طرق الصين في حماية صناعاتها المحلية
أعلنت الصين في الفترة الأخيرة عزمها منح حصة استثمار إضافية لفرع شركة «بلاك روك» لإدارة الأصول، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، وقد وصف ذلك الاتفاق بأنه تحرير رئيسي في قطاع مغلق بشكل شبه تام في وجه الشركات الأجنبية.
تعمل الصين بطرق خلاقة على حماية صناعاتها المحلية، وعلى الرغم من اجراءاتها المتعلقة بتحرير اقتصادها في السنوات القليلة الماضية فقد أقامت بكين مجموعة من الحواجز المعقدة والمتقدمة من أجل حماية الشركات التي تعتبرها بالغة الأهمية على الصعيد الوطني، ولكن هذه الخطوة كانت ذات تأثير عكسي بصورة متزايدة. وتتم الطريقة المعتادة من أجل تقييم فعالية الحماية هذه من خلال النظر الى مقاييس مثل معدلات التعرفة، وعبر هذا المقياس تظل الصين واحدة من الدول الكبرى الأقل انفتاحاً في العالم، وبحسب منظمة التجارة الدولية فإن بكين تحتفظ بمتوسط تعرفة الدولة الأكثر رعاية عند نسبة تبلغ 9.6 في المئة من المستوردات مقارنة مع 5.3 في المئة في الاتحاد الأوروبي و3.5 في المئة في الولايات المتحدة.وعلى أي حال فإن التعرفة تروي قسماً فقط من القصة، وقد أصبحت الصين بارعة في استخدام الحواجز البعيدة عن التعرفة من أجل تحسين ودفع الشركات المفضلة بالنسبة اليها، وكانت غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في بكين قد عمدت في الآونة الأخيرة الى تحديد مجموعة كبيرة من تلك الاجراءات التي كانت الصين تستخدمها بغية حماية المصنعين بما في ذلك تقديم مساعدات مالية الى الشركات المحلية وارغام الشركات الأجنبية على نقل التقنية الى الشركاء الصينيين.
وعندما أعلنت الصين في الآونة الأخيرة عن عزمها على منح حصة استثمار اضافية الى فرع شركة بلاك روك لادارة الأصول التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها فقد وصفت ذلك الاتفاق على أنه تحرير رئيسي في قطاع مغلق بشكل شبه تام في وجه الشركات الأجنبية، وفي حقيقة الأمر فإن بكين أكدت فقط الحواجز التي لا تزال قائمة، وحتى الآن تحدد الصين عدد الفروع التي تستطيع الشركات المالية فتحها كما أنها تفرض قيوداً ملكية من أجل حماية البنوك المملوكة للدولة. قد تصل مثل هذه الاجراءات الى حدود السخف والغرابة، وعلى سبيل المثال صدر في الآونة الأخيرة أمر اداري يحظر كتب الأطفال الأجنبية ويشكل حاجزاً في وجه الملكية الفكرية بصورة واضحة، وتجاوز الأمر كل ذلك ليصل الى منع الشركات الأجنبية من بيع منتجات صنعت في الصين الى المستهلك الصيني خشية أن يفضي ذلك الى أخذ حصة سوقية من شريحة المنافسين المحليين.المساعدات المالية يمثل دفع الصين الى معالجة هذه الحواجز تحدياً حقيقياً، كما يظهر تقرير صدر في الآونة الأخيرة عن مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، وتطالب قوانين منظمة التجارة الدولية الدول الأعضاء بالإبلاغ عن المساعدات المالية الصناعية ولكن التقرير يلاحظ أن «الولايات المتحدة قد أبلغت حتى الآن عن أكثر من 400 اجراء في المساعدات الصينية»، بينما تحدثت الصين عن عدد قليل فقط من البلاغات المتعلقة ببرامجها، وما يجعل الأمور أكثر سوءاً أن «الصين رفضت المشاركة في مناقشات ثنائية فنية تهدف الى معالجة هذه القضايا».وبكلمات اخرى، فإن الصين لم تحجم فقط عن الاعلان عن الاجراءات المتخذة والتي يمكن أن تشكل انتهاكاً لقوانين ومتطلبات منظمة التجارة الدولية بل انها ترفض حتى مناقشتها. وربما يكون الجزء الأكثر سوءاً في هذا الشأن هو أن كل هذه الحواجز لم تحقق الغاية المرجوة حقاً، واجراءات الحماية تلحق الضرر بالمستهلك الصيني وتعطل المشاريع التي تريد حكومة بكين تحسينها وترويجها، ويرجع سعي المستهلك الصيني الى شراء المنتجات اليابانية والسلع الأوروبية الفاخرة الى كونها أرخص من الأسعار المطروحة في الأسواق المحلية ضمن اجراءات الحماية، وعلى سبيل المثال فإن سعر مسحوق الحليب في هونغ كونغ يصل بشكل تقريبي الى نصف سعره في سوق شينجن الصينية، وينبع هذا الفارق بشكل أساسي من قيود التجارة التي تسهم في رفع تكلفة المنتجات المستوردة كما تسمح للشركات المحلية بفرض أسعار غير تنافسية. المشروع الضخمإن القضاء على هذا النظام المعقد من الحماية يشكل مشروعاً ضخماً يقتضي التنفيذ، وعلى الرغم من أن خفض التعرفة سوف يمثل بداية جيدة فإن الجانب الأكثر أهمية هو أن تتوقف الحكومة عن استخدام الوسائل الادارية الخفية الرامية الى حماية الشركات المحلية، اضافة الى خفض مساعداتها المالية الكبيرة والسماح للشركات الأجنبية بالعمل بصورة عادلة.قد يبدو هذا غير واقعي، ولكن القيام بهذا العمل سوف يسهم في تحفيز المنافسة والابتكار والأنشطة التجارية كما يعطي المستهلك المزيد من الخيارات والمنتجات الأرخص ثمناً، ومن شأن ذلك أيضاً مساعدة الشركات الصينية على الاستفادة من التقنية المتقدمة ومن الاستثمارات الخارجية، وتأخير مثل هذه الاجراءات سوف يلحق الضرر بالمستهلك ويغضب الشركاء التجاريين ويعزز وجود شركات غير تنافسية. ••• Christopher Balding
رغم إجراءاتها المتعلقة بتحرير اقتصادها في السنوات القليلة الماضية أقامت بكين مجموعة من الحواجز المعقدة لحماية الشركات التي تعتبرها بالغة الأهمية على الصعيد الوطني