الثوابت المتغيرة
كل المستنكر المستهجن المشجوب اليوم سيتحول إلى مقبول ولربما محبوب في الغد القريب، وستتغير الفتاوى من المنع إلى الإباحة، وستصل المفاهيم الإنسانية إلى أعمق الأفكار المحافظة، فتغيرها وتجبر الناس على القبول بما هو عكسها، وسيكشف العلم المستور وتفتح التجارب والاكتشافات المندل، وتتغير نظرتنا لكل شيء وتنقلب الثوابت وتتبعثر المسلمات.
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
ما علينا، «فالأخ الأكبر» دوماً موجود، لربما زرعته قرون من القمع في جيناتنا، نسمع صوته قبل أن نولد ولربما حتى بعد أن نموت، لكنني أود أن أقول للمتألم حقيقة، لهذا السيد أو تلك السيدة المحافظين حقاً، لنائب مجلس الأمة الصادق في تدينه، لشيخ الدين صادق النية في إطلاق فتواه والذين يعتقدون جميعاً أن المنع والحظر يحميان دينهم ويجبلان أبناءهم على هذا الدين، أقول، أنتم تمشون عكس التيار يا أصدقائي، وبغض النظر عن فائدة المنع أو ضرر الإباحة، المادة المعنية ستصل شئنا أم أبينا، والدنيا ستمشي للأمام مهما وضعنا أمامها من عوائق، وذات يوم، لربما قريب، زمن أبناء أحفادكم أو أحفاد أحفادكم، ستنقلب الدنيا على رأسها، وسيصبح المحظور مباحاً ولربما مستحسناً. ذات زمن سيتغير كل شيء وسيشير لنا أصحاب هذا المستقبل ضاحكين من سذاجة محاذيرنا كما نفعل نحن اليوم ونحن نتذكر المنع القريب لكاميرات التصوير وأطباق القنوات الفضائية ودراسة البنات وغيرها مما أصبح ينافسنا على استباحته شيوخ الدين وأعلامه قبل غيرهم. كل المستنكر المستهجن المشجوب اليوم سيتحول الى مقبول ولربما محبوب في الغد القريب، وستتغير الفتاوى من المنع إلى الإباحة، وستصل المفاهيم الإنسانية إلى أعمق الأفكار المحافظة، فتغيرها وتجبر الناس على القبول بما هو عكسها، وسيكشف العلم المستور وتفتح التجارب والاكتشافات المندل، وتتغير نظرتنا لكل شيء وتنقلب الثوابت وتتبعثر المسلمات، وسيضحك المستقبليون علينا نحن الماضويين ونحن نحرم ونمنع ما سيصبح أمرا واقعا في حيواتهم القادمة. لذا، هوّنوا عليكم، أعلم بمخاوفكم الحقة وقلقكم الصادق، لكنها الدنيا، ولو دام الحظر والمنع لغيرك ما وصل التلفزيون إليك.