يشكل الانتقال من رئيس لمجلس الادارة الى رئاسة الولايات المتحدة عملية صعبة لدونالد ترامب، قطب الاعمال الذي كان مناهضا للنخب وتعهد اصلاح البلاد بشكل متهور لكن القضاء والكونغرس يلجمان سلطاته بموجب الدستور.

Ad

مني الرئيس الجديد بانتكاستين مدويتين حول اجرائين مهمين في بداية ولايته هما مرسوم الهجرة واصلاح نظام التأمين الصحي.

يذكر جون كاري الاستاذ في معهد دارتموث بان "رئيسنا ضعيف في الواقع"، بالمقارنة مع الرؤساء في فرنسا أو في أنظمة سياسية أخرى.

في الولايات المتحدة، لا يحق للحكومة فرض القوانين بالقوة. والكونغرس يقرر جدول أعماله بنفسه وحقوق المعارضة واسعة تقليديا في مجلس الشيوخ حيث لا بد من الحصول على غالبية موصوفة.

ويقول كاري لفرانس برس ان "سلطة الرئيس على النواب تتمثل خصوصا بمدى قدرته على الاقناع، وترامب أساء تماما استخدام قدرته في هذا الخصوص".

أما القضاء فيلجأ اليه المعارضة السياسيون بشكل منهجي للطعن في القرارات الرئاسية التي يعلق تطبيقها في بعض الاحيان.

لا يعتبر تدخل القضاء أمرا جديدا بالكامل. فقد كادت المحكمة العليا تعطل "العقد الجديد" سياسة التدخل التي دعا اليها الرئيس الاسبق فرانكلين روزفلت بعد الركود الكبير في ثلاثينات القرن الماضي. الا ان اقحام القضاء في العمل السياسي تكثف منذ سنوات.

وشدد خبير الدستور إيروين شيمرينسكي لفرانس برس "لا اتذكر رئيسا واحدا واجه هذا الكم من الطعون امام القضاء بهذه السرعة".

وتتم هذه الاجراءات في اجواء من الاستقطاب يدين ترامب خلالها قضاء "مسيسا" على حد تعبيره، يتعدى على صلاحياته الرئاسية.

تضاف الى هذه العوامل الهيكلية التي يواجهها كل الرؤساء الاميركيين، جوانب خاصة بترامب.

فهو الرئيس الاقل شعبية في التاريخ الحديث في مطلع ولايته مع نسبة تأييد اقل من 40%. وبينما تعاون الديموقراطيون مع الرئيس الشعبي رونالد ريغن في ثمانينات القرن الماضي، الا انهم لا يريدون فعلا التوصل الى تسوية مع الرئيس الحالي.

حتى نواب حزبه الجمهوري يتحدونه. فقد تمكنت مجموعة من المعارضين الجمهوريين الاسبوع الماضي من نسف مشروعه لاصلاح نظام "اوباماكير" للتأمين الصحي، مما ينذر ببدء تفكك الحزب.

كما ان اساليب رجل الاعمال المتسرعة وغير التقليدية اثارت بلبلة. وبعد ان تعهد "تجفيف المستنقع" وجد نفسه عالقا فيه ومحاطا بمسؤولين "من غير السياسيين" غير الملمين بطريقة سير المؤسسات الحكومية.

وعلق ديفيد رود استاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك "انها اسوأ بداية لولاية رئاسية اشهدها في حياتي".

لكن وبعد عشر اسابيع تماما على توليه مهامه، لا يزال الرئيس ال45 للولايات المتحدة يحتفظ بصلاحيات رئاسية يمكن ان تتيح له اذا احسن استخدامها، استعادة زمام الامور على صعيد المواجهة الوشيكة حول الموازنة مثلا.

فقد تعلم سلفاه جورج بوش وباراك اوباما كيفية الالتفاف حول الشلل الاداري للكونغرس. مع ان بعض اجراءاتهم فشل امام القضاء، لكن غيرها نجح.

وتابع كاري ان "ترامب ستكون امامه فرص عدة للعمل بشكل فعال من خلال استخدام المراسيم والتشريعات"، مشيرا الى ان الرئيس لم "يضيع الوقت" بعد فشل مشروعه حول النظام الصحي وانتقل على الفور لالغاء معايير البيئة التي حددها اوباما.

على صعيد القضاء، سيجد ترامب قريبا دعما في المحكمة العليا التي ستكون ذات غالبية محافظة بفضل تعيين القاضي نيل غورستش.

بما ان الرؤساء هم الذين يعينون القضاة الفدراليين، فان ترامب سيكون بوسعه مع الوقت تعديل اللون السياسي لسلك القضاء.

واوضح ايريك بوزنر الاستاذ في كلية القانون في جامعة شيكاغو لفرانس برس ان الامر سيتطلب "سنوات"، لكن "اذا شغل ولايتين رئاسيتين فسيتمكن من تعيين اقلية مهمة بين مجمل القضاة الفدراليين".

وبالنظر الى سن القضاة في محاكم الاستئناف، فان ترامب يمكن ان يعين بين ثلث ونصف هؤلاء مما سيترك بصمة كبيرة في النظام القضائي.