مُني الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأول هزيمة في مواجهة مع المؤسسة السياسية والحزبية (الإستبلشمنت)، بعد فشله في تمرير مشروعه للإصلاح الصحي في مجلس النواب.ومنذ إطلاق رئيس مجلس النواب بول راين ما بات يُعرف بمشروع ترامب – راين لإلغاء قانون أوباما كير واستبداله، بدا واضحاً أنه لم يبذل جهداً كبيراً لإقناع الديمقراطيين، وزملائه الجمهوريين أيضاً.
ترامب الذي كان يشعر بقدرة هائلة على فرض ما يريده على الجمهوريين، لم يلجأ إلى التفاوض معهم إلا في الأيام الأخيرة، رغم أن الاعتراضات كانت جلية جداً.وكان نواب الحزب المحافظون، خصوصاً، يشعرون بثقة أكبر، بعدما اطمأن العديد منهم إلى أن تهديدات ترامب بحجب الدعم عنهم، ومن ثم إسقاط المعترضين منهم في الانتخابات النيابية نوفمبر عام 2018، لن يكون لها تأثير يُذكر، فهم في أغلبيتهم من ولايات جمهورية صافية، وليست متأرجحة.وقبل إعلان ترامب سحبه للمشروع، ظهر عجزه عن ممارسة الضغوط قبل 24 ساعة من طرح المشروع على التصويت، رغم اتصاله هاتفياً بعدد كبير من النواب المعارضين، وتهديده إياهم بأن لا تفاوض بعد الآن، وعليهم القبول بالمشروع كما هو أو رفضه.
ترامب قال إنه كان قريباً جداً من الحصول على الأغلبية، وإنه كان يحتاج إلى ما بين 5 إلى 12 صوتاً، غير أن أوساط الجمهوريين تحدثت عن أربعين نائباً جمهورياً معترضين تقريباً. وحاول ترامب تحميل الديمقراطيين مسؤولية فشل المشروع، قائلاً إنه لم يتمكن من الحصول على تأييد أحدهم، وهو ما رد عليه الديمقراطيون بأن أياً من نوابهم لم يتلق اتصالاً هاتفياً سواء من الرئيس أو من فريقه، أو من زملائهم الجمهوريين، وخصوصاً من راين، للتفاوض على تعديلات، أو تقديم اقتراحات تمكنهم على الأقل من عدم الاعتراض، وهو ما اعتبر سابقة في تاريخ العلاقة بين الحزبين خلال تناوبهما على السلطة.وتعتقد أوساط سياسية أن تداعيات ما جرى قد تكون غير مريحة، وحتى كارثية، بالنسبة إلى ترامب، الذي دائماً ما ادعى أنه أفضل من عقد الصفقات.عملياً، يعني سقوط مشروع ترامب - راين تثبيت قانون أوباماكير، الذي توقع الرئيس أن ينفجر لاحقاً، وسيجبر الديمقراطيين على الاتصال به.وشكّل الفشل في تمرير المشروع ضربة أيضاً للجمهوريين الذين لم يتمكنوا خلال سبع سنين من إعداد برنامج بديل يكون جاهزاً للتصويت عليه في أول فرصة كما وعدوا، وهو ما تبين أنه غير متوفر.فالهزيمة بهذا المعنى مزدوجة، رغم أن ترامب هو الأكثر تضرراً، إذ بدا أن قدرته على تجاوز المؤسسة السياسية والحزبية غير مطلقة، وها هو يخسر أولى مواجهاته الرسمية، وهي على الأرجح عينة من المواجهات التي يرجح أن تحتدم بينهما في الوقت الذي لا يكف فريقه، وعلى رأسه كبير مستشاريه الاستراتيجيين ستيف بانون، عن ترديد رغبته في «هدم السلطة القائمة بواشنطن» .