قانون الجنسية ورقابة القضاء
من الأهمية بمكان تعديل قانوني الجنسية والمحكمة الإدارية، بحيث يتم تحصين المواطنة باعتبارها حقاً أصيلاً لصيقاً بالإنسان لا يجوز انتزاعه منه، أما في حالة التزوير أو مخالفة القانون (ازدواجية الجنسية) فيكون قرار إسقاط الجنسية أو سحبها بعد صدور حكم قضائي نهائي وباتٍّ، وذلك احتراماً لمفهوم المواطنة في الدولة الدستورية الحديثة.
في الدولة الحديثة تتولى المؤسسات الدستورية وأجهزة الدولة المختلفة حماية الأفراد، وحفظ حقوقهم وفقاً للدستور والقوانين، وهو ما يبث الطمأنينة في نفوسهم، ويجعلهم واثقين تمام الثقة من أن حقوقهم مصونة ومحفوظة من قِبل أجهزة الدولة ضد أي تعدٍّ غير قانوني من أي طرف كان، أما في الأشكال التقليدية التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل نشوء الدولة فيقوم الأفراد بحماية أنفسهم من خلال استخدام القوة والعنف، وهو ما يعني انتشار الفوضى وشريعة الغاب. ومبدأ فصل السلطات العامة في الأنظمة الديمقراطية، الذي تنص عليه المادة (50) من الدستور، معناه وجود خطوط فاصلة بينها، واختصاصات دستورية واضحة لكل سلطة من السلطات العامة، وفي حال تجاوزها تفقد قراراتها مشروعيتها فتقوم السلطات الأخرى بحسب مسؤولية كل منها بإعادتها إلى وضعها الطبيعي على قاعدة "السلطة تحدّ السلطة"، ومثال على ذلك عندما تبطل السلطة القضائية، كجهة رقابية من مسؤوليتها التأكد من صحة تطبيق القوانين بشكل صحيح وبدون انتقائية وتعسف، قرارات السلطة التنفيذية (الحكومة) سواء من قِبل المحكمة الإدارية أو المحكمة الدستورية، وذلك في حال مخالفتها للدستور أو القوانين، أي افتقادها للمشروعية. والأمثلة هنا كثيرة منها محلية كإبطال القرارات الإدارية ومجالس الأمة، أو دولية مثل إبطال المحاكم في أميركا مؤخراً لقرارات الرئيس "دونالد ترامب" الخاصة بموضوع الهجرة.
وبجانب الدور الرقابي الذي تقوم به السلطة القضائية، فإن مجلس الأمة يقوم، باعتباره سلطة رقابية على مدى التزام الحكومة بتنفيذ السياسات العامة، بتعديل القوانين السارية أو وضع قوانين جديدة تنظم المجتمع وحياة الناس، وتحدّ من سلطة الحكومة بحيث لا تقوم بأي عمل أو تتخذ أي قرار ما لم يكن مشروعاً من الناحية القانونية. أما ما يُسمى "أعمال السيادة" أو وجود "سلطة حكم وسلطة إدارة" فهذا التوجه يفترض وجود سلطة أخرى فوق السلطات الدستورية، وقد اُستخدِم في الماضي في أوروبا في ظل ظروف تاريخية معينة تجاوزها تطور البشرية، إذ لا سلطة الآن في الأنظمة الديمقراطية خارج السلطات الدستورية.على هذا الأساس، ومن أجل ترسيخ مفهوم الدولة الدستورية الحديثة ومنع استخدام شهادة الجنسية كأداة عقوبة سياسية في أي وقت من الأوقات وضد أي مواطن، فإنه من الأهمية بمكان، مثلما سبق أن ذكرنا، تعديل قانوني الجنسية والمحكمة الإدارية، بحيث يتم تحصين المواطنة باعتبارها حقاً أصيلاً لصيقاً بالإنسان لا يجوز انتزاعه منه. أما في حالة التزوير أو مخالفة القانون (ازدواجية الجنسية) فيكون قرار إسقاط الجنسية أو سحبها بعد صدور حكم قضائي نهائي وباتٍّ، وذلك احتراماً لمفهوم الدولة ومبدأ فصل السلطات ومواثيق حقوق الإنسان، واحتراماً أيضاً لمفهوم المواطنة في الدولة الدستورية الحديثة.