تمكن جيش الرئيس السوري بشار الأسد من السيطرة على 75 في المئة من المناطق، التي خسرها في محافظة حماة بعد عشرة أيام من المعارك العنيفة، إثر هجوم واسع للفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حققت خلاله تقدماً سريعاً وانتزاع مناطق واسعة.

ووفق مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن أمس، فإن قوات النظام أرسلت تعزيزات كبيرة الى ريف حماة الشمالي ساهمت في إعادة زمام المبادرة لها، إضافة إلى الدعم الجوي الروسي الكثيف المرافق للمعارك، موضحاً أنها استعادت السيطرة على 16 قرية وبلدة خسرتها.

Ad

ولم تبق مع الفصائل المقاتلة سوى خمس مناطق سيطرت عليها أخيراً، بينها بلدة صوران، التي كانت تعد أحد اهم خطوط الدفاع لقوات النظام بين محافظتي حماه وإدلب (شمال غرب).

ولمحافظة حماة أهمية كبيرة كونها محاذية لخمس محافظات أخرى، وهي تفصل بين محافظة إدلب، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، ومناطق سيطرة قوات النظام في غرب البلاد.

وإذ أفاد عن مقتل العشرات غالبيتهم من الفصائل، أشار المرصد إلى قصف جوي استهدف مناطق عدة في ريف حماة الشمالي أدى إلى إصابة نحو 50 شخصاً بحالات اختناق.

واتهم ائتلاف المعارضة قوات النظام باستخدام «غازات سامة» خلال القصف الجوي، ناقلاً عن أطباء في حماة أن «الأعراض، التي ظهرت على المصابين تمثلت بالزبد والحدقات الدبوسية وضيق النفس وحرقة العينين وارتخاء الأعصاب».

الطبقة والفرات

وعلى جبهة موازية، فرضت قوات سورية الديمقراطية (قسد) حصاراً كاملاً على مدينة الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة الغربي بعد سيطرتها صباح أمس على قرية الصفصاف الواقعة على بعد ستة كيلومترات شرق الطبقة.

وقال قائد عسكري، إن «تنظيم داعش انسحب باتجاه بلدة المنصورة ومزرعة الصفصاف» وبقي أمام عناصره «طريق موازٍ لنهر الفرات يمر من مزرعة الصفصاف وهو مرصود نارياً من قواتنا».

وكثفت طائرات التحالف الدولي قصفها على بلدات وقرى غرب مدينة الرقة، معقل «داعش» في سورية ، حيث قصفت كلاً من بلدة المنصورة وقرية هنيدة ومزرعة شرق مدينة الطبقة، كما قصفت تلك الطائرات مزرعة تشرين شمال سد الفرات، التي تسيطر عليها داعش.

وإثر فتح «قسد» بوابات قناة البليخ الواقعة على الجهة الشمالية من سد الفرات، نزحت عشرات العائلات من أهالي قرية السلحبية الشرقية بالريف الغربي لمدينة الرقة إلى المرتفعات والتلال المحاذية للمنطقة، بعدما غمرت المياه مساحات واسعة نتيجة ارتفاع منسوبها.

عملية تركية

إلى ذلك، أكد وزير الدفاع التركي فكري إيشيق أمس، أن بلاده ستطلق عملية عسكرية أخرى «بدون تردد وقت الضرورة» في سورية للقضاء على جميع التهديدات في حال تعرض أمنها للخطر، مؤكداً أن عملية «درع الفرات» انتهت بنجاح وتمكنت من تطهير أكثر من ألفي كيلومتر مربع من قبضة «داعش»، وقضت على «أحلام» حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «المتمثلة في الوصل بين كانتوناته».

وفي وقت سابق، أعلنت رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم» المشارك في «درع الفرات» مصطفى سيجري، أن الجيش الحر سيواصل المعركة، معتبراً أن «المنطقة دخلت في مرحلة جديدة تختلف عن المراحل السابقة، وأنها ستحقق نتائج إيجابية وتصب في الصالح العام للشعب السوري».

وأوضح سيجري أن «لتركيا توازنات دولية وإقليمية يجب مراعاتها، وكذلك لها أهداف قد أعلنتها سابقاً نرى أنها تحققت» بيد أنه أكد أن «الجيش الحر له أهداف تحرير كامل الأراضي السورية، ولن يكون هناك وقف للعمليات العسكرية».

على صعيد متصل، تستأنف اليوم عمليات إجلاء الدفعة الثالثة من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم من حي الوعر بحمص بموجب اتفاق بوساطة روسية.

وأوضحت شبكة «شام» الاخبارية أن عدد المهجرين في هذه الدفعة يترواح بين 1800 و2000 شخص بينهم 400 مقاتل.

الأسد وإيران

وفي تطور غير مسبوق، كشف رئيس الشؤون الاستراتيجية في معهد الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية مصطفى زهراني، أن بلاده «لا تملك استراتيجية خروج من الحرب في سورية»، متهماً الأسد بأنه «أدار ظهره لإيران».

وقال زهراني، في تصريح مساء أمس، «اعتقدنا أن الحرب ستكون لفترة قصيرة وأن العدو ضعيف، وأنه بإمكاننا إنهاء الأمر سريعاً»، لافتاً إلى أنه «يبدو أن لدى الروس استراتيجية خروج من هذه الحرب، فدورهم اقتصر على التغطية الجوية، وفي المقابل نحن نواجه أزمة في وضع استراتيجية الخروج من سورية».

تحول أميركي

وتزامن تصريح زهراني مع تحولات كبيرة في الموقف الأميركي من الأسد، فبعد أن فاجأ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو في أنقرة الجميع بأنّ «مصير الأسد، على المدى البعيد، يُقرّره الشعب السوري»، أعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، أمس الأول، أن واشنطن ستعمل مع دول مثل تركيا وروسيا سعياً للتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد للنزاع السوري بدلاً من التركيز على مصير الرئيس السوري.

وقالت هالي، لمجموعة من الصحافيين في نيويورك، «يختار المرء المعركة التي يريد خوضها. عندما ننظر إلى الوضع، يجب أن نغيّر أولوياتنا، وأولويّتنا لم تعد الجلوس هنا والتركيز على إخراج الأسد» من السلطة.

وعبّرت المعارضة السورية التي سيكون تعاونها ضرورياً لأي حل سياسي، عن استنكارها الشديد لهذا الموقف. وقال منذر ماخوس أحد المتحدثين باسم الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف: «لا يمكن أن تقبل المعارضة أي دور لبشار الأسد في أي مرحلة من المراحل المقبلة، وليس هناك أي تغيير في موقفنا».

بدوره، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت أنه يجب عدم التركيز على مصير الاسد للتوصل الى اتفاق سلام، مؤكداً أن سيطلب من تيلرسون "توضيحات" لبعض مواقف واشنطن حول الانتقال السياسي المطروح.

مفاوضات جنيف

ومن دون إحراز أي تقدم ملموس، ولا اتفاق على تمديدها، اختتمت أمس، الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف بلقاء المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا الوفود المشاركة. وفي مؤتمر صحافي، قال رئيس وفد هيئة المفاوضات نصر الحريري إنه «حتى هذه اللحظة لم نجد شريكاً حقيقياً يسعى للحل السياسي»، مؤكداً أن «هدفنا تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، وهي أساس الحل وبحثنا هذا الموضوع مع مبعوث الأمم المتحدة». وشدد الحريري على أن المعارضة «تعمل على تقديم المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في حق السوريين إلى العدالة»، مشيراً إلى أنها «تسعى من خلال مباحثات جنيف لوضع حد لممارسات النظام».