«ذكريات الحجارة» و«ضوء وظلال» و«بصمات مدينة»

محطات تشكيلية تحتفي بفنانين من لبنان وكوريا

نشر في 02-04-2017
آخر تحديث 02-04-2017 | 00:05
محطات ثلاث تضمنتها روزنامة بيروت التشكيلية في مارس الماضي، تشكّل تنوعاً في الأساليب والتقنية، وتعطي صورة بانورامية عن الحياة في المدينة، فضلاً عن إلقاء الضوء على الفن الكوري من خلال مجموعة من الرسوم لفنانين كوريين.
تطرح أعمال سعيد بعلبكي الأخيرة المعروضة في متحف سرسق ببيروت علامات استفهام حول آليات الإدراك في فضاء المتحف، وبناء المعارف داخل هذا الفضاء، والمصداقية التي يضفيها الجمهور على الأعمال المعروضة في المتحف.

يهتم بعلبكي بطرح تساؤلات حول السلطة والنفوذ اللذين تتمتّع بهما المتاحف والمؤسسات الثقافية، وتأثير الثقافة، والإيديولوجيا، والأسطورة في كيفية مشاركتنا في الاستهلاك الثقافي.

يقدّم بعلبكي أعماله بدءاً من السلسلة المنجَزة بالطباعة الحجرية «ذكريات الحجارة» (2012-2015) التي أُنتِجَت انطلاقاً من نصوص لغريغوري بوشاكجيان، وفاليري كاشار، ومروان كساب باشي، وصولاً إلى اهتمامه بالتاريخ وفعل كتابة التاريخ في سلسلته المؤلفة من ثلاثة مجلدات «البراق»(2006 - الزمن الحاضر)، وبحوثه المستمرة حول حياة الفنان الفلسطيني-الألماني يوسف عبو، وأعماله. وجرت مناقشة لأعماله في 23 مارس مع الفنان غريغوري بوشاكجيان.

سعيد بعلبكي (مواليد 1974، لبنان) مقيم حالياً في برلين. درس الرسم في معهد الفنون الجميلة، بيروت (1998)، وإدارة الفنون في عمان، وجامعة Universität der Künste، برلين؛ حائز ماجستيراً في اختصاص «الفن في السياق» في جامعة الفنون، برلين. من الأماكن التي عرض فيها أعماله معهد العالم العربي، باريس (2013)، وغاليري رافيا، دمشق (2010)؛ ودوم سيتي سنتر، بيروت ( 2009)؛ ووايلد غاليري، برلين (2008).

غريغوري بوشاكجيان مؤرّخ فني ومصور فوتوغرافي مقيم في بيروت. أستاذ في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)-جامعة البلمند، تتمحور أبحاثه حول الفن اللبناني والعربي الحديث والمعاصر. نال أخيراً شهادة دكتوراه في جامعة باريس 4 السوربون، وكان عنوان أطروحته «مساكن مهجورة في بيروت: الحروب وتحوُّل الحيّز المديني 1860-2015».

أزهر المشهد الفني الكوري خلال العقود الماضية، وأثبت حضوره في سوق الفن الدولي. اليوم، يحتفل معرض «ضوء وظلال» في «أوبرا غاليري»

(16 مارس - 1 أبريل) بالفنانين الكوريين عبر عرض مجموعة مختارة من أفضل الأعمال الفنية الكورية.

تأثر تاريخ الفن بماضيه وثقافته الغنية وفلسفة الحياة المستوحاة من كونفوشيوس. في الستينيات من القرن العشرين، شهد المشهد الفني تنوعاً، وواجه نوعين من الممارسات الفنية: أكاديمي مقابل الحركة غير الرسمية، مستوحاة من الغرب والتعبيرية التجريدية. عندها أدرك الفنانون أنه يمكن أن يدرجوا معارفهم الأكاديمية في الممارسة الجديدة للفن، واستخدام وسائل وتقنيات جديدة.

في سبعينيات القرن الماضي أسقطت الحركة الجذور وتحولت حركة الفن نحو الطبيعة، واستخدمت ورق هانجي التقليدي، واحتفلت اللوحات بالبيئة، والفلاحين، وانتقدت إضفاء الطابع الأميركي على المجتمع الكوري، والاستهلاكية والإمبريالية. وبرز في تلك الفترة تركيز على الطبيعة، وعلى النحاس في النحت، وتحويل لحام الأشجار إلى شكل الإنسان لتمجيد الطبيعة...

يتأرجح بعض الأعمال بين اللوحة التقليدية وبين الإمكانات الجديدة، عبر استخدام الورق الكوري التقليدي بطريقة غير متوقعة، أظهرت مرونة في مواجهة التغيرات في العالم.

الطيور، والكرز، وحركة الأشجار والرياح، تستعير حركتها من حرية وهمية، فيما الرجال والنساء يبرزون في اللوحات كأنهم يتأملون الحياة والمجتمع الذي يعيشون فيه. وتعكس ملامحهم هشاشة الحياة وحقيقة أن الجسم هو الأمر الحقيقي الوحيد الذي يبقى مع المرء بعد الموت، على عكس الأشياء المتراكمة خلال حياته.

تعتبر اللوحات صورة عن الفن الكوري اليوم، ومدى حيويته وتناقض القوة والرغبة في الحياة.

«بصمات مدينة»

يضمّ معرض «بصمات مدينة» في «آرت سبايس غاليري» (21 مارس- 15 أبريل) أعمال ثلاثة فنانين مقيمين في بيروت يعتمدون على حياة المدينة والثقافة في الماضي والحاضر كإلهام لأعمالهم الحالية. تجمع ميراي عادل مرهج بين الرموز والرسوم المتحركة القديمة والرموز الصناعية لتشكل رسوماتها الدقيقة الإيكونوغرافية التي تحتوي على ذاكرتها وأحلامها عن بيروت.

أما رانيا حمود عطوي فتجد الإلهام في منطقة كورنيش بيروت، أحد الأماكن العامة القليلة في المدينة، حيث يمارس الأشخاص الذين تلتقيهم رياضة المشي، أو يرقصون ويدخنون.

بدوره يجسّد رياض نعمة، عبر استعمال الطوابع البريدية، التناقض بين إصدارات الحكومة وصور الناس على الطرقات، وأبطال الروايات اليومية التي تعمل خلافاً للقصص الرسمية وتاريخها.

تشير هذه المجموعة من الأعمال إلى كيفية العيش مع بعضنا بعضاً لنكوّن علاقة مع من نشاركهم المكان والزمان، فنؤسس لثقافة حضارية وكونية ونتعلم كيف نحب المدن ونعيش فيها.

back to top