واشنطن للعراقيين: لا خيارات كثيرة لحماية مدنيي الموصل

مصادر عسكرية تحذر من تباطؤ العمليات لأنها ستمثل «إنقاذاً لداعش»

نشر في 30-03-2017
آخر تحديث 30-03-2017 | 20:01
عراقيتان تمران أمام مدافع هاون وذخائر في أحد أحياء غرب الموصل أمس	(رويترز)
عراقيتان تمران أمام مدافع هاون وذخائر في أحد أحياء غرب الموصل أمس (رويترز)
وسط النقاشات المتصاعدة في العراق حول معركة الساحل الأيمن من مدينة الموصل، بعد المجزرة التي شهدها حي الموصل الجديدة، رصد تحرك أميركي لتوضيح ما جرى وشرح طبيعة المعركة، مع تأكيد أنه لا مفر من سقوط مدنيين، وربما بأعداد كبيرة لتحرير باقي المدينة من تنظيم «داعش».
تكثف السفارة الأميركية في بغداد اتصالاتها بمسؤولين وساسة عراقيين كما تتحدث الى ناشطين وصحافيين، في سبيل الدفاع عن دورها في معارك الموصل، بعد اتهامات بأن مجيء الرئيس الجديد دونالد ترامب الى البيت الأبيض أدى الى تغيير في أسلوب الهجمات الساندة للقوات العراقية وأن «حزمه وتعجله» تسببا في تخفيف الإجراءات الاحترازية التي تهدف الى تقليل الخسائر بين المدنيين.

وجاءت هذه الاتهامات بعد مقتل عشرات المدنيين في عدة غارات أميركية قبل نحو أسبوعين، إذ استهدفت قناصين من «داعش» تمترسوا على سطح منزل، بينما كان يختبئ فيه نحو 100 مدني، وقيل إن «داعش» قامت بجمع الأهالي في مبنى واحد واستدرجت النيران إليه حتى إنهار المبنى بالكامل، وشكل الأمر صدمة عاطفية داخل العراق وخارجه.

ولم تسجل لاحقا ضربات بهذا الحجم رغم استمرار وقوع ضحايا يوميا، في وقت تذكر مصادر مطلعة على شؤون المعارك، أن القوات الأميركية بدأت تركز على ما يسمى «القنابل الذكية» التي تمتاز بدقة أكبر، كما تستخدم المروحيات القادرة على تمييز الهدف العسكري وتجنب المدنيين قدر المستطاع، لكن ذلك لن يكون ممكنا دائما، خصوصا في حرب المدينة القديمة ذات المباني المتهالكة، والكثافة السكانية العالية.

وتشهد كل من بغداد وواشنطن طوال هذا الوقت نقاشات محتدمة حول كيفية تفادي سقوط المزيد من الضحايا المدنيين وتكثيف الإجراءات الاحترازية، لكن مصادر سياسية ذكرت أن التحالف الدولي برئاسة أميركا، أبلغ الأطراف المعنية، وخصوصا القادة السنة والموصليين، بأنه لا توجد خيارات كثيرة في معركة الموصل لتجنيب المدنيين ويلات الحرب.

ولا تستطيع القوات العراقية التقدم بسهولة مع وجود قناصين وعربات مفخخة تختبئ بين الأهالي، ويقول الجيش العراقي والقوات الأميركية إنه لا يمكن التقدم إلا بضرب هذه الأهداف و»القبول» بأعداد الضحايا من أجل تحرير من تبقى من الأهالي الذين يقدر عددهم بنحو نصف مليون نسمة في الجزء الغربي من الموصل.

وتضيف المصادر أن القيادات العسكرية المشتركة ناقشت «تنويع محاور القتال» لمشاغلة «داعش» شمالا وغربا وتخفيف الضغط على المنطقة القديمة، واختبار ما إذا كان التنظيم قادرا على العمل في أكثر من محور قتالي، إذ يشك بأن لديه العدد الكافي من المقاتلين المدربين جيدا لهذا الغرض.

