كيف ولجت عالم قصص الأطفال؟

بدأ مشواري في الكتابة للأطفال منذ عام 2009، حينَ كان ابن خالي يعاني من ضعف في قراءة حروف اللّغة العربيّة وكنتُ في تلك الفترة أسانده في اللّغة، ففكّرتُ في أن أكتب قصَّة له تُعبِّرُ عنهُ وعن اهتماماته وأسميتها «زياد والمعكرونة»، إذ أنَّ «المعكرونة» كانت طعامه المفضَّل، علَّها تكون نقطة تشجيع له. وكانت تلك تجربتي الأولى في عالم قصص الأطفال. وبعد ذلك، وبما أنَّني معلّمة لغة عربيّة للأطفال، راودتني فكرة الكتابة لهم على أحد المواقع الإلكترونيّة الَّتي تعنى بالأطفال، ونشرت العديد من القصص الَّتي تعبِّرُ عن تلاميذي واهتماماتهم، ليقرأوها ، فوجدتهم مهتمّين كثيراً بالأمر ممّا شجعني أكثر فأكثر.

Ad

هل للكتابة لعالم الطفل اليوم معايير تختلف عما كانت عليه قبل ثورة الاتصالات والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؟

على الرّغم من أنَّ ثورة الإنترنت ومواقع التّواصل الاجتماعيّ قد اجتاحت عالمنا، إلاّ أنَّني ما زلت ألحظ الاهتمام الكبير الَّذي يكنّه الطّفل العربيّ بالكتاب وبخاصَّة ذلك الكتاب الجذاب من حيثُ الصور والألوان، يحبّ الطفل أن يحمله بين يديه ويقلّب صفحاته، كما أنَّه يهتم بالاحتفاظ به في غرفته أو حتّى إلى جانب سريره ليطلع عليه قبل النَّوم . ويعود الدّور في رفع مستوى الكتاب وأهمّيّته بالنّسبة إلى الطّفل إلى المربّين والأهل طبعاً.

خيال وحلم

من أين تستقين مواضيع القصص؟

عالم الأطفال واسع جدّاً، وكلَّما اقتربتُ منهم أكثر وتعمّقتُ في تفكيرهم واختبرتُ تساؤلاتهم، زادَ اهتمامي بالكتابة لهم، إن من حيثُ توصيل رسالة معيَّنة في قالبٍ طريفٍ قريب منهم أو من حيثُ إلقاء الضَّوء على بعض المواضيع العلميَّة والاجتماعيّة الَّتي يحتاج الطّفل إلى معرفتها.

هل ما زال للخيال والحلم مكان في قصص الأطفال؟

قد يكون للخيال والحلم مكان في قصص الأطفال إلاَّ أنهما يجب أن ينصبَّا من أجل أهداف معيَّنة أو توصيل رسالة هادفة، وقد يكون الخيال من الأسس الضَّروريَّة في تأليف قصص الأطفال، وبخاصَّة الفئة العمريَّة ما دون السَّادسة، لأنَّهم يتشوّقون لسماع قصص خياليّة على ألسنة الأشياء والحيوانات.

كيف تقيمين واقع أدب الأطفال اليوم؟

ثمة نهضة أدبيّة في عالم الطّفل اليوم، فدور النّشر والتّوزيع باتت تتوسَّع في نشر قصص الأطفال، لا بل تتسابق في إصدارها ونشرها ممّا ينعكس إيجاباً على تطوّر أدب الطّفل وتوسّعه. كذلك ساهمت الانترنت ومواقع التَّواصل الاجتماعيّ كثيراً في نشر كمّ من قصص الأطفال لكتَّاب متميّزين من مختلف الدُّول العربيَّة، ممَّا سمح بانتشار كتاباتهم على صعيد العالم العربيّ.

عبور وطفولة

لماذا اخترت قصيدة النثر وسيلة تعبير لك؟

بما أنَّني مؤلّفة قصص أطفال، اعتدتُ على إيصال الفكرة واضحة وبسيطة من دون غموض أو قيود تحدّها، ممّا انعكس على كتاباتي الشّعريّة، ووجدتني أكتب قصيدة النّثر الَّتي تحرّرني من قيود الوزن والقافية وتجعل من شعري أقرب إلى نصٍّ نثريٍّ سهل المفردات، سلس الأسلوب وواضح المعاني.

تعزفين في شعرك على وتر القلب والعاطفة، فهل هو عبور إلى الفرح والحياة كما تحلمين بها؟

القلب والعاطفة عنصران باتا شبه منقرضين في العصر الّذي نعيش فيه، فنمط الحياة السريع الَّذي نعيشه يجبر الكثير منَّا على التَّخلّي عن هذين العنصرين المهمّين. ولأنَّ الشّعر إحساس نابع من القلب والعاطفة، فلا بدَّ لهما من أداء الدَّور الأساسيّ من خلال التّعبير عن الذّات والعبور إلى الفرح والحياة كما يحلم بها أيّ إنسانٍ عاطفيٍّ حسّاس.

