من يَمنح الحرية يُمنح السلام
المعطي والمانع هو الله سبحانه وتعالى، سخَّرنا لنقضي حوائج بعضنا، وجعلنا درجات حتى يتحمل بعضنا بعضاً، ولكن على ما يبدو فإن الكثير نسي أن كل شيء بيد الله، مقلب القلوب والأبصار، والباسط والمانع والمعز والمذل، فراح من بيده القوة يتسلط على من هو أدنى منه، سواء في القوة أو في الرزق، ونسي أن أبسط شيء من خلق الله لا يمكنه أن يتوقعه.سألت صديقاً عربياً: لماذا يؤجل العربي فرحته واستقراره، ودائماً قلق على المستقبل والأولاد والعمل، مع أن ذلك ليس من اختصاصه، بل هو من تدبير الله، عز وجل؟ ألا يفترض أن نجتهد في الحياة دون أن نتعب أنفسنا متى ينتهي العمل والنعيم، كما يظن البعض؟
فأجابني بطريقة سياسية بشكل كبير، بأن قلقنا من السياسات في بلادنا هو بسبب ما تدفعنا إليه حكوماتنا من قلق وترقب وعدم استقرار، فهي تسلب منا الحياة مرتين؛ الأولى عندما تجعلنا في عمل دائم لفترات على الرغم من عدم احتياج البعض أحياناً لذلك، والثانية عندما تفشل في مسؤوليتها الاقتصادية وإدارة شؤون البلاد، ولذلك فالنتائج السلبية تقع على المواطن العربي بشكل عام.تستوقفني هذه الفترة الشعوب الأوروبية، فهي تعمل وتستمتع بوقتها ولا تميل إلى فكرة الادخار وتأجيل لحظة السعادة لأنها مؤمنة بنظام تأمين صحي لها ولأبنائها، وتضمن التعليم والعمل، أما الشعوب العربية فهي مترقبة قلقة يدفعها قلقها إلى المخالفات القانونية والإنسانية من أجل المستقبل وتأمين نفسها من غباء حكوماتها، فكل فشل يتحمله المواطن، وكل نجاح يسرقه المسؤول. هذا ملخص حال الشعوب العربية وحكوماتها، لذلك لا الشعوب تعيش ولا الحكومات تنجح ولا تنعم بالاستقرار.