أنهت بريطانيا، أمس، «زواجاً مزعجاً» استمر 44 عاماً مع الاتحاد الأوروبي، بعدما سلم السير تيم باور ممثل المملكة في المجلس الأوروبي إلى رئيس المجلس دونالد توسك رسالة الطلاق التي وقعتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي مساء أمس الأول لتفعيل «المادة 50»، والتي تعني البدء رسمياً بإجراءات الخروج من الاتحاد، والتي لا يمكن العودة عنها. وبعد تسعة أشهر من استفتاء قسَّم المملكة وأضعف المشروع الأوروبي الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية، علّق توسك بقوله: «ما من سبب ليبدو وكأنه يوم سعيد في بروكسل أو لندن»، مضيفاً «نحن من الآن، نشتاق إليكم (المملكة المتحدة)».
وأمام النواب في ويستمنستر وصفت ماي «بريكست» باللحظة التاريخية التي تمت بناء على رغبة شعبية، و«لن يكون هناك عودة إلى الوراء»، داعية البريطانيين إلى الوحدة. ولم تتجاهل رئيسة الوزراء اسكتلندا، التي وافق مجلس نوابها أمس الأول على إجراء استفتاء جديد حول الاستقلال، إذ دعت إلى تعزيز العلاقات التي توحد الأمم الأربع للمملكة، متعهدة بحماية حقوق ثلاثة ملايين أوروبي مقيمين في بريطانيا.من جانبه، بدا نايجل فاراج، الزعيم السابق لحزب «يوكيب» المناهض لأوروبا، أحد أبرز مهندسي الخروج من الاتحاد، مسروراً، وقال إن «الاتحاد الأوروبي لن ينهض من هذه الضربة، نحن أول المغادرين... هذا تاريخي... والآن نحن من يتولى زمام الأمور».
وللحفاظ على المصالح الاقتصادية، سيتعين على بريطانيا تقديم تنازلات للاتحاد، لضمان التوصل إلى أفضل اتفاق لخروجها منه، بحسب وزير المالية فيليب هاموند، الذي أفاد بأن هذا الخروج سيضمن لبريطانيا استعادة التحكم في الهجرة، إضافة إلى إعادة تأكيد سيادة البرلمان والقضاء البريطانيين.وكان لهذا الحدث ردود فعل أوروبية عديدة، فقد أعلنت متحدثة باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن المملكة تبقى شريكاً لأوروبا والحلف الأطلسي، في حين توقع المستشار النمساوي كريستيان كيرن أن تكون الديون المستحقة الكبيرة على بريطانيا للاتحاد من القضايا الأكثر صعوبة خلال محادثات الخروج.بدوره، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إنه لا عودة عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، وإنه لا يمكن أن يستغرق ذلك أكثر من سنتين، موضحاً أن «بريكست» مؤلم على الصعيد العاطفي للأوروبيين، والاقتصادي للبريطانيين.