في آخر مرة عبرت فيها من مطار الكويت مسافراً، أصابتني غصة في النفس وشعور بالحزن وأنا أشاهد موظفين آسيويين وأفارقة يقومون بمهام تفتيش المسافرين، وهم يحملون شعار شركة خاصة أجنبية في منظر فريد لا يوجد له مثيل في العالم، وهو أمر يمس هيبة البلد وصورتها المحلية والعالمية، فلا توجد حكومة تتنازل عن أي جزء من المهام الأمنية لحدودها الدولية لغير أجهزتها العسكرية البوليسية والدفاعية والجمركية.

الشكل العام عند بوابات دخول صالة المسافرين في مطار الكويت غريب وبائس، موظفو شركة خاصة بملابس رثة لا يجيدون لغة البلد الذي يعملون في مطاره، وفي حالة جدال مع مسافرين لأنهم لا يتكلمون اللغة العربية، ولا يوجد أي عسكري يحمل شعار البلد الرسمي الذي يمثل مطار الكويت، نقطة حدوده الدولية بجانبهم!... إنه منظر محبط وصراحة يصل إلى حد الإهانة لي كمواطن كويتي في رسالة مختصرة مفادها أن حكومة بلدي فشلت في إدارة هذا المرفق المهم أمنياً.

Ad

للأسف، وزارة الداخلية لم تنجح على مدى سنوات في خلق قوى عسكرية منضبطة لتتسلم نقاط تفتيش المسافرين في مطار الكويت الدولي، ما أدى إلى مضاعفات سلبية كبيرة تطلبت إنزال رحلات الطيران المنطلقة من الكويت في نقاط تفتيش قبل هبوطها في مطارات معينة في العالم، ولكن هذا لا يعني أن تستسلم الدولة لهذا الأمر، بل كان يجب أن تبحث عن البدائل التي تحفظ هيبتها وصور سيادتها الرئيسية على حدودها الدولية.

قبل سنوات اقترحت بعد تهديد سلطات المطارات الفدرالية الأميركية بمنع الرحلات القادمة من الكويت من الهبوط في مطاراتها، بسبب ادعائها بوجود خروقات أمنية في نظم التفتيش والسيطرة في مطار الكويت، نقل مسؤولية أمن مطار الكويت إلى قوات خاصة منضبطة وذات تدريب مختلف في وزارة الداخلية، وإن لم تستطع ذلك فيجب أن توكل المهمة إلى الحرس الوطني.

بالتأكيد ما يحدث في مطار الكويت والصورة السلبية له على مظهر الدولة العام من تسيب وسوء إدارة، وما يحدث من إسفاف وابتذال في قاعة عبدالله السالم بمجلس الأمة بين النواب منذ سنوات، وأيضاً أسلوب إدارة الحكومة للبلد، ينعكس كل ذلك على الأجهزة الرسمية ومظاهر سيادة الدولة والانضباط فيها، والتي كانت سابقاً تمثل الريادة في التطوير والتنمية ومثالاً لدولة القانون والمؤسسات... فأي أسف وأي حسرة على ما نحن عليه اليوم؟!