في البداية، قال عضو المجلس الأعلى للبترول الأسبق موسى معرفي، إن "فكرة إغلاق مصفاة الشعيبة طُرحت عندما قُدّم مشروع المصفاة الرابعة، وكان إغلاق "الشعيبة" مشروطا بإتمام المصفاة الرابعة، حيث قيل حينئذ إنها أصبحت قديمة، وانها بدأت عام 1968 ومعداتها متهالكة وتعدت العمر الافتراضي، وكان القرار مبدئيا، إغلاقها في تلك الفترة".وأشار إلى أن القرار اتخذ بدعوى انتهاء العمر الافتراضي للمصفاة، وهذه دعوى خيالية لا وجود لها في شتى دول العالم، التي توجد بها مصاف تعمل منذ عقود طويلة، لأن هذه المصافي تُجرى لها عمليات صيانة بشكل سنوي، هذا بالإضافة إلى عمليات تأهيل المعدات.
واستغرب "كيف تغلق مصفاة الشعيبة وتباع برخص التراب في أسواق "السكراب"، في حين هناك مصاف عالمية تعمل منذ 100 عام؟!... الآخرون يبنون مصافي ونحن نغلق مصافينا بدلاً من دراسة عيوبها والعمل على علاجها، وتغيير بعض الوحدات"، منوها إلى أن نتائج بعض القرارات غير الموفقة جاءت نتيجة تولي البعض مناصب أكبر من مستوياتهم.وأضاف "دائما ما كنا نطلب إعادة النظر في إغلاق المصفاة، وانه لا يوجد مبرر فني أو اقتصادي واضح لقرار الإغلاق"، مشيرا إلى أنه لا يحبذ إغلاقها، لأنها جُدّدت خلال السنوات السابقة، ولا يوجد عمر افتراضي لأي مصفاة، لأن هناك مصافي تعمل أكثر من 100 عام.ونوه معرفي إلى أن القطاع النفطي في مشروع "ك-داو" كان ينوي شراء مصانع قائمة منذ زمن طويل، لكنها مربحة, فكيف الان يسوقون لفكرة اغلاق المصفاة بأنها قديمة؟
قرار مستعجلمن جهته، قال نائب العضو المنتدب الأسبق في مصفاة الشعيبة محمد الطويل، إن خطة إغلاق الشعيبة تمت دراسته قبل 3 سنوات، وتم تأجيلها حيث كان الإغلاق مرتبطاً بالانتهاء من المصفاة الجديدة «الزور» لكن المشروع متأخر كثيراً إضافة إلى تأخر مشروع الوقود البيئي.واشار الطويل إلى أن إغلاق المصفاة في الوقت الحالي سيساهم في خسارة 200 ألف برميل يومياً، وهو ما تنتجه المصفاة، متسائلاً: هل سيتم بيع هذه الكمية كنفط خام؟ علماً أن المنتجات البترولية، التي تنتجها قيمتها أكبر من بيع النفط الخام.وقال إن هناك تساؤلاً آخر، مفاده: هل التسويق العالمي لم يجد سوقاً لمنتجات مصفاة الشعيبة؟، وهل هناك بديل لتعويض ما تنتجه المصفاة من «بنزين» للسوق المحلي؟ وهل ستفي مصفاة الأحمدي بكل متطلبات السوق؟ وما هي الخطط في حال تعطلت مصفاة الاحمدي؟ مشيراً إلى أن من الممكن الانتظار إلى حين الانتهاء من أحد المشاريع مصفاة الزور.وأوضح أن حجة الإغلاق بأن المصفاة متهالكة غير مبررة، فالمصافي في أميركا وأوروبا تعمل منذ أكثر من 80 سنة، فعمليات الصيانة هي التي تطيل عمر المصفاة، وشركة البترول الوطنية عملت قبل سنوات صيانة شاملة والمصفاة تنتج بشكل طبيعي، مشدداً على أن الإغلاق في الوقت الحالي غير مناسب ومستعجل.