كلما ازدادت حدة المعركة بين القوات الأمنية العراقية وقوات تنظيم «داعش» في مدينة الموصل واقتربت من نهايتها لمصلحة العراقيين ازداد معها التوتر بين قوات ميليشيا الحشد الشعبي وقوات البشمركة الكردية، وازدادت المخاوف من حدوث مواجهة عسكرية بينهما، فالصراع محتدم بين الطرفين منذ تشكيل ميليشيا الحشد أوائل يونيو من عام 2014، وقيامها باقتحام مدينة «طوزخورماتو» المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، وتهجير الأكراد منها بالقوة وممارسة التطهير العرقي والطائفي ضدهم. واستمر قادة هذه الميليشيا باستفزاز الكرد والبشمركة من خلال تصريحات وتهديدات طائفية خطيرة، ومن أخطر هذه التهديدات ما صرح به زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق «قيس الخزعلي» من أن «الكرد سيكونون من أهم المشاكل التي ستبرز بعد التخلص من داعش، وخصوصا مشكلة السيد مسعود البرزاني، وأعتقد أنه من الصعب الوصول إلى تسوية معهم، خصوصاً بعد 2003، حيث توسعت حدود كردستان، وهذه تمثل مشكلة بحد ذاتها».
ورد عليه مسؤول كركوك لقوات البشمركة كمال كركوكي «أعتقد أن على كل شخص أن يعيش في بيته، الشيعة في شيعستان، والكرد في كردستان، والسنة في سنستان، ويجب أن نكون جيراناً جيدين لبعضنا البعض». ولم يكتف الخزعلي بتهديد الكرد بل هدد أهل الموصل قبيل بدء القوات العراقية هجومها على المدينة في أكتوبر من عام 2016، وتوعدهم بالقتل والإبادة ثأرا للحسين لأنهم أحفاد يزيد «هؤلاء أحفاد لأولئك الأجداد». وإزاء الرفض الدولي والمحلي الواسع لمشاركة هذه الفصائل الميليشياوية في تحرير المدينة السنية تحركت القوى والأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد لإضفاء الطابع الشرعي عليها تمهيدا لإقحامها في معركة المدينة الأخيرة، وكان لها ما تريد عبر بوابة البرلمان العراقي، حيث أقر البرلمان بغالبية أعضائه قانون الحشد الشعبي، وبذلك تحولت مجاميع مسلحة اتهمتها منظمات «العفو الدولية» و»هيومان رايتس ووتش» بارتكاب جرائم حرب بحق العراقيين إلى فصيل عسكري نظامي تابع لوزارة الدفاع العراقية، وخصص له ميزانية خاصة من ميزانية الدولة لعام 2017، وزود بأسلحة متطورة. هذه العناية الخاصة التي أولتها الحكومة بالحشد الشعبي أثارت مخاوف السنّة والكرد من تحويل قوات الحشد إلى قوات حرس ثوري شبيهة بقوات الحرس الثوري الإيراني، وما زاد المخاوف أكثر هو سعي الحكومة إلى تعيين أكثر من 35 ألف مقاتل من أبناء السنة في صفوف الحشد الشعبي لكي يضفي عليه صفة الوطنية ويبعد عنه طابع الطائفية، ولم تقف قيادة البشمركة الكردية متفرجة أمام ضم هيئة الحشد الشعبي آلاف المتطوعين السنّة إلى قواتها، فسارعت بدورها إلى فتح باب التطوع وضمت في صفوفها العديد من أبناء العشائر العربية بناء على طلب قدمه رؤساء العشائر إلى مسعود برزاني، وتم تأسيس وحدات عربية تحت مظلة وزارة البشمركة للدفاع عن مناطقهم، وشكل منها ألوية، وأول لواء حمل اسم «لواء بشمركة غربي دجلة» بلغ عدد مقاتليه 2000 شخص.الصراع يتصاعد بين المكونات الثلاثة الرئيسة في العراق الشيعي والسنّي والكردي، كلما اقتربنا من نهاية تحرير مدينة الموصل، وطرد تنظيم داعش الإرهابي منها، ربما يأخذ شكلا دمويا أكثر وينعكس على وحدة العراق ليحوله إلى ثلاثة أقاليم أو كانتونات مستقلة: كردستان وشيعستان وسنستان!* كاتب عراقي
مقالات - اضافات
كردستان وشيعستان وسنستان!
31-03-2017