مرافعة : رجال اشربت نفوسهم احترام القانون
![حسين العبدالله](https://www.aljarida.com/uploads/authors/233_1678300581.jpg)
وعندما جاء حكما «الدستورية» في يونيو 2013، وديسمبر 2015 بعدم دستورية مراسيم الضرورة بإنشاء هيئة الانتخابات، وهيئة مكافحة الفساد، لمخالفتهما أحكام المادة 71 من الدستور، ولافتقادهما حالة الضرورة الملجئة لإصدارهما، رغم أنها مراسيم صادرة من سمو الأمير، فإن «الدستورية» جاءت مؤكدة ضمان تطبيق أحكام الدستور، في سابقة قضائية هي الأولى من نوعها في الخليج، ومن النادر وقوعها في المنطقة العربية.وعندما أصدر قضاء محكمة التمييز الإدارية في مارس 2016 حكماً يقضي برقابة القضاء على القرارات التي تصدرها الحكومة بالسحب والإسقاط، أشاد الكثيرون بنهج قضاء «التمييز»، الذي أخرج مطالبات منح الجنسية عن رقابة القضاء، وهو حال القضاء المقارن الذي يحفظ للحكومات حقها في منح الجنسية من عدمها، لكون ذلك مرتبطاً بسلطة حكم، لكن نفس الحكم أعطى للقضاء ضمانة في الرقابة على مشروعية القرارات التي تصدرها الحكومة، لكونها قرارات تصدر من سلطة إدارة عمدت اتخاذها اثر مخالفة مستحقيها للأحكام الواردة في قانون الجنسية، وكضمانة للتأكد من سلامة القرارات يراقب القضاء إذا ما لجأ اليه من صدرت بحقهم القرارات بتأييدها أو الغائها.عندما يعهد الأمر للقضاء في الرقابة على قرارات السحب والإسقاط، فإن ذلك يأتي تكريساً لدولة المؤسسات، كما يأتي تفعيلاً لحق التقاضي الذي عطل في هذا النوع من القضايا بدعوة أحكام المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء، والذي يرى الخبير الدستوري د. عثمان عبدالملك في بحثه حول السلطة اللائحية في الكويت المنشور في مجلة الحقوق عدم دستوريتها.بل إن تقوية أي ديمقراطية ناشئة تكون بتقوية قضائها، كما يؤكد ذلك د. عبدالرزاق السنهوري في بحثه «مخالفة التشريع للدستور» أن كل ديمقراطية ناشئة لم تنضج فيها المبادئ الديمقراطية، ولم تستقر هذه المبادئ عندها في ضمير الأمة تكون السلطة التنفيذية فيها أقوى السلطات جميعها، وتتغول السلطة التشريعية وتسيطر عليها، وتتحيف السلطة القضائية وتنتقص من استقلالها، والدواء الناجع لهذه الحال هو العمل على تقوية السلطة القضائية، فهي أدنى السلطات الثلاث إلى الإصلاح، إذ القضاة نخبة من رجال الأمة اشربت نفوسهم احترام القانون، وانغرس في قلوبهم حب العدل، وهم بطبيعة وظيفتهم يؤمنون بمبدأ المشروعية، ولا يقدر لهذا المبدأ قيام واستقرار إذا لم يوجد إلى جانبه قضاء حر مستقل يحميه من الاعتداء ويدفع عنه الطغيان.