صدرت لك أخيراً رواية «سقراط والمرأة» بعد روايتك «الأنثى والعقاب»، وفيهما المرأة محور ارتكاز الأحداث. ما الهدف من ذلك وما دلالته في رأيك؟

Ad

لا دلالة محددة. المرأة هي محور الارتكاز في الواقع وليس في الأدب فقط. تتناول روايتي الأولى «الأنثى والعقاب» في الأساس قضية اجتماعية تعنى بمجهولي النسب وحقوقهم وتعاطي المجتمع معهم. فيها كانت «علياء» سند «سعيد» الذي حمل هذه الرسالة وأباح بما يجري خلف الستار من شذوذ وتحرش جنسي وإساءات، وآثر هو نفسه ليكون كياناً خاصاً، وحمل القضية إلى أن أخذ حقه وسُلب منه حلم حياته (علياء) التي آزرته على امتداد قهره ومعاناته فلا نهاية سعيدة هنا. أما «سقراط والمرأة»، فرواية تحمل كثيراً من اللاوعي. سقراط ذلك الرجل المهزوم الذي يهذي ويلوك ويجلد ذاته، رافضاً خنوعه ومقيداً بحكم الصوت الأعلى. أحببته لأنني وجدت أنني أحدث نفسي أكثر وأواجهها بجرأة أكبر. اعتبرت سقراط هرطقتي الخاصة التي تفهمني ولا تحكم عليّ. وأتمنى أن تصل رسالتي في هذه الرواية إلى من قرأها، علماً بأن الاسم لا صلة له بحياة سقراط الفيلسوف إلا بجنونه وربما موته.

بين القصة والرواية

أنت كاتبة جيدة للقصة والرواية في آن، هل يحدث تعارض بينهما لديك؟

أحب أن أكتب القصة، فأجعل منها تحدياً لبنات أفكاري، أي أن استهل فكرة ثم أُسقط عليها غموضاً، ثم مفاجأة. تمدني القصة بشعور جميل وقد يصل الإدرينالين إلى قمة رأسي ما إن أنهي واحدة فقط. ولكن لا أتعرف إلى قلمي إلا في الرواية. أحب أن أسهب في التفاصيل وأعارك الوقت ألا ينتهي. أشعر بذاتي كُلياً وبفوضى حواسي حينما أبدأ بكتابة رواية، ولا يوجد تعارض بينهما بالنسبة إلي على الأقل، القصة ملكة الأفكار والرواية تسرقني وقتما تشاء.

ما رأيك في القصة القصيرة جداً وثمة من يعول عليها كثيراً، خصوصاً بعد انتشارها ورواجها عربياً؟

نحن في زمن القصة القصيرة جداً، في زمن التكنولوجيا والسرعة الطائشة، والقارئ يبحث عن ثقافة سريعة لا تأخذ حيزاً من وقته. ولما كنا نعاني قلة القراءة، فهذه الطريقة المُثلى كي لا نؤبن الكتاب. بالنسبة إلي، لا أفضلها ولكني أقرأها من باب المواكبة، ولا أتوقع أن أجعل من القصة مجازاً وإن كانت تتفوق بلغتها وخاصيتها على مؤلفات عالمية. أفضل الإكثار من التفاصيل.

الكتابة للأطفال

ماذا عن كتاباتك للأطفال؟ وهل ترين أنها تلبي طموحات أطفال اليوم في العالم العربي؟

فرعي

أدب الأطفال عالم جنوني ومسؤولية تُثقل الكاهل، وكما أشرت يجب أن تُلبي طموحات أجيالنا هذه. نحن نتحدر من جيل «ليلى والذئب» و{بينوكيو» وغيرهما. أما هم فجيل الأبعاد الأربعة ومن الصعب إشباع خيالهم. أحاول أن أعيش حالة ابنتيّ العقلية والذهنية كي أخرج بنتاج يُرضيهما، وآخذ برأيهما في أية قصة أكتبها للطفل ولهما الفضل بكتابتي، إذ أستلهم قصصي من تصرفاتهما.

ماذا عن الحركة النقدية. هل واكبت تجربتك الأدبية؟

النقد هو النصف الآخر للأدب الذي يكمل مسيرته، فلا يصح أن نكتب من دون أن نُنتقد ولا العكس. أعتقد أن هذا الأمر يرجع إلى مدى صدق الناقد، وهل نقده كان بناءً أم فقط من باب التنظير والإحباط. بالنسبة إلي، أسمع الآراء كافة وأرحب بها سلباً وإيجاباً. أستفيد من الهدم البناء وأتحاشى أن أسجن في كلمات مُحبطة تعرقل مسيرتي، فلا يُشتت العمل الإبداعي إلا الاستسلام.

