اجتمع أواخر فبراير الماضي، نحو 200 من التنفيذيين والمبرمجين والمطورين في مكتب بنك «جي بي مورغان تشيس» في بروكلين للاستماع إلى أفكار تتعلق بمجموعة جديدة في قطاع الأعمال تدعى تحالف لإنتربرايز إيثيريوم Enterprise Ethereum Alliance. إيثيريوم؟ إنها أشبه بتقنية قاعدة البيانات، التي مكنت من إيجاد العملة الرقمية البيتكوين. مخترع هذه التقنية فيتاليك بوتيرين Vitalik Buterin كان قد طرح برنامجه في سنة 2015 بعد وقت قصير من تركه للدراسة في جامعة واترلو الكندية، وبعد أقل من عامين أصبحت جي بي مورغان وبي بي ومايكروسوفت وآي.بي.ام وآي.إن.جي من بين الشركات في المجموعة التي تختبر هذه التقنية.

لم يحضر بوتيرين اجتماع تحالف انتربرايز ايثيريوم، لكنه قدم رسالة عبر مقطع مصور. إلا أن التحالف لم يتمكن من الحصول على شريط الفيديو لتشغيله لأن الحاسوب المسجل عليه تعرض للتلف.

Ad

وكان وجه بوتيرين قد شوهد على الشاشة، لكنه اختفى بعد ذلك، وبعد جهد من جانب الطاقم الفني استمر نحو 30 دقيقة أعيد تشغيل الفيديو.

إنها لفتة ذكية لتقنية واعدة، لكنها عانت العديد من الانتكاسات منذ بدايتها. في السنة الماضية سرق قراصنة ما يعادل 60 مليون دولار من الأثير وهي عملة رقمية مرتبطة بالايثيريوم. وكانت عملية السرقة لافتة بصورة كبيرة – وذلك بسبب القرصنة.

لكنها لم تضعف على الرغم من ذلك، ويرجع السبب إلى أنها وبخلاف البيتكوين ليست عملة فقط بل إن دعاتها يعتقدون أنها قد تصبح تقنية يمكن الوصول اليها عالمياً من أجل القيام بأنشطة الأعمال.

ويقول ايمين غن سايرر وهو بروفسور زميل في علوم الحاسوب في جامعة كورنل « يوفر ايثيريوم طريقة جديدة للحاسوب للتفاعل مع العالم الحقيقي، وكيفية انتقال الأموال، وهو أداة هائلة تغير من قواعد اللعبة ولم نتمكن بعد من اكتشاف كل قدراتها».

وبغية فهم الجوانب المتعلقة بالإثارة هنا، عليك البدء في بيتكوين لأنه من دونها لا توجد قاعدة بيانات. وكانت محاولات سابقة لخلق أموال رقمية يمكن إرسالها بسهولة مثل البريد الإالكتروني قد تعرضت إلى متاعب. كيف تضمن أن يكون كل دولار فريداً بحيث لا يستطيع المرسل إنفاق المبالغ النقدية أكثر من مرة؟ وبالنسبة إلى بيتكوين تم حل هذه المشكلة عن طريق قاعدة بيانات، وهي ببساطة دفتر سجل ledger book يتم توزيعه على الحواسيب حول العالم، وهو يرصد ويتحقق من كل استخدام للبيتكوين.

وبغية إعطاء الناس الحافز للمحافظة على قاعدة البيانات على أجهزتهم فهو يقدم عدداً من البيتكوين الجديدة إلى أول حاسوب بغية التحقق من العملية.

وهو مثل نظام مصرفي ذاتي الإدارة – لكن استخدامه الرئيسي يتمثل في ترك الناس يحركون المال من نقطة إلى نقطة أخرى.

وكما الحال مع بيتكوين تشكل عملة الأثير إغراءً لدفع الناس إلى إعطاء النظام قوة حوسبة، وسوف يحتاج أي شخص إلى ذلك من أجل المشاركة في تعاقد.

كما أن عليه أن يفكر في ايثيريوم على شكل طريقة لتحقيق اتفاقيات وأتمتة تنفيذ وكل ذلك على شبكة موزعة من الحواسيب. وبمجرد أن تتمكن من وضع عقود – وهي في الأساس مجرد إجراءات تشغيل – سوف تستطيع استخدامها لإدارة أي نوع من من المشاريع أو الأعمال بشكل تقريبي.

وعلى سبيل المثال، تختبر جون هانكوك فايننشال نسخة محددة من ايثيريوم لرصد التقيد بأنظمة اعرف عميلك ومكافحة غسل الأموال في وحدتها من إدارة الثروات.