لكن القوات العراقية لا تمتلك أيضا العدد الكافي من قوات النخبة المدربة على حرب العصابات لفتح جبهات متعددة، كما أن مشاركة جنود أميركان وآخرين من التحالف الدولي لا تبدو سهلة، خصوصا أن واشنطن لا تريد أن تثير حفيظة موسكو كما يبدو، خلال معركة الموصل ووسط التعقيدات الدولية المتعلقة بإيران وسورية.

وتذكر المصادر العسكرية، أن أي تباطؤ في معركة الموصل سيكون هدية كبيرة لمقاتلي التنظيم المتطرف، اذ سيتمكنون من إعادة بناء التحصينات والدفاعات وتوزيع العناصر الأكثر شراسة في النقاط الحيوية.

وينهمك جهاز مكافحة الإرهاب بعملية التفاف على المدينة القديمة تهدف الى محاصرتها ومنع «داعش» من استقدام إمدادات من الشمال الغربي. وبحسب تقديرات، فإن الحصار الصارم سيحرم «داعش» من التزود بالذخيرة وهو ما يعني إمكانية أن يحسم القتال في مدة لا تتجاوز الأسبوع، وسيكون المتبقي في الشمال والغرب بضعة أحياء سكنية لا توجد فيها تحصينات كثيرة.

في سياق آخر، قتل 17 شخصا، مساء أمس الاول، في خرق امني نادر في العاصمة العراقية بغداد، تمثل بتفجير انتحاري بشاحنة كبيرة استهدف «حاجز 75» الواقع عند المدخل الرئيسي الى بغداد في اليوسفية تبناه تنظيم «داعش».

وأصدر تنظيم «داعش» بيانا تبنى فيه التفجير قائلا إن الهجوم نفذ بواسطة انتحاري يقود شاحنة تحمل أطنانا من المتفجرات.

على صعيد آخر، أجرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس زيارة الى العراق التقى خلاها المسؤولين العراقيين.

وقال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، لدى استقباله غوتيريس، إن «المدن العراقية بحاجة لإعادة إعمار البنى التحتية وتوفير المستلزمات الضرورية لعودة النازحين لمناطق سكناهم وهذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق جميع دول العالم»، مبيناً أن «العراق بحاجة إلى خطة شبيهة بمشروع مارشال الذي ساهم ببناء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لتقديم المساعدات للعراقيين ودعم التنمية وتجاوز آثار الحرب ضد عصابات داعش الإرهابية».

من جانبه، اعتبر غوتيريس أن زيارته للعراق «تاريخية وتأتي للتضامن مع الشعب العراقي في حربه ضد الإرهاب»، مشيراً إلى أن «تحرير الموصل وهزيمة داعش سيسهمان بدعم وحدة العراق والعمل على تطوير مؤسساته في المرحلة المقبلة».

في السياق، طالب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري غوتيريس والأمم المتحدة بـ «مضاعفة» دعم الجهد الإنساني في العراق.

علم كردستان

في سياق آخر، دعا رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم، أمس، كل الأطراف المعنية في محافظة كركوك إلى «تغليب لغة الحوار والتفاهم الأخوي فيما بينها والحرص على التعايش السلمي والتمسك بمبادئ الدستور»، وذلك في تعليق على اقرار مجلس محافظة كركوك قرار محافظ كركوك نجم الدين كريم برفع علم كردستان الى جانب علم العراق فوق الادارات في المحافظة الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين القوميات المتنوعة التي تسكنها.

وقال معصوم، إن «الحكومات الاتحادية السابقة أهلمت تطبيق المادة 140 من الدستور المتعلقة بمستقبل كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها منذ سنة 2005»، مطالباً «الحكومة الاتحادية بالبدء بتطبيقها والقيام بكامل واجباتها في هذا الشأن وفق ما جاء في الدستور».

واعتبر رئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني أمس، أن رفع علم كردستان في كركوك «سيدعم التعايش السلمي بين مكوناتها، وسيدعم كذلك مشاركة جميع هذه المكونات في إدارة المحافظة».

وذكر البارزاني أن «قوات البيشمركة دافعت عن كركوك في وجه الارهاب تحت راية كردستان».

back to top