يقول البعض إننا نعيش عصر الرواية لأنها طغت على الألوان الأدبية الأخرى. ما رأيك؟

الرواية سيدة الأدب العربي والغربي. رغم أننا نبتعد عنها أحياناً في محاولة لمواكبة النتاج الفكري الجديد، فإننا لا نستطيع إلا أن نعود متعطشين لقراءتها، ونحن في عصر الأدب بأشكاله كافة، وتبقى الرواية سيدته الأولى.

الوضع الثقافي

ماذا عن المشهد الثقافي والأدبي الأردني؟

في الأردن كوكبة متكاملة من الحقول الأدبية. عندما أحضر أمسية شعرية مثلاً لأحد شعرائنا المبدعين، لا أجد ما يفوق جمال حروفهم وهذيانهم وتمردهم. ولا أرى بأن الإبداع الشعري يتراجع بل هو في أبهى أوقاته نظراً إلى كل ما يدور من حولنا، وإلى أحلام الكتّاب المؤجلة التي تترجم على هيئة شعر. وعند لقائنا بالقاصين والروائيين أمثال الرائعة سميحة خريس والأستاذ هاشم غرايبة وغيرهما نُمدّ بشعور نحن بحاجة إليه. ما أجمل أن تستمع إلى تلك الحكاية التي تبدأ بـ{كان ياما كان» وتنتهي بمفاجأة لم تكن في الحسبان. والقصة عندنا في أوجها، أما الرواية فلا شيء يصف تلك السطور، فهي الأقدر على جعلنا نعيش شخوصاً ومكاناً وزماناً. في رأيي المتواضع، لكل من تلك الحقول حيز إبداعي يؤخذ بعدل تام،

غير أن وضع الثقافة المادي في الأردن ليس بأفضل أحواله، ما بين الميزانية والجهات الداعمة والفائض الإبداعي خصوصاً من فئة الشباب، تجدنا نقع بما أسميه «إلى حين ميسرة»، أي إلى أن تتاح لنا فرصة ولمخطوطاتنا كي ترى النور وهنا يقع المبدع في حالة إحباط وتراخٍ وربما يأس يجعله يهجر قلمه، ولست أعمم ولكن هذا ما أراه، علماً بأن الثقافة أحد أهم عوامل نهوض المجتمعات اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، ولكنها تُعامل على أنها من المُسلمات فلا يُعتنى بها كما يجب.

جنين في رحم الكتابة

ترى الأديبة ديما الرجبي أنها تكتب لتجعل من قلمها بصمة لأحدهم، وذكرى على رفوف المكتبات وهذه أكبر أمانيها، وتضيف: «لا أعلم كيف أتحدّث عن نفسي، ولكن بإيجازٍ بسيط، أنا لا أعرفني ولا أجدني إلا عندما أُسقط الحروف من داخلي. عمر قريحتي الأدبية لا يتجاوز الخمس سنوات وما زلت جنيناً في رحم الكتابة. لي من المؤلفات الروائية ولادتان فكريتان متواضعتان، الأولى رواية بعنوان «الأنثى والعقاب»، والأخرى «سقراط والمرأة». أكتب قصص الأطفال في مجلة «وسام»، ولي من المقالات السياسية نحو مئتي مقال. حياتي كما الجميع، بسيطة وحافلة في الوقت ذاته. متزوجة ولي أميرتان صغيرتان هبةً من الله عز وجل، وزوجي صديقي ونصفي الأفضل». أما عن الروافد التي شكلت تجربتها الإبداعية، فتقول: «أعتمد في كتابتي على الثروات الفكرية. فلكل منا رواية يحاكيها، وثمة من لا يعرف كيف يُسطرها فآتي أنا أسمعها وأسكبها في قالب يُقرأ. الوضع الذي يُحيط بنا سياسياً أقتات من تفاصيله، يستفزني كل شيء ويشدني كل غريب. أبحث عن التفاصيل في كأس الماء الفارغ، ولكل منا تجربة خاضها وحفرت شيئاً في داخله، ومن هنا تشكل وعيي ونضجت قريحتي ولا تزال تنضج والحياة حافلة بتجارب ستثريني دائماً. تأثرت كثيراً بالقامات الأدبية من محمود درويش إلى فولتير وأقرأ حتى الثمالة. وفي النهاية، أكتب كما يوحى إليّ».