في خضم غضب أنقرة من إصرار حليفتها واشنطن على العمل مع القوات الكردية، التي تصنفها منظمة إرهابية، عقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، اجتماعاً مغلقاً لمدة تزيد على الساعتين مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ناقشا خلاله الحرب، التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" في سورية والهجوم المرتقب على معقله في مدينة الرقة وإنشاء مناطق آمنة في سورية.

ووفق مصادر بمكتب الرئيس التركي، فإن إردوغان أكد لأرفع مسؤول أميركي يزور أنقرة منذ تولي الرئيس دونالد ترامب مهامه، أهمية العمل مع الفاعلين "الحقيقيين والشرعيين" في الحرب ضد الإرهاب سورية، مشيرة إلى أن الاجتماع تناول أيضاً الخطوات المشتركة المحتملة ضد الجماعات الإرهابية في العراق وسورية.

Ad

غولن و«داعش»

وبعد لقاء مماثل مع رئيس الوزراء بن علي يلدريم تناول تطورات أزمة سورية والجهود المشتركة الرامية لتطهيرها والعراق من "داعش"، أعلن وزير خارجية الولايات المتحدة في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أن محادثاته ركزت على إنشاء مناطق آمنة في سورية وتحصينها، بالإضافة إلى عدد من "الخيارات الصعبة" يجب التنسيق مع تركيا لاتخاذها.

وشدد تيلرسون على أن تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، شريك رئيسي في الحرب على "داعش" ويجمعها مع الولايات المتحدة هدف مشترك هو الحد من قدرة إيران على إيقاع الفوضى في المنطقة، معتبراً أن "مصير الرئيس بشار الأسد يقرره الشعب السوري على المدى البعيد".

«درع الفرات»

واستبق مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان وصول تيلرسون، بإعلان مفاجئ ليل الأربعاء- الخميس عن انتهاء حملة "درع الفرات" في شمال سورية، مؤكداً أنها "تكللت بالنجاح" وتمكنت من تطهير مساحات واسعة من تنظيم "داعش".

ولاحقاً، أكد يلدريم انتهاء العملية غير المسبوقة، التي أطلقتها تركيا فجر يوم 24 أغسطس الماضي لتطهير حدودها الجنوبية من "داعش" والقوات ذات الغالبية الكردية، لكنه لم يستبعد شن حملات عسكرية جديدة داخل سورية، موضحاً أن العمليات القادمة ضد أي تهديد لأمن تركيا سيكون تحت اسم آخر.

وفي إطار هذه العملية، تمكنت فصائل "الجيش السوري الحر" من السيطرة على مدن عدة بينها جرابلس والراعي ودابق وأخيراً مدينة الباب، حيث تكبد الجيش التركي خسائر فادحة.

في غضون ذلك، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة أمس تجاوز عدد اللاجئين الفارين من النزاع خمسة ملايين شخص، ليس بينهم مئات الآلاف دخلوا أوروبا ولم يمنحوا وضع لاجئين، داعية المجموعة الدولية لبذل جهود إضافية لمساعدتهم.

ومع دخول الحملة الروسية شهرها الثامن عشر، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس مقتل 5013 مدنياً بينهم أكثر من 1900 طفل وامرأة في ضربات سلاح الجو الروسي، من إجمالي 11612، تتوزع بقيتهم على فصائل المعارضة المختلفة وجبهة "فتح الشام" و"داعش".

غازات سامة

ميدانياً، استهدفت قوات النظام أمس مدينة اللطامنة في ريف حماة الشمالي بقنابل تحوي غازاتٍ سامة، مخلفةً عشرات حالات الاختناق، فيما تبادلت كتائب المعارضة معها السيطرة على بعض النقاط في جبهات القتال، حيث دخلت الأولى وميليشياتها قرية أرزة الموالية غرب بلدة قمحانة وانتزعت هيئة "تحرير الشام" استعادة النقطة 50، شمال غرب البلدة ذاتها.

وبعد هجوم دمشق الاسبوع الماضي، استهدفت قوات النظام حيي القابون وتشرين بقذائف قالت المعارضة إنها تحوي غاز الكلور السام، كما شنت غارات جوية وقصفت بعشرات الصواريخ جوبر والقابون وبرزة وبساتينها.

وفي ظل احتدام القتال، يعيش سكان دمشق في جحيم أمني مع انتشار الحواجز الطيارة والثابتة، إضافة للاعتقالات والسوق إلى الخدمة الاحتياطية.

استخبارات العراق

وفي دير الزور والبوكمال، استهدف الطيران السوري موقعاً كبيراً لقيادات بارزة من "الانغماسيين والانتحاريين والاقتحامييين" التابعين لتنظيم "داعش" كانت تخطط لشن هجمات كبيرة على مقرات حكومية، استناداً لمعلومات قدمتها وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية العراقية. وفي وقت سابق، استعادت قوات النظام بلدة دير حافر الصغيرة شرقي مدينة حلب في إطار عملياتها لتشديد قبضتها على المنطقة ودفع "داعش" للتراجع. وبحسب مصدر عسكري، فإنه تمت السيطرة أيضاً على 26 بلدة وقرية في محيطها، وأمنت 24 كم من الأوتوستراد الدولي حلب - الرقة، منذ بدء حملتها للسيطرة على المدينة.

وفي البادية السورية، أعلن "جيش أسود الشرقية" التابع لـ "الجيش الحر" طرد "داعش" من كامل ريفي دمشق والسويداء، مؤكداً نقل المعركة إلى منطقة المحسة وريف حمص لفك الحصار عن القلمون الشرقي.

سياسياً، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن المطالبة برحيل الأسد تقوض محاولات تحريك المفاوضات السورية وفصل المعارضة السورية المسلحة عن الإرهابيين، مؤكدة أن اشتراط وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت إيصال المساعدات إلى سورية برحيل رئيسها أمر غير معقول ويخالف كل القيم الإنسانية.

إلى ذلك، اعتبر وفد المعارضة السورية في جنيف أن خرق وقف النار وتهجير السوريين من بيوتهم هي حقيقة المحك والامتحان الرئيسي لروسيا كضامن رئيسي، موضحاً أنه اتفق مع نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف على ضرورة تعزيز الهدنة الهشة خلال لقاء على هامش محادثات جنيف.