عبر الشاعر المغربي البلجيكي طه عدنان عن سعادته لوجوده في الملتقى الثقافي للأديب طالب الرفاعي، بحضور عدد من المفكرين والأدباء سواء من العرب او المتحدثين اللغة الفرنسية، لتكون المحطة الثانية التي يلتقي فيها المثقفين الكويتيين من الأدباء والشعراء وجها لوجه بعد الندوة التي اقامتها له رابطة الأدباء في مسرح د. سعاد الصباح بمقرها في منطقة العديلية بالتعاون مع السفارة البلجيكية في الكويت بعنوان "بروكسل بين البلجكة والتفرنس والعروبة"، في إطار الاحتفالات بأسبوع الفرنكوفونية العالمية.وكانت ندوة الملتقى بدأت بكلمة ترحبية من الرفاعي صاحب المكان او "الصالون" بالشاعر طه عدنان والحضور، ومنهم سفير بلجيكا لدى دولة الكويت والسفير الكويتي في اكثر من دولة فيصل الغيث والفنان عبدالعزيز الحداد، ورئيس قسم اللغة الفرنسية في جامعة الكويت وعدد من اساتذة الجامعة في الأدب والنقد وحشد كبير من المهتمين بالأدب والثقافة والشعر من ابناء الجاليات الناطقة بالفرنسية.
وقال الرفاعي إننا نرحب في هذه الأمسية بالشاعر العربي الكبير طه عدنان الذي يمثل الجيل الثالث من المهاجرين العرب الى الغرب، في الكويت، في اطار الاحتفالات باسبوع الفرنكوفونية العالمية، وهو شاعر يميزه قدرته اللاقطة للمشاهد الحية التي يقابلها أو يتعامل معها في الشارع، أو في مكان يتواجد فيه، لاسيما أنه يشرف على إدارة الصالون الأدبي العربي في بروكسل، فيمزجها مع حالات اجتماعية أو عاطفية ذاتية أو وجودية بشكل خاص.وأضاف أن الاحتفالات بهذه المناسبة في الكويت اتخذت 3 مسارات، الاول رعاية سمو الشيخ ناصر المحمد الاحتفال الذي اقامته السفارة الكندية، بمناسبة اليوم العالمي للفرنكوفونية والذي قال خلاله ان التعددية الثقافية تفتح الحدود بين الدول وتمكن الشعوب من معرفة بعضها البعض، وأيضا تلفت الانتباه الى أهمية اللغة في حياة الناس باعتبارها الأداة الأولى للتعبير لدي الإنسان، "والتي كلما زاد ثراء مفرداتها اكتسبت أدبا رفيعا"، والمسار الثاني الندوة التي أقامتها رابطة الادباء بالتعاون مع السفارة البلجيكية للشاعر العربي البلجيكي الكبير طه عدنان، والمسار الثالث وجود هذا الشاعر في ندوة الملتقى الثقافي.بدوره قال عدنان إن هذا الملتقى في بيت الأديب طالب الرفاعي يذكره بالصالونات الادبية التي كان يقيمها عدد من كبار الادباء والمفكريين العرب في عدد من الدول العربية، ومن ابرزهم على سبيل المثال لا الحصر، صالون الأديبة مي زيادة وصالون المفكر والاديب عباس محمود العقاد. وصالون الشاعر المصري د. أحمد تيمور الثقافي الشهري وهي التي استطاعت تضيق الفجوة بين المتلقى والمثقف، وبين "الكبار" و"الصغار.وأضاف عدنان: "عندما هاجرت من المغرب الى بلجيكا كان عمري 26 عامًا، اي أنني كنت منتجا مغربيا خالصا، فكرا وعقلا وثقافة، وكان من الصعب ان تحل اي لغة اخرى محل لغتي العربية بسلاسة مفرداتها وجمال صورها، علاوة على أنها إحدى ثماني لغات يتحدث بها نصف سكان الأرض. لذا فالكتابة بها قد تكون إضافةً للمشهد الأدبي، وأنا اعتبر اللغة الفرنسية بالنسبة لي لغة عمل وتعامل".ولفت إلى انه يدافع باللغة العربية في بروكسل المدينة التي يعيش فيها والتي تشبه نافذة تطل على العالم، لأنها ملتقى الحضارات وتمتزج فيها اللغات، مثل الفرنسية والهولندية والإيطالية والبرتغالية والإسبانية والإنكليزية واليونانية والبولندية والتركية والأمازيغية وغيرها من اللغات التي توشي فضاءها.
أدب المهجر
وأشار إلى ان ما يكتبه من شعر ليس له علاقة بأدب المهجر الذي واكب نزوح بعض العرب من سورية ولبنان أواخر القرن التاسع عشر إلى المهاجر، ولا حتى بالمنفيين الذين هربوا إلى أوروبا في النصف الثاني من القرن الماضي، لأنه هاجر بمحض اختياره ضمن العديد من الشباب الذين أقاموا في بلدان الاستقبال الأوروبية عموما وتأقلموا معها وأبدعوا داخلها أدبا عربيا ورافدا من روافد الأدب المعاصر.وتابع عدنان: أنا قلت ان الترجمة خيانة لأن لكل قصيدة مناخها النصي، ذا الشحنات الحضارية والاجتماعية، النابعة من خصوصية اللغة المكتوب بها التي هي في الاساس تجمع بين ما هو رمزي وإيحائي وجمالي وإنساني.وشدد على أنه مع ترجمة القصيدة من لغة إلى أخرى، لأن وصولها للقراء الاخرين يعد مكسباً كبيرا، ومن هنا لا يمكن حرمان الأجيال من عملية الترجمة بحجة انها تنتقص من جماليات القصيدة.وأشاد العديد من الحضور بتمسك طه عدنان بكتابة ابداعاته باللغة العربية لان بعض من يمكنهم التحدث بلغتين مختلفتين مثل العربية والفرنسية عادة ما يشعرون بتحول في شخصياتهم اعتمادا على اللغة التي يتحدثون بها، لأنه ليس الكلمات وحدها التي تختلفت، ولكن المغزى، فالاختلافات الثقافية تصاحب كل لغة، لاسيما ان من يتقنون لغتين، عندما يمنحون مهامَّ تخص الذاكرة، فإنهم دوما ما يحققون نتائج أعلى عن أولئك الذين يتحدثون لغة واحدة، وهذا يثري التجربة الثقافية.