«التأمين الصحي»... أولى المواجهات بين ترامب والمؤسسة السياسية
سقوط مشروعه مع راين يثبِّت قانون «أوباما كير» فترة طويلة
مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه أوقف التفاوض بشأن قانون الرعاية الصحية، وتخييره أعضاء مجلس النواب الجمهوريين بين القبول بالمشروع كما هو أو رفضه في جلسة التصويت يوم الجمعة المقبل، وفشله في الحصول على موافقة الأغلبية المطلوبة، يرى البعض أن تداعيات ما جرى قد تكون غير مريحة وكارثية بالنسبة إلى ترامب، الذي كثيراً ما ادعى أنه أفضل مَن يعقد الصفقات.من الناحية العملية فإن سقوط مشروع «ترامب- راين» الصحي يعني تثبيت قانون «أوباما كير» فترة طويلة، لكن ذلك لا يعني أن ترامب سيتراجع، أو يستسلم بسهولة بعد أولى محاولاته، فمشروع أوباما استغرق تمريره نحو عامين.ترامب، الذي مارس ضغوطاً شديدة وهدد أعضاء الحزب الجمهوري المعارضين بفقدان مقاعدهم النيابية في الانتخابات الفصلية عام 2018، سيسعى، على الأرجح، إلى تصوير فشله في تمرير أهم وعوده الانتخابية أنه مسؤولية تلك الفئة، سواء من الجمهوريين الأكثر محافظة أو الأكثر اعتدالاً، ممن وحدهم اعتراضهم على قانون الرعاية الصحية لأسباب مختلفة.
وكان رئيس لجنة الإدارة والموازنة في مجلس النواب مايك مولفاني، وهو من المؤيدين لترامب، هدد أيضاً بأن سقوط المشروع سيدفع الرئيس إلى تطبيق أولويات أجندته بعيداً عن الحزب الجمهوري ومؤسسته. تأكيد مكتب الموازنة في مجلس الشيوخ أن المشروع الذي قدمه ترامب لاستبدال «أوباما كير» سيحرم 24 مليون أميركي من التأمين الصحي عام 2026، وسيقلص الإنفاق بـ150 مليار دولار أي أقل بـ200 مليار دولار عن القانون السابق، أعطى المشرعين الأميركيين، خصوصاً المعترضين، دفعة إضافية من الثقة للاعتراض على المشروع المقدم.من ناحية أخرى، يحظى المعارضون بموقف مريح في انتخابات 2018، التي سيُجرى معظمها في ولايات غير متأرجحة، وبالتالي سيتمتعون بقدرة أفضل على المناورة وتحدي تهديدات الرئيس ترامب للتأثير على إعادة التجديد لهم.اختبار القوة الذي جرى بين ترامب وممثلي الحزب الجمهوري في مجلس النواب، قد يشكل أول الاختبارات العملية للعلاقة التي ستنشأ، من الآن فصاعداً، بين الإدارة الأميركية الجديدة والمؤسسة السياسية في واشنطن.ويمثل هذا الاختبار، على الأرجح، عينة عن المواجهة التي يرجح أن تحتدم بينهما في الوقت الذي لا يكف فريق ترامب، وعلى رأسه كبير مستشاريه الاستراتيجيين ستيف بانون، عن ترداد رغبته في «هدم السلطة القائمة في واشنطن».غير أن مواجهته المفتوحة مع المؤسسة السياسية تتجه إلى مزيد من التعقيدات مع تحول ملف العلاقة بين فريق عمله وموسكو إلى معضلة جدية، في ظل تسريب الكثير من الأنباء والملفات عن علاقات عدد من مساعديه واتصالاتهم بمسؤولين روس قبل الانتخابات الرئاسية وخلالها وبعدها.وفي حين يتوقع أن تزداد الضغوط على رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب ديفين نونيز لسحب التحقيق المتعلق بملف روسيا منه وتسليمه إلى جهة مستقلة، تزداد الدلائل أن هذا الملف سيبقى سيفاً مصلتاً على إدارة ترامب خلال فترة حكمه كلها على الأقل، هذا إذا لم يتحول إلى قضية أمن قومي بعد إعلان قادة الأجهزة الأمنية أنهم يجرون تحقيقاً رسمياً فيها، وأن الرئيس قد لا يستبعد عنه هو أيضاً.