كانت الأمسية الغنائية التي كان نجمها الحاضر الغائب الفنان القدير الراحل سعود الراشد الذي يعد رائد تطوير الأغنية الكويتيّة، باعتماده على الألحان التقليدية وصهرها في قوالب عصرية في مركز اليرموك الثقافي التابع لدار الآثار الإسلامية، استثنائية في كل شيء.

بدأت الأمسية الغنائية للمرة الأولى في حفلات دار الآثار الاسلامية بمحاضرة مركزة وقيمة عن الفنان الراحل سعود الراشد ألقاها بدر بوغيث، ثم توالت الأغاني التي شدا بها صاحب الصوت الجميل الذي كان الشجن هو طابع غنائه، سلطان المفتاح، من مختلف دروب وألوان فن الصوت.

Ad

وكانت الأمسية استثنائية كذلك في الحضور الذين استمعوا بإجلال للاغاني التي جاءت من عمق التاريخ بأثواب جديدة من ابداع وتصميم الرباح، حتى انهم طلبوا الاستزادة من فرط الاعجاب والانسجام، بعدما انهت الفرقة برنامجها، وفي التنظيم والانضباط والالتزام في المواعيد وأماكن الجلوس.

غنى سلطان المفتاح 5 أغانٍ من ألحان الفنان الراحل سعود الراشد تناولت كل أنماط الغناء الحضري كالسامري واللعبوني والخماري والرمبا والنهمة والتنزيلة، وهي: «يا نور عينى، ويا غصين البان، والسحر في سود العيون، وألا يودان، ومن علمك»، ثم عاد بناء على طلب الجمهور وشدا بإحدى روائع الملحن الكبير وهي أغنية «مال واحتجب» من كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي، فبلغ معه الجمهور أعلى درجات الاستمتاع فرددوا معه كلماتها التي تقول: «مالَ واحتجبْ وادَّعَى الغضبْ/ ليــت هاجري يشـرحُ السـببْ/ عَتْبُه رضًـى ليته عتبْ/ عـلَّ بيننا واشـيًا كذبْ/ أَو مفنِّـدًا يخلُقُ الـرِّيَبْ/ مَـن لِمُدْنَفٍ دمعُه سُحُبْ».

وقال بدر بوغيث في بداية الأمسية الغنائية: «عندما طلبت مني دار الآثار الإعداد لإقامة سهرة غنائية ضمن موسمها الثقافي الـ22، ترددت في القبول واحترت بعد ذلك في الاختيار».

وأوضح بوغيث أن التردد سببه انه يعلم أن المترددين على سهرات الدار هم سميعة من طراز أول ومشهورون بالتذوق العالمي للنغمة والكلمة، أما الحيرة، بعد التوكل على الله بالموافقة، فكانت في من يختاره لتكون الأمسية الغنائية على مستوى الثقة، فكان سعود الراشد هو أول من خطر على باله، «فعرفت انه اختيار العقل والقلب لأن الراشد لم يأخذ حقه لأنه أول من وضع اللبنة لبداية تطوير الأغنية التراثية الكويتية في مختلف ألوانها، بعد أن ادخل عليها التراكيب الموسيقية العصرية والأحاسيس المعبرة».

وألقى بوغيث الضوء على بعض من مسيرة الراشد: «كان هاوياً للغناء والعزف منذ عام 1948، تم اختياره عام 1957 عضواً في لجنة الفنون الشعبية التي كان من مهماتها جمع التراث الشعبي الكويتي والأدب شعره وسرده والغناء والموسيقى والرقص والألعاب والحرف، بمركز الفنون الشعبية، وانطلقت مسيرته الغنائية والتلحينية إلى الآفاق العربية، فغنى له كبار المطربين من مختلف الدول العربية».