رد غير متكافئ من «نظام بوتين» على تظاهرات ضد الفساد
موسكو تصف الاحتجاجات بالاستفزازية وتتهم المشاركين فيها بتلقي أموال وترفض الإفراج عن المعتقلين
رغم محدودية التظاهرات التي نظمها معارضون روس أمس الأول أبدت السلطات الروسية حزما كبيرا خلال التعامل معها، ورفضت الإفراج عن أكثر من 700 من المشاركين فيها، واتهمتهم بتلقي أموال للخروج في المسيرات واستفزاز الشرطة.
اعتبر الكرملين التظاهرة المعارضة للفساد، التي نظمها أمس الأول في موسكو المعارض الكسي نافالني، استفزازا، غداة توقيف أكثر من ألف شخص. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، للصحافيين: "ما رأيناه أمس في العديد من المواقع، وربما في موسكو أكثر من غيرها كان استفزازا وكذبا"، مضيفا أن نافالني كذب صراحة بقوله إن هذه التظاهرات قانونية.كما رفض الكرملين دعوات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإطلاق سراح معارضين اعتقلوا خلال ما أسماه مظاهرات غير مصرح بها. وتظاهر آلاف الأشخاص أمس الأول في وسط موسكو، وتحدوا الحظر الذي فرضته السلطات على التظاهر في تفيرسكايا، الجادة الواقعة في وسط العاصمة.
وأكد المتحدث أن موسكو تحترم حق التظاهر، بشرط أن تنظم التظاهرات بشكل يتوافق مع القانون، متابعا: "نخشى أن يواصل أحد ما دعوة المواطنين الى المشاركة في أعمال غير مشروعة ومحظورة. هذا ما يقلقنا".وأضاف: "هناك معلومات بأن بعض القاصرين المشاركين في التظاهرات في موسكو تلقوا وعودا بقبض مكافآت مالية"، وهذه الاتهامات تستند إلى وقائع، مؤكدا أن "الكرملين يحلل حجم تظاهرات الامس ولا يميل للتقليل من شأنها أو المبالغة في تقديرها".وأوقفت السلطات عدا نافالني 1030 شخصا على الاقل في موسكو، حيث تحدى آلاف الاشخاص حظر السلطات للتظاهر، بحسب منظمة "او في دي إنفو" المتخصصة في مراقبة التظاهرات التي أشارت أيضا الى عشرات عمليات التوقيف في المناطق، في حين تحدثت الشرطة عن اعتقال نحو 500. وتحدثت أنباء عن اعتقال أكثر من 130 شخصا في سان بطرسبورغ.
حدثان جديدان
وشهدت التظاهرات حدثين جديدين، هما ان المشاركة كانت كبيرة في مناطق هادئة عادة، كما ان معدل أعمار المشاركين كان أصغر بكثير من المعتاد، فقد انضم الى المعارضين التاريخيين للكرملين طلاب ثانوي ولدوا في مطلع الالفية ولم يعاصروا سوى بوتين رئيسا.محاكمة نافالني
واجريت أمس محاكمة لنافالني، الذي اقتيد وبدا عليه التعب الى محكمة تفيرسكوي وسط موسكو، بحضور صحافيين ونحو 20 من مؤيديه. وكتب المعارض في تغريدة: "سيأتي اليوم الذي سنحاكمهم فيه بنزاهة هذه المرة"، في إشارة الى السلطات الروسية.ومثل المدون نافالني، الذي يعتزم الترشح ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية مطلع 2018، بتهمة الدعوة الى تجمعات ادت الى بلبلة النظام العام، وتم الحكم عليه بتوقيفه احترازيا لمدة 15 يوما.وانتقدت الولايات المتحدة أمس الأول السلطات الروسية، على خلفية اعتقالها مئات الأشخاص الذين كانوا يتظاهرون ضد الفساد، واصفة هذه الخطوة بأنها إهانة للديمقراطية.وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، في بيان، إن "الولايات المتحدة تدين بشدة اعتقال مئات المتظاهرين السلميين في جميع أنحاء روسيا"، مضيفا أن "اعتقال متظاهرين سلميين ومراقبين لحقوق الإنسان وصحافيين إهانة للقيم الديمقراطية الأساسية".وأبدى تونر انزعاج الولايات المتحدة من اعتقال نافالني الذي نشر تقريرا اتهم فيه رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف بأنه على رأس إمبراطورية عقارية يمولها أثرياء.وقال إن "الولايات المتحدة ستراقب هذا الوضع، وندعو الحكومة الروسية إلى الإفراج فورا عن جميع المتظاهرين السلميين"، متابعا: "الشعب الروسي، على غرار الناس في كل مكان، يستحق حكومة تدعم حرية التعبير، وحكما شفافا يخضع للمساءلة، ومعاملة متساوية بموجب القانون، وقدرة على ممارسة حقوقه بدون خوف من الانتقام".ويتعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب لضغوط شديدة، على خلفية تحقيقات حول اتصالات قد تكون حصلت العام الماضي بين مقربين منه والمخابرات الروسية، وحول تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأميركية.ودعا الاتحاد الاوروبي أمس روسيا إلى الافراج بدون تأخير عن المتظاهرين.وانتقدت الحكومة الألمانية تصدي سلطات الأمن في روسيا وبيلاروس للمتظاهرين، مطالبة بالإفراج العاجل عن المعتقلين.وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت أمس في برلين إن روسيا مقرة بالحق في حرية التجمهر والرأي، وأضاف: "الالتزام بتلك المبادئ السامية الآن أمر بالغ الأهمية للديمقراطية الروسية".وذكر أن الحكومة الألمانية تطالب السلطات الروسية بالإفراج عن المشاركين في الاحتجاجات ضد الفساد سريعا، وتنظر بقلق أيضا إلى الاعتقالات التي أعقبت الاحتجاجات ضد سوء الأوضاع الاجتماعية في بيلاروس، مؤكدا أن حرية التجمهر والصحافة وحرية الرأي من الحقوق الأصيلة للإنسان.وذكر زايبرت أن التصدي الصارم من قبل سلطات الأمن يطرح تساؤلات عن تطبيق مبدأ التناسبية، مطالبا بالإفراج الفوري عن المتظاهرين والصحافيين المعتقلين.وأبدت فرنسا قلقها من حظر الاحتجاجات واعتقال المئات، وحثت موسكو على احترام التزاماتها الدولية بحرية التعبير. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية، في بيان، إن "الوضع يثير قلقا عميقا في فرنسا".وأضاف: "حرية الاحتجاج والاجتماع والتجمع والتعبير من الحريات الأساسية التي يضمنها الدستور الروسي والالتزامات الدولية التي انضمت روسيا إليها. نحن ندعو السلطات الروسية الى احترام هذه الالتزامات".