تتغير احتياجات السوق العقاري بين فترة وأخرى، إذ إن هناك عوامل كثيرة تعمل على تغير تلك الاحتياجات، وأبرزها الناتج المحلي الاجمالي الفعلي للدولة، إضافة الى اجمالي العمالة الوافدة ونسبة الزيادة في اعداد المواطنين، هذا فضلا عن النمط المجتمعي المتغير في موضوع السكن.

وتعمل الدول المتقدمة على إجراء دراسات بين فترة وأخرى عن احتياجات السوق العقارية في بلدانها، إذ إن احتياجات السوق تختلف وتتغير على حسب حاجة المواطنين وأعداد والوافدين ونوعيتهم.

Ad

وتلتزم تلك الدول بتطبيق شروط وقوانين أنظمة البناء، وتضع غرامات على من يخالف القوانين، ولكن مع وجود دراسة وبعد الانتهاء منها واستخراج النتائج تقوم بتعديل القوانين واصدار قرارات جديدة، وذلك تفاعلا مع احتياجات السوق.

كما أن هناك دولا تقوم بدراسة السوق العقاري ووضع استراتيجية تتناسب مع رؤيتها المستقبلية، وتضع الوصايا للتخطيط العمراني، سواء لسكن المواطنين او في مجال الاستثمار العقاري.

فعلى سبيل المثال، إذا بينت الدراسات التي اجرتها دولة ما أن الطلب مرتفع على الشقق الاستثمارية الصغيرة بمساحة تقل عن المسموح به بالقانون، فتقوم الحكومات باستثناء والسماح في بناء مثل هذا النوع من الشقق في بعض المناطق التي يكثر بها الطلب، إذ إن حاجة السوق تغيرت عن السابق.

متطلبات متغيرة

وبالرجوع الى السوق العقاري المحلي، فمتطلباته ايضا متغيرة كغيره من الاسواق الاخرى، فمع ارتفاع تكاليف المعيشة اصبح الوافدون يرغبون في السكن في الشقق ذات المساحات الصغيرة، فالطلب على الشقق ذات المساحة الكبيرة انخفض، مما ألجأ عدد من المستثمرين الى تقسيم الشقة الواحدة لتصبح أكثر من شقة.

فما المانع من أن تسمح بلدية الكويت للمستثمرين ببناء عمارات استثمارية تحتوي بداخها على شقق ذات مساحات صغيرة، لتلبي احتياجات السوق العقاري، وأيضا لكي لا يلجأ الى مخالفة انظمة البناء، ويكون هناك تنوع في المساحة؟

بناء المساكن

وكذلك الحال مع المواطنين، فمع انخفاض وتيرة بناء المساكن من قبل الدولة، وارتفاع عدد طلبات الإسكانية، وطول فترة حصول المواطن على المسكن، فيمكن للدولة عمل دراسات عن احتياجات المواطن، فليس من الضروري حصولهم على منزل بمساحة 500 أو 400 متر مربع.

فهناك شريحة كبيرة من المواطنين يرغبون في منازل أقل من المساحة المذكورة، حيث ان الفكر المعيشي للمواطنين اختلف عن سابقه، فيمكن توفير منازل متلاصقة، او منازل بمساحة 250 متراً مع وجود ارتداد لبناء حدائق خاصة بهم، فليس من الضروري حل الازمة الاسكانية بالطريقة التقليدية.

فالسوق العقاري المحلي يفتقد إلى التنوع، فلا توجد خيارات متعددة أمام المواطنين أو الوافدين الراغبين في السكن، وأيضا حتى على المستثمرين، فهناك مستثمرون يرغبون في بناء عمارات بمساحة صغيرة، اذ انه من المفترض ان تكون القوانين اكثر مرونة وتلبي رغبات السوق واحتياجاته.

ويؤكد عدد من العقاريين ان هناك العديد من الدول قامت بدراسة السوق العقارية لديها من جميع الجوانب، فعلى سبيل المثال، فقد قام مجلس ابوظبي للتخطيط العمراني، أخيرا بوضع دراسة شملت كل القطاعات العقارية، وبينت المعروض من الوحدات السكنية والشقق والمكاتب، وما هو القطاع الأكثر طلبا.

أحجام الشقق

كما أوضحت الدراسة النقص في احجام الشقق الاكثر طلبا، والمكاتب ونوعيتها، كما أجرت استفتاء للمعنيين عن رغباتهم العقارية، وفي نهايتها قامت بوضع استراتيجة وتوصيات لتلبية متطلبات السوق العقاري، وذلك لكي لا يتأثر قطاع أكثر من غيره، وأيضا لكي لا يتجه البعض الى مخالفة انظمة البناء.

وكذلك الحال في قطر، فقد تم تكليف شركة بدراسة السوق العقاري، فتبين ان هناك شريحة واسعة من المواطنين والوافدين يرغبون في السكن بمساحات صغيرة، وأن هناك طلبا عاليا على المكاتب الادارية في مناطق دون غيرها، مما وضع استراتيجية لحل تلك الاشكاليات.

وتقوم البلديات في بعض المدن الاوروبية بين الحين والآخر بدراسة القطاع العقاري، وإصدار قرارات تلبي احتياجاته، حيث ان المرونة في البناء توفر فرصا كبيرة امام المستثمرين، هذا فضلا عن أنها توفر متطلبات السوق.

فيجب على الجهات المعنية في الكويت دراسة القطاع العقاري، خاصة مع وجود رؤية مستقبلية 2035، فالعقار جزء لا يتجزأ من الدولة، ويجب أن توليه اهتماماً اكبر، فهناك العديد من القطاعات العقارية تعاني التخمة في المعروض وأخرى تعاني نقصا فيه.