إلى الزميل أحمد الصراف... مع التحية
أثناء جولة لي في ملفات اللاب توب بقصد الترتيب والتنسيق، وقع انتباهي على ورقة «مشروع / مقترح» كان قد فكّر به وقدّمه ابني فارس لجهة ما. هذه الجهة قد تكون مؤسسة أو هيئة من المفترض أنها تُعنى بالتنمية البشرية، ويهمها شأن قطاع الطفولة والشبيبة. ولكن المقترح -الذي أسهمتُ في صياغته وتنقيحه شخصياً- لم يجد استجابة تُذكر، أو بالأحرى لم تتهيأ له أسباب التوصيل والتعريف والتوسّط لدى أصحاب القرار والشأن، فنام في ملفات كومبيوتري الشخصي، كما تنام الأحلام الجميلة. واليوم أراني مدفوعة إلى إهداء فكرته الإنسانية والخيرية إلى الزميل أحمد الصراف، باعتباره معنياً بالدرجة الأولى بالأفكار الإبداعية التي تصقل مواهب الشباب وتخرج أجمل مكامن إنسانيتهم، وطالما أشاد بجهود «لوياك» ومثيلاتها من المؤسسات الثقافية الرائدة، ولم يبخل عليها بالدعم أو التشجيع، مستكملاً هذه النزعة بما يكتب ويحلل في عموده الصحافي المعروف. فإليه أهدي هذا المقترح، كما جاء في نسخته الأولى: تعتبر منطقتنا العربية حالياً من الأقاليم الملتهبة بالصراعات السياسية والحروب، بما تجره من خراب ودمار ومآسٍ بشرية. هذا الوضع المضطرب ربما فشل في إيجاد متطلبات أولية لحياة آمنة ومستقبل واعد لجيل من الشبيبة والأطفال في بقاع متفرقة من المنطقة العربية. ولعله من المناسب، والوضع كذلك، أن نتيح لهؤلاء الأطفال فرصة أن يعبروا عن آمالهم في مستقبل أفضل، من خلال لغة عالمية تحمل رسالتهم إلى العالم، وهي لغة الموسيقى.
أغنية «we are the World... we are the children» (نحن أطفال العالم) باتت أغنية خالدة ومتداولة عالمياً، بما تحمله من رسالة قوية وواضحة في مناهضة الحروب والعنف والكوارث الإنسانية، حتى غدت من أيقونات الإرث الموسيقي المعاصر. وقد مرت منذ فترة الذكرى الثلاثون لإطلاق الأغنية التي كتبها الفنانان مايكل جاكسون وليونيل ريتشي، وقدّمتها باقة من مشاهير الغناء العالمي عام 1985م. ومن يومها غدت الأغنية نشيداً عالمياً يحضّ على التكاتف والاتحاد، والدعوة للالتفات إلى القضايا الإنسانية الملحة. واستطاعت الأغنية بنسخها المتعاقبة أن تحصد ما يربو على 100 مليون دولار، تم جمعها لأغراض خيرية كانت تصرف للتخفيف من الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات وغيرها من أعمال الإغاثة في المناطق المنكوبة حول العالم. إن فكرة إنتاج هذه الأغنية بنسختها الكويتية تبدو فكرة طليعية. وخاصة بعد اختيار أمير البلاد رائداً للإنسانية من الأمم المتحدة، الأمر الذي سوف يرفع من اسم الكويت ويبرزه عربياً وعالمياً. ويمكن لهذه الأغنية أن تُقدم بأصوات الأطفال وبمشاركة جماعية من أهم الشخصيات الكويتية المؤثرة في شتى المجالات. ويمكن لاحقاً تحديد الجهة التي سيذهب إليها ريع هذا العمل الخيري، كالجهات المعنية بالطفولة والشبيبة العربية أو المعنية بالبيئة والصحة والتنمية البشرية... إلخ. لقد عُرفت الكويت بأنها سبّاقة دائماً في مجال المساهمة في تقديم المساعدات للنهوض بالإنسان ودعمه في أوقات العُسر واليسر، وفي مجالات الإغاثة والتنمية والإعمار عربياً وعالمياً، كتأسيسها للصندوق الكويتي للتنمية، كمثال، مما أهّلها لامتلاك الخبرة والإرادة الفاعلة في هذا المجال. يمكن لمشروع خيري مثل هذا أن يرى النور بتكاتف مجموعة من الجهات، تحت مظلة وزارة الدولة لشؤون الشباب مثلاً، المؤسسة التي تعمل تحت ريادة شخصية ممتلئة بالأحلام والطموحات مثل الشيخة الزين الصباح. ويمكن لمجموعة من المساهمين المحتمَلين من شتى الشركات والبنوك والمؤسسات الأهلية أن يستأنسوا بتجربة شركات الهواتف في إنتاج مجموعة من الفيديوهات المغناة مثل فيديو «وطنى حبيبي»، وغيره من أفلام أنتجت بمناسبات العيد الوطني وغيره من مناسبات، ولقيت نجاحاً كبيراً. ومثل هذا الإنتاج السينمائي عادة ما تكون تكلفته معقولة. ويمكن اختيار مواقع التصوير في أماكن تمثل الشخصية الكويتية وميراثها المعماري أو المعنوي. وكذلك يمكن مراعاة الشخصية الكويتية في استخدام الأدوات الموسيقية الدالة على التراث الموسيقي الكويتي. أما كورس الغناء والذي سيتكون من الأطفال والشبيبة عامة، فيمكن إشراك طلبة المدارس الإنكليزية والأميركية في الكويت، لأن الأغنية تُغنى في بعض مقاطعها باللغة الإنكليزية، إضافة إلى العربية. أما مسألة تسويق الأغنية وانتشارها فيمكن الاستعانة بكل وسائل الإعلام المتاحة، مرئية ومسموعة، ومن خلال اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يضمن لها انتشاراً واسعاً محلياً وإقليمياً وعربياً. إن مشروعاً خيرياً وإنسانياً مثل هذا سيعيد للكويت شيئاً من إشعاعها الحضاري والإنساني وسط مثيلاتها من دول مجلس التعاون الخليجي اللواتي قطعن شوطاً في مجالات التنمية والتحضر وترسيخ ثقافة تهدف للارتقاء بالإنسان وقيمه الأصيلة.