المفترض أن تشترط الـ 68 دولة مسلمة للاستجابة لدعوة دونالد ترامب بالمجيء إلى واشنطن، للتباحث بشأن الإرهاب ومواجهته والقضاء عليه، أن يعتذر الرئيس الأميركي، الذي يسود اعتقاد لدى العديد من الذين يصنعون السياسات الأميركية الرئيسية أنه لن يكمل فترته الرئاسية، عما قاله قبل أيام قليلة "إن الإسلام يكرهنا"، أي يكره الأميركيين والمسيحيين، وهذا بالطبع غير صحيح على الإطلاق، وهناك ملايين الأدلة على عدم صحته.لم يقل ترامب، الذي "استدعى" 68 دولة مسلمة، بعضها تنتمي جغرافياً للقارة الأوروبية، مثل تركيا وألبانيا، للحضور إلى واشنطن للتباحث بشأن مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، إن المسلمين أو بعضهم "يعادوننا"، بل قال إن الإسلام هو الذي "يعاديهم"، وهذا كان يجب الرد عليه في اللحظة نفسها وعلى الفور، كما يقال، فاتهام دين كوني وعالمي، أتباعه يزيد عددهم كثيراً على المليار، يعني هؤلاء جميعاً، ويعني أنه هو من يكره هذا الدين الحنيف، فمن يكره الإسلام يكره المسلمين كلهم، حتى بما في ذلك الذين سيستجيبون لدعوته، والذين سيهرعون خفافاً وثقالاً في الذهاب إلى العاصمة الأميركية في الوقت المحدد.
إن هذا الرئيس الأميركي يتعرض الآن، حتى قبل إتمام المئة يوم في البيت الأبيض، لحملة انتقادية لم يتعرض لها أي من الـ44 رئيساً الذين سبقوه إلى هذا الموقع، الذي هو إذا أردنا الحقيقة أهم موقع في العالم كله، ولذلك فإن أغلب الظن أنه أراد هذا الاجتماع، الذي دعيت إليه 68 دولة مسلمة، بناء على آراء بعض العقلاء من رموز إدارته، كي يظهر للأميركيين أن هذه الحملة عليه غير منصفة، وأن استجابة كل هذه الدول الإسلامية لدعوته يعني أن العالم الإسلامي معه، وأنه غير صحيح أنه غير مرغوب فيه في هذه المنطقة، التي غالبية أهلها الكاسحة من المسلمين.ولذلك فإنه لابد من إفهام ترامب أن إساءته هذه للدين الإسلامي والتجني عليه يجب ألا تمر مرور الكرام، وأنه كما "تدين تدان"، وأن من تقصد إهانة أكثر من مليار من المسلمين يجب أن يعتذر، وإلا فإن من يذهب إلى واشنطن بدون اعتذار الرئيس الأميركي المسبق سيكون قد خالف ما في ضمائر أبناء الأمة الإسلامية كلها، وسيعرّض نفسه لغضب المسلمين كلهم، وفي كل قارات الكرة الأرضية التي يتواجدون فيها.ربما من حق ترامب أن يفعل ما يشاء في الولايات المتحدة طالما أن هناك مؤسسات فاعلة وصاحبة قرار هي التي ستحاسبه، أما أن يستهدف الإسلام بهذه الطريقة الفجَّة، ويسيء إلى المسلمين كلهم فإن هذا يستدعي الاعتذار المسبق قبل الاستجابة لهذه الدعوة التي هي دعوة سياسية، وهنا فإنه لابد من التنويه بأن الشعب الأميركي شعب عظيم، وأنه صديق صدوق للمسلمين والعرب الذين كانت الدولة المغربية أول دولة في العالم بأسره اعترفت بالولايات المتحدة الأميركية.
أخر كلام
إلى ترامب: الاعتذار أولاً!
24-03-2017