هذه رسالة من السلطة الفلسطينية: «اتبعوا خطى يسوع واستمتعوا بأكل قليل من الحمص وورق العنب المحشو ونتوسل إليكم أن تمضوا ليلتكم هنا. وإن أشحتم ببصركم بعيداً فلن تلحظوا أبراج المراقبة أوالأسلاك الشائكة أو الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح».تقوم الحكومة الفلسطينية بحملة من أجل اجتذاب سياح إلى بيت لحم وأريحا والخليل وغيرها من المواقع الدينية التاريخية – ومضت إلى حد وصف يسوع بأنه «الفلسطيني الأول».
وبينما ازدادت السياحة إلى إسرائيل بصورة ثابتة في السنوات الأخيرة، فإن الأراضي الخاضعة للفلسطينيين– التي تشمل العديد من المواقع التوراتية الرئيسية شهدت إقبالاً محدوداً بسبب تشديد إسرائيل قبضتها العسكرية على الضفة الغربية. ومن المؤكد أن الزيارات تزداد سنوياً إلى بيت لحم في عيد الميلاد. لكن حتى في هذه الحالة، فإن معظم الزوار يأتون في رحلات نهارية لرؤية ساحة وكنيسة المهد وينفقون القليل من الوقت – أو المال. والجواهر الأثرية مثل النفق المائي، الذي يدعى خربة بلعمه قرب جنين لا تشهد حركة واسعة. كما أن متحف ياسر عرفات الجديد شهد في أحد الأيام زيارة ثلاثة سياح فقط. وعلى الرغم من أن التوترات السياسية تجعل من الصعب اجتذاب السياح، فإن عضو اللجنة التنفيذية في حركة «فتح» صائب عريقات يتوقع إنشاء منتجعات على البحر الميت ومضماراً للدراجات عبر وادي الأردن وتدفق المسيحيين على بيت لحم طوال السنة، ويقول «إذا حصلنا على دولة مستقلة فسوف يكون ذلك رائعاً».وتعافت السياحة في الأراضي الفلسطينية بصورة طفيفة عام 2016 وارتفعت من 2.2 مليون سائح في 2015 إلى 2.4 مليون، لكنها كانت أقل من العدد الذي بلغ 2.5 مليون في سنة 2014. لكن قلة فقط تبقى لتمضية الليل، وقد سجلت الفنادق الفلسطينية إقامة 906 آلاف زائر أجنبي في 2016 منخفضة عن 1.1 مليون في 2014. وعلى العكس من ذلك، شهدت فنادق إسرائيل إقامة 8.5 ملايين زائر أجنبي في السنة الماضية. وفيما تظهر الأرقام الحكومية حصول إسرائيل على أكثر من 6 مليارات دولار من السياحة في السنة الماضية، فقد سجلت الأراضي الفلسطينية أقل من 1.1 مليار دولار عام 2014 بحسب أحدث المعلومات المتوافرة.وبالمثل، فإن المشكلة بالنسبة للفلسطينيين تكمن في قدوم الأكثرية الساحقة من الزوار عبر إسرائيل، وبذلك تحصل شركات السياحة الإسرائيلية على فرصة تقديم الخدمات الأولى لهم. وأصدرت منظمة التحرير الفلسطينية تقريراً السنة الماضية حول «ضم السياحة» يتهم الإسرائيليين بإعادة تسمية بعض المواقع الأكثر شهرة في الضفة الغربية على أنها في «الأراضي المقدسة» بغية إخفاء هويتها الفلسطينية.ولا يجادل يوسي فاتائيل هو رئيس جمعية شركات السياحة الإسرائيلية كثيراً في هذه الشكوى. وهو يقول، إن المناطق الفلسطينية تشكل «امتداداً لمنتجاتنا».وتصطدم الطموحات الفلسطينية بصورة مباشرة بكابوس البنية التحتية – وفيما توجد في القدس والمدن المحيطة الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية طرقات ومطاعم وفنادق من مستويات أوروبية تتوسع الفجوة وراء الجدران والأسيجة في الضفة الغربية وتعاني أماكن الإقامة. ويفاخر فندق قصر جسير في بيت لحم، وهو الوحيد من فئة خمس نجوم في المنطقة بردهته الفاخرة في السكن، الذي يعود إلى قرن من الزمن لرئيس البلدية السابق، لكن الطلاء غدا باهتاً، كما أن السجاد ممزق وأجهزة التدفئة لا تعمل دائماً. وفيما توجد في مدينة القدس القديمة شبكة كثيفة من الطرقات الضيقة والتاريخية، مثل الجدار الغربي وكنيسة الضريح المقدس، فإن لدى بيت لحم القليل لتقديمه للسياح. وساحة المهد عبارة عن ساحة جرداء محاطة بمتاجر لبيع التذكارات الخشبية لمريم العذراء والطفل (الابن) والصناديق المرصعة باللؤلؤ وقمصان «تي شيرت» كتب عليها «أنا أحب فلسطين». ووراء الساحة، يمكن استكشاف البلدة القديمة الصغيرة خلال ساعة أو ساعتين وهي تغلق عند غروب الشمس. ويسود «إحساس غريب بالقمع» في المدينة بحسب ماري ستاركي البريطانية بعد مرورها عبر نقطة تفتيش إسرائيلية.قد تكون وجهة نظر ستاركي نابعة من مكان إقامتها في فندق «وولد أوف» الذي يعلن عن مناظر من الأرضية إلى السقف لكونكريت يعج بالصور. وهذا الفندق الذي افتتحه حديثاً فنان الشارع في لندن بانكسي من ثلاثة أدوار يرتفع عبر زقاق ضيق من جدار بارتفاع 26 قدماً يقسم معظم الضفة الغربية عن مناطق يقطنها اليهود. ويقول مدير الفندق وسام سالسا « نحن نأمل أن نثير الوعي الدولي إزاء بشاعة هذا الجدار وبذلك نسهم في تحقيق السلام».وقامت إسرائيل بعمل أفضل في تحسين السياحة في منطقة نزاع. وعززت تل أبيب وجهة تحفل بشوارع تغص بالمقاهي وركوب الأمواج على شواطئها. ويوجد عدد متزايد من المشاريع السياحية الاقتصادية في الصحراء الجنوبية والمقاصف في الجليل، كما أن زوار القدس لا يواجهون اجراءات أمنية مثل الحراس المسلحين، الذين يقيدون الدخول إلى قبة الصخرة أو الجنود الإسرائيليين خارج الدوام الرسمي وهم يطوفون الشوارع بأسلحتهم. ويقول ليوناردو غوفرناتوري، وهو مهندس إيطالي في الأربعين من العمر يزور بيت لحم « كانت لدي مشاعر مختلطة عندما مررت عبر نقاط التفتيش. ولكنها تجربة لمعرفة كيف يعيش الناس هنا».وخلاصة القول: فيما تحسنت السياحة في إسرائيل في الآونة الأخيرة، لم تحقق الضفة الغربية الكثير من الفائدة، وتهدف السلطة الفلسطينية إلى تغيير ذلك الوضع.
اقتصاد
جهود حثيثة لإنعاش السياحة الفلسطينية... 2.4 مليون سائح في 2016
31-03-2017