وتريد عملاقة صناعة الطيران آيرباص أن تعرف إذا كان بالإمكان نقل إدارتها في سلسلة إدارة الإمداد إلى قاعدة بيانات.

ومثل ديفيد هاسلهوف يتمتع ايثيريوم بشعبية في ألمانيا: وتقوم منتجة الطاقة آر دبليو اي وبنك فيدور أون لاين بتحري طرق لتضمين ذلك في شركتيهما.

لقد أظهرت سرقة سنة 2016 أنه على الرغم من أن ايثيريوم قد يكون قوياً فهو لا يزال جديداً وعرضة لحوادث مؤسفة. وكان أحد أول الأشياء التي استخدم الناس الاثير فيها هو الاستثمار في نوع من صناديق رسملة المشاريع اللامركزية بني عبر عقد ايثيريوم ذكي.

ويستطيع المستثمرون التصويت على كيفية استخدام أثير الصندوق وقد عثر قراصنة على ثغرة في العقد أرغمت الصندوق على تحويل الأثير اليهم.

وبعد الكثير من الرعب حدث تصويت في مجتمع الايثيريوم حظي بدعم من بوتيرين لحذف تاريخ بعض العمليات من قاعدة البيانات بحيث بدا وكأن السرقة لم تحدث مطلقاً.

وقد أغضبت فكرة العبث بدفتر السجل دعاة قاعدة البيانات وشرعوا بدعم صيغة بديلة من الايثيريوم أطلقوا عليها اسم الايثيريوم الكلاسيكي.

وقال بوتيرين: «بصورة عامة يوافق مجتمع ايثيريوم على الفكرة القائلة إنه ليس علينا القيام بالأشياء بالطريقة، التي تمت بها تماماً في مجتمعات التشفير الأخرى. وأنا لم أصنع الإيثيريوم لتمكين قراصنة من الإفلات بستين مليون دولار».

وهذه هي مادة النقاش في منتديات «ريديت» لكنها قد لا تنطوي على أهمية بالنسبة إلى مستخدمي الشركات، لأن العديد منهم لا يريد العمل على قاعدة بيانات إيثيريوم العامة على أي حال.

وقد طرح «جي بي مورغان» نسخة من الايثيريوم تعرف باسم «كيوروم». وفي وسع المطورين حول العالم استخدامها، لكن الشركات المدعوة إلى المشاركة فقط سوف تتمكن من تسجيل عمليات وعقود عليها. وهذا ينسحب على قاعدة بيانات شركة آيرباص.

قواعد البيانات هذه سوف تعمل تبعاً للنسخة الرئيسية من ايثيريوم، التي يستطيع أي شخص استخدامها. ويقول جو ليوبن وهو مؤسس شركة كونسن سيس في بروكلين، التي تطور تطبيقات قاعدة بيانات في معرض حديثه عن الايثيريوم: «قمنا بإنشاء حاسوب عالمي لا يمكن وقفه ولا مراقبته «.

ولا يزال أندرو كيز، وهو رئيس تطوير أعمال عالمية للشركة يرى أن هذه التقنية تشكل أداة أساس لفصل وسطاء من كل الأنواع – من شركات المحاماة إلى شبكات التواصل الاجتماعي أون لاين.

هويتنا الرقمية موجودة على فيسبوك ويتم الدفع إلى مارك – في إشارة إلى مارك زوكربيرغ الشريك المؤسس لشركة فيسبوك. وبدلاً من احتضانهم، لذلك سوف تكون لدينا هوية ذاتية ذات عمليات منافسة.

وبكلمات أخرى، فإنه بدلاً من الاعتماد على فيسبوك لمراقبة من يستطيع أو لا يستطيع رؤية صور أفراد عائلاتهم، يمكن للناس أن يضعوا هم شروط وقواعد شخصية خاصة بحساباتهم.

لا يزال ايثيريوم بعيداً عن ذلك النوع من النجاح في أشكاله العامة أو الخاصة. وتحتاج النسخة العامة إلى تحديث بارز كي تتمكن من معالجة حجم العمليات على الإنترنت اليوم.

وعلى مستوى قطاع الأعمال ينبغي إقناع الشركات بأن أسرارها التجارية ستكون في مأمن عبر استخدامها لدفتر السجل، الذي تتشاطره مع شركات أخرى.

ويتعين عليها في الوقت ذاته إبقاء التقنية مكشوفة بما يكفي بحيث يستطيع أي شخص وضع أفكاره في النظام البيئي للايثيريوم نفسه.