الفرضيات رجحت قيمة «أرامكو» بين 400 مليار وتريليوني دولار
خفض السعودية للضريبة رفعها إلى 1.3 تريليون
عندما اقترح عرض الاكتتاب الأولي لـ«أرامكو» علناً للمرة الأولى في يناير 2016، طرحت قيمة نظرية هي تريليونا دولار، وأصبح من المهم تبرير بلوغ رقم يقارب هذا المستوى. لكن المشكلة تكمن في أن هذا الرقم، الذي استند إلى مضاعف بسيط حول احتياطي الشركة قد تجاهل عاملين هما: معدلات ضريبة «أرامكو» العالية والمدى الزمني المتوقع لإنتاج ذلك الاحتياطي.
تعديل نظام ضريبي مستقر منذ سبعينيات القرن الماضي ليس أمراً ميسوراً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بما يمكن اعتباره أعلى شركات العالم قيمة. وينطوي الإعلان، الذي صدر عن السعودية الأسبوع الماضي عن خفض معدل الضريبة على شركات النفط الكبرى من 85 في المئة إلى 50 في المئة على أهمية بالغة بالنسبة إلى مصيرعرض الاكتتاب الأولي المتعلق بشركة "أرامكو" الحكومية العملاقة. لكن هل يكفي ذلك لجسر الفجوة بين التطلع إلى قيمة تصل إلى تريليوني دولار وبين تقديرات مستقلة تبلغ 400 مليار دولار؟
عندما اقترح عرض الاكتتاب الأولي علناً للمرة الأولى في شهر يناير 2016، طرحت قيمة نظرية هي تريليونا دولار، وأصبح من المهم تبرير بلوغ رقم يقرب هذا المستوى. لكن المشكلة تكمن في أن هذا الرقم، الذي استند إلى مضاعف بسيط حول احتياطي الشركة قد تجاهل عاملين هما: معدلات ضريبة "أرامكو" العالية والمدى الزمني المتوقع لإنتاج ذلك الاحتياطي.كان معدل الضريبة الأصلي قد تحدد في سبعينيات القرن الماضي عندما كانت "أرامكو" عبارة عن كونسورتيوم يضم كبرى الشركات النفطية الأميركية: اكسون وموبيل وشيفرون وتكساكو. ثم اكتمل التأميم في سنة 1982 وتدفع الشركة أيضاً ضريبة على إجمالي الدخل تصل إلى 20 في المئة، التي يبدو أنها لم تتأثر بالإصلاح الأخير.وهذا التغير في الضريبة هو أشبه ما يكون بخدعة حسابية. فمع تحقيق أكثر من 80 في المئة من عوائد الحكومة عن طريق إنتاج شركة "أرامكو" فإن كمية الأموال المتدفقة من "أرامكو" يجب أن تستمر. وبدلاً من دفع معظم أرباحها إلى الدولة عبر الضرائب سوف تدفعها على شكل أرباح موزعة. وكان لهذا تأثيره الجيد على ارتباط أفضل بين مصالح الدولة والمستثمرين الخاصين في المستقبل. وبدلاً من مضاعف الاحتياطي سوف يتطلع المستثمرون الخاصون إلى قيمة "أرامكو" وفقاً للتدفق النقدي الحر الذي تولده. وعلى هذا الأساس قيل إن شركة الاسشارات وود ماكينزي قد قدرت قيمة أعمال "أرامكو" الأساسية عند 400 مليار دولار مستخدمة معدلات خصم قياسية سنوية بنسبة 10 في المئة. وتشير تقديراتنا الى مستوى مماثل مع توقع زيادة معتدلة في أسعار النفط فوق المستويات الحالية. ويفترض هذا بيع كل نفط "أرامكو" عند أسعار الأسواق العالمية. ومن بين إنتاجها اليومي البالغ 12 مليون برميل من النفط والغاز الطبيعي المسال يتم استهلاك حوالي 4 ملايين محلياً، حيث على الرغم من إصلاح نظام الدعم في سنة 2015 لا يزال البنزين يباع عند حوالي 32 دولاراً للبرميل. ومع أن أسعار الغاز الطبيعي قد تضاعفت إلى 1.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فقد ظلت دون 2.84 دولار في الولايات المتحدة، وتقل بقدر أكبرعن أسعار أوروبا أو اليابان. والسؤال هو كيف تجسر السعودية فجوة التقييم؟ يمكن ببساطة رؤية أن خفض معدل الضريبة من 85 في المئة إلى 50 في المئة سوف يزيد القيمة المبدئية من 400 مليار دولار إلى 1.333 تريليون دولار، وقد تضيف زيادة معتدلة في أسعار الغاز الطبيعي المحلية 100 مليار أخرى. وقد يساوي التكرير والبتروكيماويات وأصول الشحن وصافي الدين حوالي 60 مليار دولار، لكن أداءها التشغيلي لم يكن متميزاً.وربما يقرب هذا "أرامكو" بما يكفي من رقمها الأصلي لإعلان انتصار، لكن ذلك ينطوي على افتراض أن المستثمرين لا ينظرون إلى الجوانب السلبية المتصلة بعوامل أخرى مثل الجرعة السياسية العالية في الإدارة وضعف الشفافية واحتمال التباين بين أهداف الحكومة والمستثمرين. وقد تطرح "أرامكو" أنشطتها غير الأساسية، لكنها سوف تواصل مهامها الوطنية، بما في ذلك التزام المملكة بسياسة "أوبك". ومن جهة أخرى، قد يدفع المستثمرون الاستراتيجيون مثل الشركات الحكومية الصينية قسطاً من أجل التمكن من الوصول.وقد تقيد نمو "أرامكو" بحيث غدت معضلتها الأساسية متصلة بوجودها في السعودية، فهي لا تستطيع زيادة الإنتاج بسرعة على الرغم من احتياطياتها الضخمة نظراً إلى أن ذلك سوف يحطم سعر النفط. وكما أظهر اتفاق أوبك الحالي، فإن خفض الإنتاج يحسن الأسعار بصورة معتدلة فقط فيما يتم التخلي عن حصة السوق إلى منتجين خارج أوبك مثل روسيا وشركات إنتاج الزيت الصخري في الولايات المتحدة.وقيل الكثير عن احتياطي الشركة من النفط البالغ 261 مليار برميل والتدقيق، الذي أجرته ومتطلبات الإفصاح عن مبادلات الأسهم المختلفة. وكما لوحظ كان مضاعف احتياطياتها هو أساس التقدير الأصلي لقيمة الشركة عند تريليوني دولار. والسؤال هو ما تأثير الاحتياطي على تقييمها؟ الجواب قد يكون مفاجئاً: لا شيء على الإطلاق. ويرجع هذا إلى أنه ما لم تكن احتياطيات "أرامكو" أقل كثيراً من الرقم المعلن، فإنها تستطيع الإبقاء على مستويات الإنتاج الحالية لعقود طويلة. حتى إن كانت احتياطياتها نصف الحجم الرسمي المعلن، فإن عمر الاحتياطي النظري – الاحتياطيات مقسومة على متوسط الإنتاج السنوي – سوف يصل إلى 34 سنة. وهذا أفضل من الـ 14.1 سنة بالنسبة لاحتياطيات كبرى شركات النفط العالمية.