كيف تُفهم مصر
مصر بلا أي شك هي العمود الفقري للدول العربية، وأمنها واستقرارها ينعكس على الدول العربية والخليجية بشكل إيجابي مريح، والحمد لله أنها تجاوزت معظم المخططات التي كادت تفتك بها وتقضي عليها لولا الدور الذي قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي بحمايتها وقيادتها إلى بر الأمان.ورغم أن فترة رئاسته لم تتجاوز السنتين والنصف أو أكثر قليلا فإن ما تم فيها من تغييرات وإنجازات كبيرة، أكثر من أن تُنجز في هذا الزمن القصير، ما فعله السيسي أسرع وأكبر من عمر مرحلة السنتين، إنجاز من السهل ملاحظته بمجرد هبوط الطائرة بمطار تيرمنال 1 الذي تنزل به الطائرات المصرية أو تيرمنال 2 مهبط الطائرات العربية والأجنبية، المطاران في غاية الفخامة والجمال وبإدارة حضارية رائعة، غيرت تماما من وجه الصورة القديمة التي تواجه السياح والزائرين حال وصولهم إليها، انتهى ذاك العذاب الذي يمرون به منذ لحظة وصولهم إلى لحظة خروجهم من المطار، و"تخاطف" الشيالين لحقائبهم، والخناقات على من يحمل الحقائب، والدوشة الكبيرة لمعركة سيارات الأجرة لمن يقتنص المسافر أولا، الآن يُستقبل الزائر باحترام وهدوء ورقي تام بحسن التعامل، كما أن إجراءات تفتيش الأمن والسلامة على أفضل ما يكون، هذا إلى جانب إنجاز 4 مطارات أخرى صغيرة.النمو المعماري الإسكاني مذهل بل خرافي، توسع سريع بشكل غير معقول يُنجز بزمن قياسي، فمثلا ما بين العام الماضي 2016 وهذا العام 2017 تم الانتهاء من إنشاء مدن جديدة وبداية تخطيط لمدن أخرى ستنتهي العام القادم أو الذي يليه، وعندما أقول مدن فهي مدن بمعنى الكلمة وليس أحياء صغيرة، تحتوي على كل ما تحتاج إليه المدن من بنية تحتية، صحيح أن معظم هذه المدن من إنشاء القطاع الخاص، لكن كل خدمات بنيتها التحتية من إنشاء الدولة التي أقامت الطرق والجسور والكباري، وأوصلت خدمات شبكات الماء والكهرباء والمجاري لها، فهل نتخيل كم هو كبير هذا الإنجاز الذي تم بوقت قصير جدا لا يمكن أن تتم به هذه الأعمال وعلى وجه هذه السرعة؟
القاهرة التي عرفناها على زمن الرئيس مبارك بقيت على مساحتها تقريبا طوال مدة حكمه، والقاهرة التي نراها الآن لا تنتمي بأي شكل كان لتلك، التوسع حجمه مخيف ولا يمكن تصوره، وربما المصريون أنفسهم لا يدركون حجم هذا التوسع طالما كل فئة منهم تعيش بمكانها المعتاد، ولم تحاول أن تكتشف مدى النمو بمدينتهم، ولولا فضولي وحشريتي المعرفية ومحاولتي لاكتشاف المدى الذي وصلت إليه القاهرة لما أدركت واقع و"استشراس" هذا النمو.أقول هذا الكلام وأستغرب من حالة التذمر والشكوى العامة من عدم توفر فرص العمل وضآلتها، إذن من قام ببناء هذه المدن الخيالية؟ ومن قام بمشاريع الطرق والكباري والجسور ومد شبكات الكهرباء والماء والمجاري لهذا التوسع العمراني الرهيب؟ هل هي عمالة آسيوية التي قامت بالإنجاز العملاق هذا؟ أم هي اليد العاملة المصرية؟!وإذا كانت عمالة مصرية فهل نتخيل كم مليون عامل اشتغل بها؟الناس تتذمر وتشتكي من الغلاء رغم رفع الأجور، لكن مع انخفاض قيمة الجنيه بقي الحال كما هو عليه وازدادت أسعار المستورد، ومع هذا تجد كل الأسواق والمولات والمطاعم مزدحمة وحركة البيع والشراء قوية جدا، وضع لا يمكن فهمه ولا تفسيره، إذا كان هناك فقر فكيف تكون حالة الشراء بهذه القوة؟!صحيح هناك متسولون تحت غطاء بائعين للكلينكس أو العلكة أو المصاحف، أو بجر مريض أو طفل، لكن لا أظن أن هؤلاء سيختفون حتى لو توفرت لهم فرص العمل، وهو ما حصل حين بُنيت لهم مدينة أو سكن "الأسمرات" لسكان العشوائيات الذين رفضوا سكناً يبعدهم عن مناطق أعمالهم، بالرغم من أنها مساكن جيدة للعيش الإنساني بدلا من تلك المباني المهددة بالسقوط.بصراحة لم أفهم هذه الحالة لكن قيل لي إنه كان على الرئيس أن يعمل على توفير عمل وتأهيل اجتماعي بالتعليم والصحة قبل توفير السكن الجيد.وسؤالي هل بالإمكان توفير التأهيل الاجتماعي بظرف سنتين، هما عمر حكم السيسي؟هذا التأهيل حتى لو تم فلن تحصد نتائجه قبل مرور 10 سنوات، وهي أقل ما يمكن لنضج جيل يتم تحوله إلى واقع مغاير.