عاد الملف الطائفي إلى الواجهة في مصر مُجدداً، خلال الساعات الماضية، إذ احتوت قوات الأمن اشتباكات وقعت في قرية المهيدات، التابعة لمركز الطود بمحافظة الأقصر، (أقصى جنوب مصر)، بين مسلمين وقوات الأمن أمس الأول، على خلفية شائعات تدعي إشهار فتاة قبطية تدعى أميرة جرجس (18 عاماً) إسلامها، بعد قصة حب جمعتها، وهي "طالبة في الصف الثالث الثانوي"، بشاب مسلم يُدعى إبراهيم محمد.وبينما اتهمت قيادات قبطية مجموعة متشددين إسلاميين بإثارة الفتنة، دعا عدد من أهالي القرية إلى الوقوف احتجاجاً أمام مسجد البستان، عقب صلاة الجمعة، أمس الأول، والبحث عن الفتاة التي يزعمون أن ذويها قاموا بإخفائها داخل أحد الأديرة للحيلولة دون إشهار إسلامها.
وفرض الأمن، الذي نجح في احتواء الأزمة، كردوناً أمنياً، باستخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع، حول مجموعة من منازل الأقباط، بعدما تجمع العشرات من الأهالي المسلمين بالقرب منها، للمطالبة بتسلم الفتاة، في حين بادر الأهالي بإلقاء الحجارة على سيارات الأمن، ما تسبب في إصابة 3 ضباط و4 مجندين، واضطرت القوات إلى إلقاء القبض على عدد من المتجمهرين.وبعد قليل من استقرار الحال في القرية، توجه محافظ الأقصر محمد بدر، ومدير وقيادات الأمن في المحافظة إلى موقع الأحداث، حيث أعلن الأهالي الأقباط كذب ما تناقله أهالي القرية، متهمين أشخاصاً بالتحريض ضدهم، وأن الشاب إبراهيم محمد هو سبب الأزمة بعد ذهابه إلى أسرة الفتاة القبطية، وادعائه الزواج من ابنتهم أميرة، وتحريضه عددا من أقاربه للهجوم على منازل أقباط بحجة البحث عن الفتاة.وقال مدير أمن الأقصر اللواء عصام الحلي لـ"الجريدة": "طوقنا النجع أمنيا، وفصلنا بين الأطراف المتنازعة، خوفاً من تجدد الاشتباكات"، في حين ذكر الباحث القبطي، سليمان شفيق، أن "الشرطة أوقفت 27 من المسؤولين عن الأحداث وغادرت الفتاة القرية إلى مكان مجهول".وقال مدير مركز "وطن بلا حدود" الحقوقي، صفوت سمعان، إن "الأوضاع مستقرة بعد توقيف المحرضين، لكن لا أحد يعلم مكان الفتاة".في السياق، ذكرت صفحة "مصريين ضد التمييز" أن قوات الأمن احتجزت عدداً من النشطاء كانوا ينتوون تنظيم وقفة في "ميدان سفنكس" بـحي المهندسين التابع لمحافظة الجيزة، للتضامن مع مسيحيي العريش الذين نزحوا أخيراً، على خلفية استهدافهم من قبل تنظيم "داعش سيناء".في المقابل، قالت مصادر مطلعة إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، طالب خلال اجتماعه أمس، مع عدد من قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونظيره للشرطة، بسرعة العمل على عودة أقباط سيناء إلى ديارهم، وأن يكون هناك جدول زمني لتطبيق عودتهم.
حبس النقيب
إلى ذلك، عاقبت محكمة جنح مستأنف قصر النيل أمس، نقيب الصحافيين السابق يحيى قلاش، ورئيس لجنة الحريات في النقابة، خالد البلشي، وعضو مجلس النقابة الحالي جمال عبدالرحيم، بالحبس عاماً مع إيقاف التنفيذ مدة 3 سنوات، في قضية اتهامهم بإيواء عنصرين صدر في حقهما مذكرة توقيف من قبل النائب العام المصري.وجاء الحكم في ضوء الاستئناف المقدم من قلاش وعبدالرحيم والبلشي، على حكم حبسهما سنتين مع إيقاف التنفيذ من محكمة أول درجة، في حين يتبقى لقلاش وزميليه مرحلة أخيرة في التقاضي أمام محكمة النقض.قلاش الذي خسر مقعد النقيب في الانتخابات الأخيرة 17 مارس الجاري، كانت النيابة أسندت إليه هو وعبدالرحيم والبلشي، تهمة إيواء عنصرين مطلوبين أمنياً هما الصحافي عمرو بدر(عضو مجلس النقابة حالياً) والمدون محمود السقا، المطلوبان بتهمة التحريض على التظاهر اعتراضاً على توقيع الحكومة المصرية بالأحرف الأولى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، والتي قضت محكمة الإدارية العليا في حكم نهائي وبات يناير الماضي، ببطلان الاتفاقية ومصرية الجزيرتين.ترويع وقمع
وفي أول رد فعل له، قال قلاش لـ"الجريدة": "سوف ننقض الحكم، الذي صدر بناء على التحريات التي قام بها جهاز الأمن الوطني الذي يعتبر الخصم في القضية".وأضاف أن "الحكم يُؤسس لمرحلة جديدة ستشهد ترويعاً وقمعاً للحريات"، في حين وصف عضو مجلس النقابة، عمرو بدر، الحكم بـ"المسيس ولا علاقة له بالقانون"، معتبراً إياه رسالة ترهيب موجهة للنقابة.وقال نقيب المحامين، رئيس هيئة الدفاع عن قلاش، سامح عاشور لـ"الجريدة": "ننتظر الإطلاع على الحيثيات، وسنطعن أمام محكمة النقض"، في حين وصف عضو هيئة الدفاع، المحامي طارق نجيدة، لـ"الجريدة"، الحكم بـ"المخالف للقانون" و"المشوب بالخطأ في تطبيقه وتأويله".وأوضح نجيدة أن إيقاف التنفيذ ثلاث سنوات، يستند إلى ما جاء في قانون العقوبات الذي أعطى للقاضي حق وقف التنفيذ بشرط ألا يرتكب المحكوم عليهم نفس الجريمة، خلال مدة السنوات الثلاث التالية لصدور الحكم.عضو نقابة الصحافيين محمود كامل، قال إن "مجلس النقابة سيجتمع ظهر اليوم الأحد، لدراسة جميع الإجراءات القانونية المفترض اتخاذها عقب الحكم بحبس قلاش وعبدالرحيم والبلشي".ميدانياً، قتل 3 جنود مصريين وأصيب 6 من قوات الجيش، بعد استهداف مركبة كانت تقلهم شمال سيناء أمس. وقالت مصادر أمنية إن مجهولين زرعوا ناسفة في منطقة لحفن جنوب العريش، وانفجرت في ناقلة الجنود، في حين فجر مسلحون معهد الجولف الأزهري في حي الزهور جنوب العريش، أمس الأول.إلى ذلك، أعلن قطاع الأمن الوطني رصد مجموعة من العناصر الإرهابية التابعة لجبهة القيادي الإخواني المتوفى محمد كمال (قائد الجناح المسلح للتنظيم) في محافظة الإسكندرية، بعد عقدهم لقاء تنظيمياً بأحد المراكز التعليمية للتخطيط لإعادة هيكلة جبهتهم عقب توجيه عدة ضربات أمنية لها والعمل على تصعيد عملياتهم العدائية، خلال الفترة المقبلة.