وسط أجواء ارتياح رسمي وبرلماني، كشف مصدر مصري رفيع المستوى لـ"الجريدة"، أمس، كواليس اللقاء بين العاهل السعودي الملك سلمان، والرئيس عبدالفتاح السيسي، على هامش القمة العربية التي أقيمت في مدينة البحر الميت بالأردن، أمس الأول، إذ أكد أن اللقاء استمر 30 دقيقة، وأن الجانب المصري أكد أنه لا اتصالات مع طهران، وأنه لا يمكن أن تنحاز مصر لصالح إيران، على حساب دول الخليج.

المصدر، الذي رفض نشر اسمه، قال إن "اللقاء تناول تشكيل لجنة مصرية - سعودية، لإعداد ورقة عمل بشأن الأزمة السورية، والعمل على حلها سياسياً بعيداً عن خيار التدخل العسكري، وأن الرئيس السيسي أكد التزام مصر باستمرارها في تأمين باب المندب، فيما وعد العاهل السعودي باستمرار شركة أرامكو السعودية في تزويد القاهرة باحتياجاتها من مشتقات النفط، فضلاً على استئناف مباحثات لزيادة الاستثمارات السعودية في مصر".

Ad

وغداة اللقاء، أكد السفير السعودي أحمد قطان، أن زيارة السيسي للرياض في شهر أبريل المقبل "ستكون زيارة ميمونة بإذن الله"، وأشار في تصريحات له في القاهرة أمس، إلى أن "لقاء الملك بأخيه الرئيس السيسي كان مميزاً وسادته روح المحبة والأخوة، وأن الفترة المقبلة ستشهد ازدياد التعاون في كل المجالات بين البلدين الشقيقين".

أما أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، نورهان الشيخ، فقالت لـ"الجريدة": "اللقاء كان بمثابة تجديد للعلاقات بين البلدين بعد فترة من الفتور النسبي".

احتفاء وشراكة

برلمانياً، أبدى عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، ترحيبهم بلقاء السيسي وسلمان، واعتبروه أبرز مكتسبات القمة العربية، إذ شدد عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، السفير محمد العرابي، على أن لقاء السيسي وسلمان طال انتظاره، لأنه يحمل رسالة طمأنة لجميع الشعوب العربية، بشأن أكبر دولتين عربيتين على توافق تام لحل الأزمات التي تحيط بالمنطقة، وأضاف: "البرلمان المصري يرحب بمثل هذه الخطوة لأنها تصب في مصلحة البلدين والعالم العربي كله".

ولخص رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن"، عاطف ناصر، موقف النواب قائلاً: "لقاء السيسي مع العاهل السعودي، أهم مكتسبات القمة العربية، لأنه كان بمثابة رد عملي على الكثير من الأقاويل المنتشرة، وأنه أكد عمق العلاقات بين مصر والسعودية".

وفي إشارة إلى التحسن الفعلي في العلاقات بين البلدين، وقعت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، سحر نصر، أمس، مع ممثلي لجنة المنحة المصرية - السعودية، اتفاقاً لتأسيس شركة "مصر لريادة الأعمال والاستثمار"، بهدف الاستثمار المباشر وغير المباشر في الشركات الناشئة والصغيرة، بقيمة 451 مليون جنيه، لدعم النمو والتنمية الاقتصادية.

تفويض النادي

في الأثناء، لا تزال أصداء أزمة البرلمان والقضاة تتفاعل، إذ قال مصدر قضائي رفيع المستوى لـ"الجريدة"، إن "مجلس القضاء الأعلى فوض رئيس نادي القضاة، المستشار محمد عبدالمحسن، للقاء الرئيس السيسي، فور عودته من الأردن، لشرح موقف القضاة بوضوح وكشف أسباب رفضهم اقتراحات البرلمان لتعديل قانون السلطات القضائية"، خاصة أنهم حصلوا على وعد من مؤسسة الرئاسة بالتدخل لحل الأزمة بشكل يرضي القضاة.

الأزمة بين السلطتين التشريعية والقضائية، تفجرت قبل أيام، بعدما وافقت اللجنة التشريعية في البرلمان الاثنين الماضي، على مشروع قانون بتعديل قانون السلطة القضائية، يتضمن إلغاء مبدأ الأقدمية في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، على أن يكون لرئيس الجمهورية حق الاختيار من بين ثلاثة نواب لرئيس كل هيئة قضائية، ترشحهم المجالس العليا لتلك الهيئات.

سن المعاش

في الأثناء، أعلن القيادي بائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، النائب محمد أبوحامد، أنه سيتقدم الأسبوع المقبل، بمقترح لقانون لتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية، رقم 46 لسنة 1972، الخاص بالمادة 69، والتي تنص على مد سن التقاعد للقضاة إلى 70 عاماً، إذ يرغب أبو حامد في تقليصه إلى سن 65 عاماً، بحد أقصى، على أن يتم خفض السن لـ60 عاماً بعد 5 سنوات من تطبيق القانون.

أبو حامد أوضح أن ظاهرة مد السن لأعضاء الهيئات القضائية بدأت في نظام مبارك قبل ثورة 25 يناير 2011، للإبقاء على أشخاص بعينهم في مواقعهم لأهداف سياسية، وكان يتم المد حتى سن 70 عاماً.

انخفاض التضخم

في السياق، وبينما وصل معدل التضخم إلى مستوى غير مسبوق منذ عقود في مصر، قال وزير المالية عمرو الجارحي، أمس، إنه من المتوقع أن تشهد البلاد بداية انخفاض معدل التضخم أواخر العام الحالي، حيث أعلن الجارحي في وقت سابق أن معدل التضخم يصل إلى ذروته نهاية مارس الجاري، فيما أظهر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في تقرير له 9 مارس الجاري، ارتفاع معدل التضخم السنوي في فبراير ليبلغ 31.7 في المئة، وهو الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية، وسط أزمة خانقة تعصف باقتصاد أكبر دولة عربية سكاناً (نحو 100 مليون نسمة)، مع تراجع معدلات التنمية وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتراجع حاد في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية.

وفيما طرحت وزارة المالية المصرية، أمس، أذون خزانة بقيمة إجمالية بلغت 12.25 مليار جنيه، قالت الممثل المقيم للبنك الإفريقي للتنمية في مصر، ليلى المقدم، أمس، إن القاهرة ستتسلم شريحة ثانية من البنك، بقيمة 500 مليون دولار، مطلع الأسبوع المقبل، في إطار اتفاق مصر مع البنك الإفريقي على قرض بقيمة 1.5 مليار دولار، على ثلاث سنوات، بالتوازي مع قرض آخر بنفس القيمة من البنك الدولي.

من جانب آخر، قال مصدران في وزارة المالية المصرية، لوكالة "رويترز" إن الحكومة المصرية تدرس زيادة الدعم الموجه لبطاقات التموين نحو 29 بالمئة ليصل إلى 27 جنيها (1.5 دولار) شهريا في ميزانية السنة المالية المقبلة لتخفيف آثار برنامج الإصلاح على محدودي الدخل.