هل الشعر بالنسبة اليك هروب من واقع يكاد يخلو للأسف من كل معاني الإنسانية؟

صحيح أنَّ الواقع يكاد يخلو من كلّ معاني الإنسانيَّة، وصحيح أنَّنا نعيشُ في عالم بات ماديّاً أكثر منه معنويّاً، إلاَّ أنَّني ومن خلال كتاباتي البسيطة المتواضعة، أحاول أن أنقل صورة مغايرة عن الحياة، صورة متميّزة تحمل كلّ معاني الإنسانيّة، أمحو من خلالها كلّ البغض والكراهية والحقد والأنانية، وأتغنَّى بالصّفات الحميدة. قد يكون ذلك هروباً من الواقع المادّيّ الأليم، ولكن، ما أجمله من هروب!

هل الطفل اليوم بات متطلباً أكثر من الطفل بالأمس؟

الحياة الَّتي يعيشها الأطفال اليوم تختلف عن الحياة الّتي كنَّا نعيشها في السَّابق، فالتّطوّر الحاصل اجتماعياً وعلميّاً وتكنولوجيّاً جعل متطلّبات الحياة عديدة ومتنوّعة. ولا يمكن نأي الأطفال عن التّطوّر النّاتج لأنّنا بذلك ننتزعهم من عالمهم الّذي يعيشون فيه. وقد يخفّف ذلك من اهتمام الطّفل بالقصّة أو الكتاب، إلاَّ أنَّني أناشد الأهل والمربّين بأهميّة تنظيم الوقت لأبنائهم وتخصيص بضع دقائق في اليوم لتطوير القراءة لديهم.

إلى أي مدى تركزين في كتب الأطفال على إعطاء عبرة وأمثولة من خلال القصة؟

هدفي الأول والأخير من كتاباتي للأطفال هو الوصول إلى عبرة في نهاية القصّة يستفيد منها القارئ الصَّغير، وبخاصَّة أنَّنا نعيش في عصرٍ قليلاً ما نجد فيه العائلة مجتمعة، وبالتّالي لا يحصل الطّفل العصريّ على النَّصائح الكافية من والديه، فلمَ لا يستفيد من القصَّة ويخرج منها بعبرة مفيدة؟

تكتبين شعراً للأطفال أيضاً، ما هي مقومات شعر الأطفال؟

لشعر الأطفال مقوّمات تختلف عن شعر الكبار تماماً، فأوّلا على الشَّاعر الّذي يكتب للطّفل أن يحمل قلب طفل، يعيش براءته، ويتغنَّى بصفاته العفويَّة، كما أنَّ شعر الطّفل يتميَّز بمفرداته السَّهلة البسيطة، وأوزانه القصيرة، وقافيته البسيطة، وجمله السّلسة، وموضوعاته الشّيّقة الَّتي تعبّر عن أحلام الأطفال وطموحاتهم.

متى تكتبين الشعر عموماً؟

أكتب الشّعر عندما أشعر بذلك العطش الشّديد للكتابة، فأشعر بالكلمات تنساب من فكري وقلبي لتصبَّ من خلال قلمي على تلك الصفحة الجديدة المنتظرة. قد يمرّ وقت طويل لا أشعر فيه بذلك العطش، إلا أنَّه يأتي فجأة من دون أيّ إنذار، فعلى القلم والدفتر أن يكونا مستعدّين تمام الاستعداد وإلاَّ خرجت الفكرة ولم تعد.

ما الجديد الذي تعملين عليه اليوم؟

كتاباتي للطّفل لن تتوقّف وحاليّاً أنا في صدد تحضير عدد من القصص الهادفة الَّتي تزوّد مكتبة الطّفل ثقافيّاً وعلميّاً واجتماعيّاً. كما أنَّني أكتب لمجلَّة نسيم الالكترونيَّة الَّتي تعنى بالطّفل واهتماماته. فالطّفل كان ولا يزال وسيبقى اهتمامي الأوّل والأخير.

في النّهاية أودّ أن أشكرك جزيل الشّكر على هذا الحوار اللّطيف المتميّز، وأشكر جريدة «الجريدة « وموقعها الإخباريّ المنوّع الّذي يتناول الشّؤون العربيّة عامّة، لكم جزيل الشّكر والتّقدير.

علاقة وثيقة بالكتاب

حول علاقة الطفل بالكتاب اليوم قالت الأديبة روزيت عدوان: «قد يكون التّطوّر الحاصل في الحياة قد خفّف من اهتمام الطّفل بالقصّة والكتاب إلاَّ أنَّه لم يمحُ أهمّيّتها. والطّفل لا يزال يحبُّ الكتاب وينجذب إليه خاصَّة إذا عبَّر عن هواياته واهتماماته، فيكون صديقه الدَّائم والمواضيع الَّتي تشدّ الطّفل في الأغلب هي الَّتي تعبّر عن الواقع الّذي يعيشه».

حول أهمية الرسوم في كتب الأطفال وهل تعتبر تكملة للقصة وللمعنى فيها تضيف:

«للرّسوم دور مهمّ جدّاً في كتب الأطفال، لا بل القصّة من دون رّسوم غير مرغوبة أبداً. وعلى الرّسَّام أن يكون بارعاً في ايصال الفكرة من خلال رسوم جذّابة قريبة من خيال الطّفل. وكلَّما انسجم الكاتب والرَّسَّام في الفكرة كلَّما أنتجا معاً عملاً ناجحاً يجذب الأطفال إليه».