قرار متسرعمن جهته، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط عبدالحميد العوضي، إن "قرار إغلاق مصفاة الشعيبة المتسرع، حتماً سيؤدي على المدى القصير إلى خفض طاقة التكرير الإجمالية للبلاد بنسبة 21 في المئة، وسيترتب عليه نقص المشتقات البترولية، ويفتح باب شراء شحنات بنزين السيارات للسوق المحلي، بالإضافة الى نقص المشتقات النفطية المصدرة للاسواق العالمية مثل النافثا والكيروسين وغيرهما التي تقدر كمياتها بـ650 الف طن شهرياً، ولا يمكن لمصفاتي عبدالله والأحمدي سد هذا النقص الكبير، حتى لو اشتغلتا بأقصى طاقة لكل منهما".وأشار إلى أن استمرار حالة نقص الكميات إلى حين تشغيل المشاريع الجديدة قد يضع مؤسسة البترول في وضع حرج امام زبائنها الدوليين في كيفية الإيفاء بالعقود دون خفض الكميات أو خسارة الأسواق، لذلك فإن قرار إغلاق مصفاة بحجم مصفاة الشعيبة أمر ليس سهلا. وأضاف العوضي "اننا لم نسمع عن شركة نفطية حكومية خليجية باعت إحدى مصافيها، فمصفاة "سترة" في البحرين تعمل منذ عام 1936، ومصفاة "رأس تنورة" تعمل منذ عام 1945"، مشيرا إلى أن قضية احتساب اقتصاديات مصفاة قديمة رابحة أم خاسرة لا تقتضي الضرورة الاستعانة بمستشار عالمي، ليوصي بعد ذلك بوقف العمل بها، فالقضية تتطلب فقط إلماماً كافياً بالعمليات الرياضية والحسابية، فهل أصبحت قرارات القطاع النفطي اليوم رهينة لدراسات وتوصيات يقدمها مستشار عالمي لإغلاق المصفاة؟ ولمستشار آخر لتقييم السعر العادل لها؟! وتساءل "أين دور قطاع التخطيط والخبرات المتراكمة عند بعض القياديين ليقوم مستشار عالمي بهذه الدراسات؟!... أليس هذا هو الحال عندما قدمت دراسات مصفاة الزور وقيل ان عوائدها تصل الى 11 في المئة، وتبين لاحقاً غير ذلك؟!". وأضاف "لو قال المسؤولون اننا درسنا كل الخيارات المتاحة لتفادي إغلاق المصفاة، إلا أن الخسائر المالية السنوية المتتالية تركتنا بدون خيار آخر غير إغلاقها، لكان ذلك سببا مقبولا، ولكن اغلاق المصفاة، وهي تحقق أرباحا، أمر لا يمكن تبريره فنيا وماليا وإدارياً، ولو قال المسؤولون اننا اغلقنا المصفاة لعدم قدرتها على منافسة المصافي العالمية الحديثة أو أن هناك طاقة تكريرية فائضة في السوق العالمي لفهم الأمر". وذكر "ستضطر الكويت الى بيع كميات زائدة من النفط الخام (نحو 4.5 ملايين برميل شهريا في السوق العالمي هي حصة المصفاة) مما يسبب لبساً في السوق، ويظهر الكويت كأنها زادت كمياتها المصدرة وأخلت باتفاق "أوبك"، هذا الموقف سيكون محرجا لوزارة النفط، لكونها ترأس لجنة مراقبة الإنتاج، كما ان هذه الكميات الإضافية قد تربك الأسعار العالمية وتعرضها للانخفاض، وفي النهاية نقول إن "قرار إغلاق مصفاة الشعيبة رغم تحقيقها ارباحا صافية تقدر إجمالا للسنوات الثلاث الماضية بحوالي 80 مليون دينار، أمر يثير مخاوفنا على مستقبل صناعة التكرير الكويتية، خصوصا عندما يصبح القرار أولوية لدى المؤسسة!".