانية والدتها اسبانية.أضاف راولي أن 29 شخصاً نقلوا إلى المستشفيات للعلاج بينهم سبعة ما زالوا في حالة حرجة.وتحدث عدد من وسائل الإعلام البريطانية عن عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة في برمنغهام وسط البلاد ليلاً على علاقة بالمنفذ المفترض للهجوم.وصرّح شاهد على المداهمة التي استهدفت منزلاً في برمنغهام لوكالة بري اسوشييشن أن «رجل لندن أقام هنا».ونقلت البي بي سي أن السيارة التي استخدمها المنفذ لدهس المارة على جسر ويستمنستر مؤجرة في برمنغهام.وبرمنغهام مركز للإسلاميين البريطانيين وسبق أن أقام فيها محمد عبريني، أحد منفذي اعتداءات بروكسل وباريس، قبل الاعتداءين.وواصل محققو سكوتلانديارد ترجيح فرضية «الإرهاب الإسلامي» في الاعتداء.
الأعنف
بعيد ظهر الأربعاء، أقدم رجل ملتح يرتدي ملابس سوداء داهساً بسيارته الحشد على جسر وستمنستر مقابل ساعة بيغ بن، قبل أن يطعن شرطياً وهو يحاول الدخول إلى مبنى البرلمان.لم تتبن أي جهة حتى صباح الخميس الاعتداء الذي وقع بعد عام تماماً على اعتداءات بروكسل التي أسفرت عن مقتل 23 شخصاً.وهو أعنف هجوم تشهده بريطانيا منذ الاعتداءات الانتحارية التي وقعت في السابع من يوليو 2005 وتبناها مؤيدون لتنظيم القاعدة. وقد أسفرت حينذاك عن سقوط 56 قتيلاً في وسائل النقل المشترك في لندن.وبين الجرحى ثلاثة طلاب فرنسيين في المرحلة الثانوية كانوا يقومون برحلة مدرسية، بينهم اثنان اصابتهما خطيرة لكن حياتهما ليست في خطر بحسب مسؤول فرنسي، وسيتوجه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت إلى لندن الخميس لزيارتهم صباحاً.وأصيب في الاعتداء سياح كوريين جنوبيين ورعايا رومانيين وبرتغاليين.وغرّد النائب المحافظ نايجل هادلستون «كآلاف من الآخرين العاملين هنا، سأتوجه إلى البرلمان كالعادة، لكن الأعلام المنكسة تكشف أن هذا اليوم لن يكون كسائر الأيام».وما زالت محطة ويستمنستر للمترو مغلقة فيما انتشر الكثير من الشرطيين الإضافيين في لندن، كما أن جسر ويستمنستر المؤدي إلى البرلمان ما زال مغلقاً أمام المرور فيما يواصل المحققون التقصي.وقال الكومندان رولي أن المهاجم دهس عدداً من المارة أولاً، بينهم ثلاثة شرطيين، وقُتِلَ شخصاً على الأقل بينما عالجت فرق الاسعاف أكثر من عشرة آخرين ميدانياً، وقفزت امرأة إلى نهر التيمز لتفادي السيارة المسرعة وتم انتشالها وهي مصابة بجروح خطيرة.وبعدما صدم سيارته الرمادية بسور قصر ويستمنستر بالقرب من مدخل الجسر، اندفع المهاجم باتجاه مدخل البرلمان القريب جداً قبل أن يقوم بطعن شرطي، حسب رولي.وأطلقت الشرطة النار على الرجل عندما كان يحاول الاعتداء على شرطي ثان.وأثار الهجوم أجواء من الهلع في وسط لندن.قوى الشر
ودانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي التي ارتدت الأسود الاعتداء «الدنيء» في خطاب متلفز من أمام مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت، وقالت بعد اجتماع أزمة وزاري أن «قوى الشر لن تقسمنا».أكدت ماي أن «مستوى التهديد الإرهابي في بريطانيا تم تحديده منذ فترة عند مستوى الخطر الشديد، وهذا الأمر لن يتغير»، ومنذ أغسطس 2014، رفع مستوى الانذار إلى الدرجة الرابعة في سلم من خمس درجات.واتصل الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والأميركي دونالد ترامب بماي بينما أطفئت أنوار برج ايفل ليلاً تكريماً للضحايا، وكتب ترامب في تغريدة على تويتر «تحدثت إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لأعبر لها عن تعازي، إنها قوية وفي وضع جيد».كما عبرت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل عن دعمها «لأصدقائها البريطانيين».الخميس، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه إلى المملكة المتحدة، مصرحاً في بيان صادر عن الكرملين «من البديهي أن مكافحة التهديد الإرهابي تتطلب من جميع أعضاء المجتمع الدولي توحيد جهودهم فعلياً».ووقع الهجوم يوم احياء ذكرى الاعتداءات الجهادية في بروكسل التي أسفرت عن سقوط 32 قتيلاً قبل عام تماماً.ويذكر هذا الاعتداء الجديد بهجومي نيس (84 قتيلاً في فرنسا) وبرلين (12 قتيلاً) اللذين وقعا في 2016 ونفذا بآليتين دهستا الحشد، ويندرج في مناخ الخطر الحاد بحصول اعتداءات في أوروبا ينفذها خصوصاً اتباع تنظيم الدولة الإسلامية.لم تشهد لندن في العامين الأخيرين اعتداءات واسعة النطاق، لكن سكوتلانديارد أعلنت في مطلع مارس احباط الأجهزة الأمنية البريطانية 13 محاولة اعتداء منذ يونيو 2013.وتصدرت أخبار الاعتداء عناوين الصحف البريطانية ووصفته صحيفة ديلي ميرور (يسار) بأنه «اعتداء ضد الديموقراطية».كذلك أكد رئيس بلدية لندن صديق خان مساء الأربعاء أن «اللندنيين لن يسمحوا للارهاب بتخويفهم».